كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

سجال بين عرابي ذوقان ومخيم بلاطة

IMG_٢٠٢١٠٤٠٥_١١٣٥٢٢.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي

يقف مخيم بلاطة على رؤوس أصابعه تُيقظ أوجاعه جلبة قادمة من خارج الأزقة المخنوقة...
قادم من بعيد يقترب يجثو على ركبتيه بين يدي المخيم ويُعرف بنفسه أنا السجين العائد من المحرقة....
تَمُد البيوت المتلاصقة أصابعها المجروحة تتلمس وجنتي القادم من بعيد وقد خطها الشيب وغزتها التجاعيد.... وتسأله مرة أخرى من أنت.
كل أبنائي دخلوا المحرقة وكل دمائي عُلقت على المشنقة...
فأي من هؤلاء أنت....
يجيبها العائد أنا عُرابي ذوقان خرجت من هنا في غزوة قبل ثمانية عشر عاماً....
مات حصاني في الطريق.... لَفَحَت النار ذراعي وشراعي...ولوح وجهي الحريق...
تتنهد البيوت بعمق وأناة.....تفتح شبابيكها أبوابها ومسالكها المتعرجة وتتبسم فيلمع بين شفتيها ألف ألف شهيد....
وتقول عرفتك يا حبيبي....
ولكن قلي أين بقية من خرجوا معك في غزوتك
أين علام وناصر وياسر....
ثم أين أمير أبن أمك وأبيك...
أتراك أضعتهم في الطريق
ينتصب العائد على قدميه ويقول يا جارة الشمس 
ليس مثلي ينسى... أو يُضَيَع في المعارك بعضاً من جسده....
لقد تناثر من ذكرتيهم في زمن المواجع
علام غُرس نخلة برية على شاطئ غزة...
وأزهرت إلى جواره زنبقة نابلسية ومعا رسموا في المدينة المحاصرة أربع أطفال كالياسمين
ناصر لا زال يقاتل في المحرقة
وياسر هجع في قبر عال يستريح قبل أن يعود لساح المعركة
وأمير يقاتل مع علام على الساحل الجريح
أنسيتي أنهما أقسما مراراً ألا فراق في السجن أو القبر أو عباءات الريح...
بعد أن أفاض القادم بحديثه رفعته البيوت إلى الأسطح ومنها أخذ طريقة للشمس 
ثم هبط في حضن والدته ونام عميقاً 
قبل أن يصحوا أطل الرفاق شاكي السلاح
حملوه على الأعناق ومضوا 
يغنون عريسنا زين الشباب
وتردد خلفهم مقابر الشهداء ومحاجر الأحياء...
زين الشباب عريسنا


يوم غد الثلاثاء 6/4/2021 سيتحرر الأسير عُرابي ذوقان من سجون الاحتلال بعد ثمانية عشر عاماً من الاعتقال , سيعود لمخيم بلاطة بينما شقيقه أمير ذوقان وصديقه علام كعبي مبعدين إلى قطاع غزة وباقي رفاقه وأصدقائه الذين قاتل معهم بدايات انتفاضة الأقصى موزعين على السجون والمقابر وساحات الصراع التي لا تهدأ.