كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

الأسرى يَحُلون بدائرة الخطر تباعاً..فيفتحون كوة في جدار الصمت ويُعَرون المواقف.

27972f40-fdec-4e4c-ac41-53519997a386.jpg
المصدر / وكالات

تقرير : دعاء الجيوسي.

أفادت مصادر الحركة الأسيرة بأن سلطات الاحتلال نقلت الأسير عايد خليل صباح اليوم من سجن إيشل إلى مشفى سوروكا بعد تدهور حالته الصحية , إن قرأنا الخبر وصولاً لعلامة الترقيم السابقة يبدو أنه من النوع التي يُمكن للعقل استقبالها ولكن ما أن تفتح ملف أبن طولكرم عايد خليل تجد سيلاً من المعلومات والشهادات التي تشي بسوء الحال وصعوبة المآل للأسرى عموماً وللقدامى والمرضى على وجه الخصوص.
فعايد المولود عام 1966 لم يكن يشتكي من أي مرض أو حتى ضعف في الجسد الذي بدأت السجون تلتهمه شيئا فشيئا عند إعتقاله الأول عام 1989 , كانت الأمراض في حينه تتسلل الى جسده برويه وتمهل فحُكم المؤبد الذي يقضيه يُعطيها الفرصة لِتُكمل مهمتها على خير وجه وهذا ما كان إذ أمضى في السجون إثنان وعشرون عاماً قبل أن تُحرره صفقة وفاء الأحرار عام 2011  بعمر إستلب القيد أجمله وجسد إستوطنت فيه أمراض السكر والضغط وصممت ألا تُغادره.
في السنة التالية لتحرره تزوج خليل بفتاة كرماوية وبدأ يبني لما تبقى من أيامه بيت عائلة يعطي دفئا لسنوات جللها البرد والحرمان...توالت أيامه فأنجب ثلاثة أطفال لم تتفتح أعينهم على صورته ولم يميزوا إسمه ولا رسمه حيث عاد للسجن بتاريخ 14/6/2014 ولكن بشكل غير الذي ولج فيه عتم القيود أول مرة فقد عاد كهلاً يحمل على عاتقه وجع السنين وعبئ أسرة تركها ولما تخطوا أولى خطواتها للحياة بعد....
ربما افتقاد العائلة أو إعادة حُكم المؤبد , أو وجع إثنان وعشرون عاماً سيطرت أخيراً على جسد خليل وربما عوامل أخرى تبلورت في السجون أو عمليات قمع شهدت عليها القيود والجدران العالية أو ربما أسباب أخرى لا نعلمها ولكن يدركها جيداً من سجن الرجل وهو في عمر الزهور أول مرة ثم أعاده للسجن كهلاً هي التي أوصلته للحالة الصحية الصعبة التي يعانيها.
أياً كانت الأسباب فالمسبب واحد شاهر وقاهر ومعروف إنه الاحتلال الذي يشكل وجوده نقيضاً ذاتياً وموضوعياً لحياتنا ووجودنا على أرضنا....وهذا المسبب لا يكتفي بجرائمه المباشرة فيعمد لأساليب أخرى تزيد قبح الجريمة وتضاعف تأثيراته فأسرة عايد خليل لا تعرف شيئا عن حالته إذ تؤكد زوجته أن ما تسرب لها هو أن زوجها أٌخضع لعملية قسطرة قلبية في مكان لا تعلمه وربما هو كذلك ومن ثُم جرى نقله إلى مشفى سوروكا في حالة صعبة.
وما بين وجيعة فقدنا لأسير رحل وخشيتنا على آخر يُصارع المرض نجد أنفسنا لا زلنا على صليب حيادنا نجتر الأحزان ونُحصي أعماراً أكلتها السجون وأرواحاً أزهقها إحتلال لا زال البعض بين ظهرانينا للأسف لم يحسم طبيعة وشكل الصراع معه.