عربدة "بن غفير" مستمرّة..

تقرير: قانون "إلغاء الإفراج المبكّر": تعميقٌ لمعاناة الأسرى في سجون الاحتلال

الأسرى.jpg
المصدر / بوابة الهدف الإخبارية

مركز حنظلة_غزة

يقود وزيرُ ما يسمى بالأمن القومي الصهيوني "إيتمار بن غفير" منذ توليه الحكم، حملةَ تحريضٍ وتصعيدٍ كبيرةً ضدّ الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، متمثلةً بإصدار قوانين تستهدفهم وتضيّق الخناق عليهم، وآخر هذه القرارات "إلغاء الإفراج المبكّر" عن الأسرى قبيل موعد انتهاء محكوميتهم، حيث دخل حيّز التنفيذ يوم الجمعة الماضي.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا القانون هو الرابع من سلسلة قوانين سابقة أصدرها "بن غفير" على مدار 6 أشهر، التي تهدف إلى تشديد الخناق على الأسرى، ومن بين تلك القوانين تحديد الزيارة بنصف ساعة كل شهرين، وتقليص القنوات التلفزيونية، واقتصارها على القنوات العبرية، وتقليص كميات الطعام والخضار والفواكه والكانتينا، وتقليص العلاج، ودمج الأسرى، وتعطيل العمل بالهيئات التنظيمية، وغيرها من الإجراءات.

تعقيبًا على ذلك، يؤكّد مسؤول مكتب الشهداء والأسرى والجرحى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عوض السلطان، لـ "بوابة الهدف"، أنّ "إصدار بن غفير قرار إلغاء الإفراج المبكر عن الأسرى الفلسطينيين، يأتي ضمن سياسةٍ صهيونيةٍ ممنهجة تهدف لتعميق معاناة الأسرى بالسجون ومضاعفتها".

ويشرح السلطان، قانون "الإفراج المبكر" الإداري، بالقول: "يعطي الصلاحية لمدير السجن اتخاذ قرار تخفيض مدة حكم الأسير الفلسطيني، وينص القانون على أن يخصم للأسير في العامين الأول والثاني لسجنه 21 يومًا عن كل عام من فترة حكمه، أما في السنة الثالثة، فتخصم 7 أيام شريطة أن لا تزيد فترة خصم الحكم عن 6 أشهر".

ويقول السلطان، إنّ "القرار يحرم الأسرى من حقوقهم التي كفلتها المواثيق والاتفاقات الدولية، وهي أنّ من يقضي ثلثي المدة يأخذ ما يسمى بـ"المنهلي"، لكنّ مصلحة السجون بدعم وإيعاز من "بن غفير" وحكومة الاحتلال أرادت سن القوانين، التي على رأسها قانون "إلغاء الإفراج المبكر" عن الأسرى، وهذا يظهر عنصرية الاحتلال وفاشيته الذي يريد قتلهم معنويًّا وقسريًّا، وتهدف لكسرهم وثنيهم عن طريق النضال".

ويضيف مسؤول مكتب الشهداء والأسرى والجرحى في الجبهة الشعبية، أنّه "لن يتمكن الأسرى بعد الآن من إطلاق سراحهم إداريًّا بسبب هذا القرار، بالرغم من أنّه كان قبل تنفيذ القرار يتم إطلاق سراح مئات الأسرى في كل عام من أصحاب المحكوميات الخفيفة، لأسباب عدّة، منها ازدياد أعداد الأسرى، والاكتظاظ وعدم وجود فراغ للأسرى في السجون"، مشيرًا إلى أنّ "بن غفير يعدّ الإفراج المبكر من ضمن تحسين حياة الأسرى، ولذلك لا يريد التخفيف عنهم خصوصًا المرضى منهم، وهذا يدلل على سياسة التفرد بالأسرى التي يتبعها "بن غفير" بحقهم".

وبشأن انعكاسات القرار على الأسرى تحديدًا المرضى منهم، يلفت السلطان، إلى أنّه "يهدف إلى القضاء على من يعانون وضعًا صحيًّا خطيرًا، ما يعني تعمّد قتلهم، مثل استهداف حياة الأسير وليد دقة الذي ما زال الاحتلال يرفض الإفراج عنه رغم انتهاء محكوميته وحتى بعد تشخيص إصابته بمرض التليف النقوي Myelofibrosis وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم في 18 كانون الأول 2022"، مبينًا أنّ "اكتظاظ الزنازين والسجون يزيد من معاناة الأسرى وينتشر بداخلها الأمراض، خصوصًا في ظل افتقاد السجون لأدنى أساسيات الحياة والمقومات الإنسانية".

ويشير السلطان، إلى أنّ "بن غفير يتخذ بين الفترة والأخرى قرارات يستهدف فيها الأسرى، وذلك بشكلٍ تدريجي خشيّةً من رد فعل الأسرى الفلسطينيين داخل السجون"، موضّحًا أنّ "قرار بن غفير متطرّف وشعبوي، يريد من خلاله استخدام الأسرى معادلةً حسابيةً داخل كيان الاحتلال، تحديدًا في الانتخابات الصهيونية، وحصد مزيدٍ من الأصوات وكسب الرأي العام لصالحه، من خلال سن قوانين تضيق على الأسرى".

بدوره، يقول المختص بقضايا الأسرى د. رأفت حمدونة، إنّ "بن غفير" كان مسؤولًا مباشرًا عن إدارة "مصلحة السجون"، حيث زار العديد من السجون والمعتقلات، من ضمنها سجني "النفحة والنقب"، وحينها كان يهدد ويتوعّد الأسرى بالمزيد من التضييق"، مضيفًا أنّه "عندما تولّى ما يسمى مسؤولية الأمن الداخلي، شدّد القوانين مثل "إلغاء الإفراج المبكر" عن الأسرى، وسحب المخابز وتقليص استخدام المياه، والإعدامات للأسرى، واكتظاظ الغرف، ومقترحات قانونية أخرى استهدفت جميع حياة الأسرى وتفاصيلهم على صعيد التعليم والزيارات".

وتعقيبًا على استخدام الأسرى في رهينة المزايدات السياسية الصهيونية، يبين حمدونة، أنّ "بن غفير يتعامل مع موضوع الأسرى على أنّه منافسة حزبية سياسية، ويحاول من خلال التضييق على الأسرى أن يكسب القدر الممكن من الجمهور، ويحاول أن يرضي الجمهور اليميني المتطرف من خلال التعامل مع قضية الأسرى على أنّها سياسية بحتة".

ويوضّح حمدونة، أنّ "قرارات بن غفير ليست الأولى، بل سبقها العديد منها منع الزيارات وسحب للمخابز، والإعدامات للأسرى وتقليص المياه، وأخيرًا قانون "إلغاء الإفراج المبكر" عن الأسرى، وهو مقترح من بن غفير"، مبيّنًا أنّ "جهاز "الشاباك" حذّر من هذا المقترح، بالقول: "عدم الإفراج المبكر عن ذوي الأحكام الخفيفة من شأنه أنّ يزيد من الضغط والاكتظاظ في السجون، خصوصًا في ظل زيادة الاعتقالات اليومية، وسيؤدّي ذلك إلى ثغرةٍ أمنية"

وحول معاناة الأسرى من هذا القرار، يلفت حمدونة، إلى أنّه "سيزيد ويضاعف من معاناتهم داخل الأسر، حيث سيمكث الأسير مدته كاملة حتى آخر لحظة من حكمه، ولن يأخذ أي امتيازٍ داخل الأسر، في مقابل إعطاء امتيازاتٍ للمعتقلين اليهود، وهذه تمثل عنصرية وتمييزًا واضحين من قبل الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى زيادة نسبة الاكتظاظ في سجون الاحتلال، حيث لكل أسير مساحة ممنوحة له وفق إدارات مصلحة السجون، وإذا ما قورنت بسجونٍ أخرى، فهي سجونٌ تجد فيها الكثير من المعاناة؛ لأنّ المساحة الممنوحة للأسير أقل بكثير مما حددته المنظمات الدولية"

ويتابع حمدونة: "غالبية الأسرى الذين يتم اعتقالهم ويستقبلهم الأسرى داخل السجون في حاجةٍ إلى احتياجاتٍ مثل الأغطية والأحذية والملابس، وهذا يقع على عاتق الأسرى القدامى تجاه الجدد، الذي من شأنه زيادة معاناة الأسرى في ظل منع الزيارات وعدم السماح لإدخال احتياجات الأسرى من قبل الصليب الأحمر".

وفيما يتعلّق بقانونية القرار من عدمه، يشير المختص بقضايا الأسرى، إلى أنّ "القرارات التي تصدر من كيان الاحتلال، بما فيها قرارات "بن غفير" ليست قانونية، والأسرى لهم حقوقٌ أساسية وإنسانية نصت عليها الاتفاقات الدولية، وهذه المواد المؤكّد عليها دوليًّا لها علاقةٌ بنوعية الطعام والشراب، واحترام الشعائر الدينية وانتظام الزيارات والتعليم والثقافة"، مؤكدّا أنّ "القرار من الناحية القانونية كما سبقها من قراراتٍ منافيةٍ لكل الاتفاقات الدولية التي تؤكّد على الحقوق الإنسانية والأساسية للأسرى الفلسطينيين"

ويُشار إلى أنّ قرابة 5000 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال بينهم 31 أسيرة يقبعن في سجن "الدامون"، و160 طفلًا وقاصرًا، موزعين على سجون (عوفر، ومجدو، والدامون).

تقرير: أحمد زقوت    مُحرر ومُعد تقارير - بوابة الهدف - غزة