كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي

عندما تنتحر القوانين وتُضحي الأسماء طبلاً أجوفاً

images (9).jpeg

بقلم: دعاء الجيوسي

عام 1863 وُلِد على ظهر كوكبنا مُنظمة عُرفت باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر وقالت حينها إن مهمتها الحفاظ على قدر من الإنسانية في خضم الحروب وضبط سلوك المُنخرطين فيها...ومن رحم هذا الشعار ولد ما سَيُعرف لاحقاً بالقانون الدولي الإنساني الذي تشكل اتفاقيات جنيف حجر أساسه.

حتى هنا تبدو الصورة مُشرقة تحفظ للإنسان كرامته أو على الأقل تُحاول ذلك في عالم باتت الحروب والخضوب بندول حياته الذي يتحرك برتابة مقيتة...وهي فعلاً كذلك إذ تحفظ للأقوياء حقهم في الحياة والمعاملة الإنسانية إن هم وقعوا أسرى أو قادتهم الخطى بقصد أو بدون للمربعات المشتعلة في هذا العالم.

أما حين تنقلب زاوية الرؤية لتنظر للشق البائس من كوكبنا هذا الذي يُطلق عالماً ثالثاً أو نامياً ينقشع كل الغبار فتعلم أن ما تتدرع به وتستقله أنت وأمثالك من قوانين دولية ليس حصاناً ولا حمارا ولم يرقى بعد لدرجة الكائنات الحية التي يُمكنها أن تغادر أماكنها....

فلا الشعارات التي ترفعها منظمة الصليب الأحمر ولا قصة تأسيسها الغارقة في المثالية على يد السويسري جان هنري دونانت ولا فزعة أهل بلدة سولفرينو الإيطالية لإسعاف الجرحى النمساويين والفرنسيين تُجدي نفعاً ،كلها سراب وخطوط حبر سجينة كتب دونها من هو ليس منا ويبدو أنه لم يفكر فينا ولن يفعل ذلك أبداً....

ارفع بصرك للصومال واليمن والعراق ولبنان وابحث للقوانين والمؤسسات الدولية عن مسوغ يبقيها على قيد الحياة لن تجد.... كرر النظر الي فلسطين سيرتد إليك...خاسئا وهو حسير وكسيرا وضريرا إن لم يعد لديك بشهادة من الصليب الأحمر أنه بات أسيراً.

قصص كثيرة للزيارات الشكلية لطواقم الصليب الأحمر للسجون التي تُقتل فيها الإنسانية يومياً...ومعاناة لفلسطينين اعتقلوا جرحى أو إنتزع التعذيب أرواحهم قطرة قطرة وأبلغوا مندوبي الصليب بذلك دون أن يتحرك أو يُحرك ساكناً...ومآسي لأباء وأمهات ركضوا على أبواب المؤسسات الدولية صباح مساء ليعرفوا مصير معتقل أو معتقلة وعادوا بالأسى والخيبة صليباً يحملونه على ظهرورهم......

إن كل المسميات و من يحملها أشهرت للعالم شهادة عجزها وموتها الذي يبدو أنها لن تعود منه إبداً إلا إن قررت أن لشعبنا وأسراه جزءً من حقوق البشر والقوانين التي تحفظ عليهم حياتهم وكرامتهم.