بقلم الأسير: كميل أبو حنيش

مقال بعنوان: نطاح الكباش في دولة الأوباش (الحلقة الثالثة)

كميل أبو حنيش.jpg

خاص_مركز حنظلة

الحقلة الثالثة:  نتنياهو... ذروة المشروع الصهيوني 

يُمثل بنيامين نتنياهو ظاهرةً سياسيّةً ملفة غير مسبوقة في تاريخ الدولة العبرية، وصل لحدّ إلى أن عدّه بعض الخبراء بالشأن "الإسرائيلي" أنّه أهمّ شخصيّة سياسيّة في تاريخ "إسرائيل".

فقد أظهر نتنياهو طوال فترة حكمه التي تجاوّزت خمسة عشر عامًا حنكةً سياسيّةً مميزة، وبراعة في إدارة مؤسسات الدولة، ومقدرة وكفاءة في تحويل الأزمات الداخلية والإقليمية والعالمية إلى فرصٍ تستفيد منها "إسرائيل".

كما وأظهر طموحًا منقطع النظير في نقل "إسرائيل" إلى مصاف الدول العظمى، وشهوة مرضية للإمساك بزمام السلطة حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة الدولة.

علاوةً على رؤيته الاستراتيجية وسياساته العنيدة في تحويل "إسرائيل" ليس إلى دولة إقليمية عظمى وحسب، وإنما لدولة ذات وزن عالمي.

أما على صعيد الأمن والاقتصاد والعلاقات الدولية والتكنولوجيا المتقدمة، وملف التسوية مع العرب، فقد وصلت "إسرائيل" في عهد نتنياهو إلى قمة مجدها وازدهارها، وأثبت أنه تلميذ نجيب لهرتزل وتصوراته عن دولة اليهود، وجابوتنسكي وتصوراته الأيديولوجية في إدارة الدولة داخليًّا، وقوتها الرادعة للخصوم، علاوةً على أنه حاول التفوق على بن غوريون في توسيع مدى المجال الأمني القومي "الإسرائيلي" ليتصدى للمنطقة العربية، ويصل إلى حدود الصين شرقًا وأوروبا شمالًا والولايات المتّحدة والقارة الأمريكية الجنوبية غربًا، والقارة الأفريقية جنوبًا. وفي داخل حزب الليكود حاول طمس صورة القادة التاريخيين للحزب كمناحيم بيجن واسحق شامير وارئيل شارون ودافيد ليفي، مكرّسًا صورته زعيمًا أوحد لا نظير له ليس في الحزب أو معسكر اليمين فحسب، وإنما في تاريخ "إسرائيل" على الإطلاق.

وُلد بنيامين نتنياهو عام 1949 في تل أبيب، لأسرةٍ من أصول بولندية، وكان والده "بن تسيون نتنياهو" قد هاجر مع والديه من بولندا إلى فلسطين عام 1920، ونشط سياسيًّا، وكان من أتباع الحركة الصهيونية التصحيحية بزعامة زئيف جابوتنسكي. لكنه هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1939، وهناك تعرف إلى جابوتنسكي، وتشبع بأفكاره اليمينية، وأصبح سكرتيرًا له.

وبعد الإعلان عن الدولة الصهيونية عام 1948 هاجر ثانيةً من الولايات المتحدة إلى "إسرائيل"، وأمضى عشرة أعوام حتى سنة 1958، وخلال هذه الفترة أنجب ابنيه يوني وبنيامين، لكنه عاود الهجرة إلى الولايلات المتحدة بعد أن أخفق في تبوأ موقع ملائم داخل حزب ميروت الذي كان يقوده مناحيم بيغن، وعدّه قادة الحزب، رجلًا انتهازيًّا لم يقاتل في حرب "إسرائيل" المصيرية عام 1948، وآثر السلامة والمصلحة الشخصية.

في الولايات المتحدة، وحين سنحت له الفرصة، عاد وهو يحمل طموحات شخصية لا يستحقها.

كان بن تسيون نتنياهو يحمل شهادة الدكتوراة في التاريخ، ويتبنى الأيديولوجيا اليمينية التصحيحية التي تشربها مباشرةً من جابوتنسكي، حيث صرف جهدًا ووقتًا ثمينًا في تنشئة أبنائه يوني وبنيامين تنشئةً يمينة، وزرع فيهما منذ الصغر الأفكار الصهيونية العنصرية، التي ترى بالنموذج الاستعماري الغربي الحاضنة الدائمة للمشروع الصهيوني، وبالعرب أعداءً طبيعيين لليهود، وكذلك التاريخ اليهودي بطريقة فجة، وهو ما سيظهره بنيامين نتنياهو فيما بعد برؤيته للتاريخ بصورةٍ تضليلية، ومراوغة، في كتاباته وخطاباته بعد أن غدا من أهم الشخصيات السياسية في "إسرائيل".

وخلال مراحل طفولته وبدايات شبابه تشبع بنيامين نتنياهو بالفكر الصهيوني اليميني، وبالثقافة الأمريكية الليبرالية، ولدى عودته مع العائلة إلى "إسرائيل" في أواسط الستينات التحق بالخدمة العسكرية عام 1967، وخدم في قوة النخبة في الجيش المعروفة " بدورية هيئة الأركان" (السييرت متكال) حتى عام 1972، وبعدها أنهى خدماته العسكرية، وهاجر إلى الولايات المتحدة، وواصل تعليمه الأكاديمي وحصل على بكالوريوس في الهندسة، ولشهادة في إدارة الأعمال، وأسهمت تلك المرحلة ببداية تفتّح وعيه السياسي، وفهم ما يجري في الولايات المتحدة، وقد بدأ يظهر مهاراته الخطابية والإعلامية، وأخذ يظهر بشكلٍ مكثّفٍ على شاشات التلفزة الأمريكية منذ عام 1973، مدافعًا عن مواقف "إسرائيل" والحديث عن أوضاعها وأوضاع المنطقة للرأي العام الأمريكي، وأتقن الوقوف أمام الكاميرا وإجراء المقابلات الصحفية.

أمضى في الولايات المتحدة حتى عام 1988، وأتاحت له اتقان اللغة الانجليزية إتقانًا متميّزًا، والإلمام بمجريات الحياة السياسية الأمريكية، ومراكز القوى والشخصيات الأكثر تأثيرًا. وعمل خلال هذه الفترة (1982) في السفارة "الإسرائيلية" في الولايات المتحدة، ثم عُين سفيرًا "لإسرائيل" في الأمم المتحدة سنة 1984، وأقام خلال هذه الفترة علاقات مميزة مع زعماء اللوبي الصهيوني، وأعضاء الطبقة السياسية الأمريكية، والإعلام، وبعض أصحاب رؤوس الأموال، وتكونت في تلك المرحلة أفكاره السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وفي عام 1986 نشر كتاب (الإرهاب: كيف ينتصر الغرب) دعا من خلاله إلى محاربة الجهات والدول التي تمول الإرهاب، إلى جانب قوى الإرهاب ذاتها، معتبرًا أن "إسرائيل" والغرب في خندقٍ واحد، ويواجهون عدوًّا واحدًا.

أنهى مهامه سفيرًا في الأمم المتحدة سنة 1988، وعاد إلى "إسرائيل" وقرر أن يدخل معترك الحياة السياسية، وأصبح خلال فترة من قادة تاريخيين كآرئيل شارون، وموشى كتساف، ودافيد ليفي، وموشي أرينز، وفاز برئاسة الحزب عام 1992 في أعقاب خسارة اسحق شامير في الانتخابات العامة مقابل اسحق رابين، وتمكن نتنياهو مع الوقت في إحكام السيطرة على الحزب، وإقصاء القيادات البارزة أو تهميشها، ونشر عام 1993 كتابه المهم (مكان بين الأمم) وهو الكتاب الذي يُلخص فيه نتنياهو آراءه السياسية والأيديولوجية، حيث لم يحد قيد أنملة عن مواقفه التي طرحها في الكتاب منذ ذلك الحين، وحتى اليوم. ويرسم نتنياهو في هذا الكتاب رؤيته المستقبلية لدولة "إسرائيل"، حيث تشكل هذه الرؤية امتدادًا للمواقف الكلاسيكية للقادة الصهاينة كهرتسل وجابوتنسكي تحديدًا.

ويرى أن القوة هي حجر الزاوية في البقاء وليس السلام، وأن ضمان لقاء "إسرائيل" قوية من شأنه أن يخلق ما أسماه بـ(سلام الردع)، وهو استنساخ لفكرة جابوتنسكي عن "الجدار الحديدي".

ففي تصوره للتسوية مع العرب يرى نتنياهو أن التطبيع وإقامة علاقات سلام مع "إسرائيل" يجب ألا يرتبط بشرط الحل السياسي للقضية الفلسطينية، رافضًا مقولة "الأرض مقابل السلام"، مدعيًا أن "إسرائيل" هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في منطقة تعج بالدكتاتوريات، وأن السلام في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يكون "سلام الردع فقط" أي القوة هي التي ستجبر العرب على قبول السلام مع "إسرائيل"، وذلك مشروط بالقبول بهيمنة "إسرائيل" الشاملة على المنطقة.

أما التسوية مع الفلسطينيين فهو يرفض بشكلٍ كامل فكرة الدولة الفلسطينية، وكذلك انسحاب "إسرائيل" من أي مكان من الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها الجولان، معتبرًا مناطق الضفة والجولان مناطق حيوية وجدارًا أمنيًّا طبيعيًّا للحفاظ على أمن "إسرائيل" وحماية حدودها وضمان مستقبلها.

كما ويرفض حق العودة وأي نوع من السيادة الفلسطينية على القدس أو تفكيك الاستيطان. أما الحل بالنسبة إليه فيجب ألا يتعدى الحكم الذاتي للفلسطينيين، وبسيادة "إسرائيلية" كاملة على الأرض والحدود والأجواء والثروات.

ويُعد الكتاب موجّهًا للغرب أكثر مما هو موجه للداخل، فقد أطنب نتنياهو في وصف العلاقة العميقة التي تربط "إسرائيل" بالحضارة الغربية وسياساتها وأهدافها، وأنها لن تتخلى عن دورها في حماية القيم والمصالح الغربية، وأنها ستظل صديقة وشريكة للغرب متماهية مع سياساته ضد الشرق المتخلف والاستبدادي.

مدّعيًا أن العرب لا يكرهون الغرب بسبب "إسرائيل"، وإنما العكس فهم يكرهون "إسرائيل" بسبب علاقاتها بالغرب. وتجدر الإشارة إلى أن صفقة القرن قد وردت بخطوطها العريضة في هذا الكتاب، وهو ما عزز الاعتقاد بأن نتنياهو هو من رسم هذه الخطة، وقدمها لترامب الذي تبناها كما هي، ومن دون أية تعديلات أو إضافات.

قلنا: إن نجم نتنياهو السياسي بدأ يسطع منذ أن تولى رئاسة الليكود عام 1992 خلفًا لشامير، ومعارضته الشرسة لاتفاقيات أوسلو، حيث ساعدته بلاغته الخطابية بالبروز الإعلامي، واستقطاب قطاعات واسعة من الشارع "الإسرائيلي"، وفي تعزيز مكانته وتأثيره داخل حزب الليكود ومعسكر اليمين. ونجم عن حدة الاستقطاب والتحريض بين المعسكرين المتناوئين، المعسكر المؤيد للتسوية، والمعسكر المعارض لها، اغتيال رئيس الحكومة اسحق رابين في نوفمبر 1995. واتهم نتنياهو من قبل خصومه السياسيين بالتشجيع على استخدام العنف، الذي أدى في نهاية المطاف إلى حادثة الاغتيال، ما أدى إلى بدايات إضعاف حزب العمل، بل عدّه البعض أنه وضع حدًّا لآمال التسوية.

وفي الانتخابات التي تم إجراؤها في أيار 1996، فاز نتنياهو بمنصب رئيس الحكومة مقابل السياسي المخضرم شمعون بيريس، وكانت هذه هي الحكومة الأولى التي شكلها نتنياهو، وكان عازمًا على تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي تضمن إلغاء اتفاقيات أوسلو أو على الأقل إحباط التقدم في عملية التسوية.

ولأسبابٍ متعددة، شهدت حكومته أزمات متعددة، بدأت بتصادم نتنياهو برفاق حزبه وأقطاب معسكره وشركائه في الائتلاف الحكومي، الذين أخذ الكثيرون منهم بالانفضاض من حوله والاستقالة من حكومته، ثم تصادم مع مؤسسات الدولة، ثم مع الفلسطينيين بعد أن رفض التقدم في تطبيق الاتفاقيات، كما وتصادم مع الولايات المتحدة التي كان يرأس إدارتها في ذلك الحين الرئيس بيل كلينتون، وشهدت سنوات حكمه الثلاثة توترات مع الأوربيين، ومع بعض الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام مع "إسرائيل"، خاصة مصر والأردن. فقد كانت تلك السنوات التي حكم فيها "إسرائيل"، اختبارًا صعبًا له، حيث أثبت فشله في إدارة الحكومة والدولة.

وجرى تبكير موعد الانتخابات التي أجريت في أيار 1999 وفاز مرشح حزب العمل ايهود باراك برئاسة الحكومة، وخسر نتنياهو المعركة، وقرر اعتزال السياسة، ولم يتوقع أحد أنه سيعود بعد عقد من الزمن ليتبوأ من جديد كرسي رئاسة الحكومة لفترة طويلة، ويمضي أطول فترة مكثها رئيس حكومة على كرسي الحكم في "إسرائيل".

لم تطل فترة اعتزاله السياسي لأكثر من عامين، حيث تولى منصب وزير المالية، ووزير الخارجية في حكومة شارون في أعوام 2001، و2002، وعاد وتولى منصب وزارة المالية في حكومة شارون الثانية بين أعوام 2003-2005.

وكان يزاحم شارون على زعامة الحزب، والحكومة، وأخذ يضيق الخناق عليه بعد الانسحاب من قطاع غزة، ليدفعه للانشقاق، وتأسيس حزب كاديما، وينسحب معه عدد من قادة ورموز حزب الليكود كأولمرت وتسفي ليفني وموفاز وديختر وتسامي هنغبي. وقد أصيب حزب الليكود بخسارة فادحة بسبب الانشقاق.

ولم يحصل الحزب الذي تولى رئاسته نتنياهو سوى على 12 مقعدًا في الانتخابات التي أجريت في آذار 2006 وهي أسوأ نتيجة يحصل عليها الليكود في تاريخه. غير أن نتنياهو لم ييأس وانهمك في ترميم الحزب، ومن موقعه رئيسًا للمعارضة أخذ يتهيأ للفوز برئاسة الحكومة، إلى أن تتحقق له ذلك بعد ثلاث سنوات، حيث تمكن بعد انتخابات عام 2009 من تشكيل حكومته الثانية، ومن يومها حتى اليوم لا يزال يمسك بزمام رئاسة الحكومة باستثناء العام الوحيد ( 2021-2022) حين فقد هذا الموقع لصالح بنيت ولابيد، قبل أن يعود ويتبوأ الموقع في عام 2022.

أظهر نتنياهو عزمه الشديد منذ عام 2009 وحتى اليوم على تجسيد رؤاه الاستراتيجية في تحويل "إسرائيل" إلى قوة إقليمية عظمى، وإخضاع المنطقة برمتها تحت الهيمنة "الإسرائيلية"، ولن يتأتى له ذلك إلا بالبقاء في كرسي رئاسة الحكومة لأطول فترة ممكنة، وبدأ يخطط لإحكام سيطرته التامة على حزب الليكود، وهيمنته على معسكر اليمين. والأهم من كل ذلك الهيمنة على مؤسسات الدولة من خلال إحداث تغييرٍ جذري في بنيتها.

كما وثابر على القضاء على خصومه السياسيين سواء داخل حزب الليكود أو معسكر اليمين، وكذلك إضعاف الأحزاب المناوئة، ووضع نصب عينيه تصفية ما تبقى من جيوب "اليسار" في مؤسسات الدولة، وتحجيم الأحزاب اليسارية وأحزاب الوسط. وقد تمكن نتنياهو من الفوز بالانتخابات كافةً التي جرت في الأعوام (2009-2013-2015) وشكل الحكومات المتتالية في تلك الأعوام، إلى أن جاءت لحظة الانتخابات التي جرت في نيسان 2019، التي أسست لاندلاع الأزمة الحالية التي تشهدها "إسرائيل".

وخلال تلك السنوات من حكم نتنياهو (2009-2019) أظهر الرجل حنكة سياسية وبراعة إدارية في إدارة الحكومة ومؤسسات الدولة، وإصرارًا منقطع النظير على الإمساك بزمام السلطة وتنفيذه لمجمل تصوراته وأهدافه السياسية.

فلقد وصلت "إسرائيل" في عهده ذروة مجدها، وتحقّقت لها إنجازاتٌ هائلةٌ على صعيد الاقتصاد والأمن والعلاقات الخارجية والعلوم والتكنولوجيا والتطبيع مع بعض الأنظمة العربية.

فعلى صعيد الاقتصاد باشر نتنياهو في تحديث الاقتصاد والقضاء على ما تبقى من القطاع العام، وخصخصة المرافق العامة، والتركيز على الصناعات التقنية العالية، وتعزيز اقتصاد السوق، والتَحوّل الكامل إلى نهج الليبرالية الاقتصادية الجديدة.

وقد تعزز اندماج الاقتصاد "الإسرائيلي" بالأسواق العالمية وتوسيع التجارة والعلاقات الاقتصادية مع الدول الكبرى - الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والهند والصين واليابان. وتنامت العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج ومع عشرات البلدان الآسيوية والأفريقية. وقد أسهم اكتشاف حقول الغاز في البحر المتوسط في انتعاش الاقتصاد "الإسرائيلي"، وارتفاع النمو الاقتصادي من سنة إلى أخرى، إلى أن وصلت "إسرائيل" إلى حالة التوظيف الكامل لليد العاملة.

وللمقارنة في الأرقام فقد كان متوسط الدخل الفردي عام 2000 يصل إلى نحو 19 ألف دولار ونسبة البطالة تناهز 9%، وفي عام 2012 ارتفع دخل الفرد ليصل إلى قرابة 33 ألف دولار، وانخفضت البطالة إلى حدود 7%. وفي عام 2017 ارتفع دخل الفرد إلى أكثر من 40 ألف دولار، وانخفضت نسبة البطالة إلى حدود 4%. فيما وصل حجم الناتج القومي الإجمالي في العام 2017 إلى 350 مليار دولار. وحاليًّا يناهز الناتج القومي الإجمالي 380 مليار دولار، ويصل دخل الفرد إلى حوالي 45 ألف دولار.

أما على صعيد العلاقات الخارجية، فقد نشط نتنياهو نشاطًا هائلًا في الاستثمار في العلاقات الدبلوماسيّة والسياسيّة مع مختلف دول العالم، وزار عشرات البلدان، وسعى بشكل حثيث لتعزيز علاقاته الشخصية مع رؤساء الدول الكبرى لا سيّما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكانت السنوات التي أمضاها ترامب في البيت الأبيض سنوات ذهبية بالنسبة لنتنياهو حيث استطاع أن يتحصل على إنجازات من الولايات المتحدة، لم يكن بمقدور أي رئيس حكومة "إسرائيلي" آخر أن يتحصل على واحدة منها بسهولة.

فبالإضافة إلى المساعدات الاقتصادية والمالية والعسكرية والدبلوماسية الكبيرة التي حظيت بها "إسرائيل" في عهد ترامب، استطاع نتنياهو إقناع ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإغلاق مؤسسات منظمة التحرير في واشنطن، ووقف الدعم عن الأونروا، والاعتراف بشرعية الاستيطان في الضفة، والاعتراف بسيادة "إسرائيل" على هضبة الجولان السورية، وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران. لكن أهم ما أنجزه نتنياهو في حقبة ترامب، يتمثل بتوقيع أربع دول عربية (الإمارات، البحرين، السودان، المغرب) اتفاقيات سلام وتطبيع مع "إسرائيل" بضغطٍ من الولايات المتّحدة. فقد كان ترامب متماهيًا تمامًا مع نتنياهو، ولعلّ أفضل ما قدّمه لنتنياهو الخطة المعروفة "صفقة القرن" التي كانت تهدف إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة، وتبيّن أنّه قد تمت صياغتها من قبل نتنياهو وتبناها ترامب بحذافيرها.

هذا وقد تعززت علاقات "اسرائيل" السرية والعلنية في عهد نتنياهو، مع عدد من الدول التي لا تقيم علاقات معها (السعودية، عمان، قطر، ليبيا، موريتانيا، تشاد، النيجر، اندونيسيا، نيجيريا..). وثمة جهود تبذل توقيع اتفاقيات تطبيع، وتسوية مع هذه الدول.

ومن ناحية العلاقة مع الفلسطينيين نجح نتنياهو في تعطيل مسار التسوية، وتجميد الوضع الراهن، وإحكام السيطرة على مناطق السلطة، وإقناع العديد من الدول لا سيما الولايات المتحدة، وبعض الدول العربية في ممارسة الضغط عليها، وإقناع الفلسطينيين أو إرغامهم لقبول خطة صفقة القرن.

وفي عهده شنت "إسرائيل" ثلاث حروب على قطاع غزة (2012-2014-2021) إضافةً إلى عددٍ من الهجمات العدوانيّة، وتمكنت "إسرائيل" خلال هذه الفترة من تطوير عدة منظومات دفاعية (القبة الحديدية، الصولجان السحري، منظومة اكتشاف الأنفاق تحت الأرض) مما أسهم في حرمان المقاومة الفلسطينية من إحراز مكاسب عسكرية واستراتيجية من شأنها أن تلحق ضررًا بالأمن "الإسرائيلي".

كما نجحت حكومات نتنياهو المتعاقبة في تقليص "المخاطر الأمنية" والحد من فعالية المقاومة الفلسطينية في الضفة، وإحباط أية محاولة لاندلاع انتفاضة ثالثة. كما نجحت "إسرائيل" في عهده في تكريس الانقسام الفلسطيني، والإبقاء على قطاع غزة محاصرًا، والحيلولة دون إنجاز المصالحة الفلسطينية.

ومن بين النجاحات التي أحرزها نتنياهو، تتمثل في قدرته على تحويل إيران إلى عدوٍّ مركزي، وإيهام "الإسرائيليين" بأن إيران تشكّل تهديدًا وجوديًّا على "إسرائيل"، محوّلًا إيران إلى فزاعة لإثارة الرعب في الشارع "الإسرائيلي"، محاولًا إقناع "الإسرائيليين" أنّه وحده القادر على لجم إيران، ووقف برنامجها النووي، والحد من نفوذها وتغلغلها في المنطقة.

وواصلت "إسرائيل" في عهد نتنياهو توجيه مئات الضربات ضد المصالح الإيرانية، واغتيال العلماء، واستهداف المنشآت النووية الإيرانية، ولا يكاد يمر أسبوع منذ أكثر من عشرة أعوام إلا ويقوم الطيران "الإسرائيلي" بالإغارة على الأهداف الإيرانية في سورية، وفي العراق، وملاحقة الأنشطة الإيرانية في مختلف بقاع العالم، وكما أسلفنا نجح في إقناع إدارة ترامب بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران.

وفي عهد نتنياهو انطلقت ثورات الربيع العربي التي أخفقت في مجملها، وتحوّل العديد منها إلى ثوراتٍ أهلية طاحنة كما جرى في ليبيا واليمن وسوريا، أدت في نهاية المطاف إلى إضعاف العالم العربي.

وقد استغل نتنياهو هذه الحالة، ومحاولة تحويلها إلى فرصة؛ بهدف الإمعان في تمزيق العالم العربي، والاستمرار في تجزئته إلى دويلات وكيانات ضعيفة.

وأسهمت "إسرائيل" بصورةٍ مباشرةٍ وغير مباشرة في دعم القوى الجهاديّة التكفيرية كداعش والنصرة، لا سيما في سوريا والعراق وسيناء وليبيا، والاستفادة من حالة الفوضى القائمة في إضعاف هذه الدول، وتغلغلها الاستخباري العسكري، وتعزيز العلاقات السرية مع دول الخليج لمواجهة النفوذ الإيراني، وجنت "إسرائيل" مكاسب لم تحلم بإنجازها طوال عقود (حروب أهلية طاحنة في مختلف البلاد العربية، إضعاف الدول المركزية في المنطقة، تعزيز العلاقات السياسية والأمنية والعسكرية والتجارية والاقتصادية مع عددٍ من هذه الدول..) وباختصار أسهمت "إسرائيل" في تخريب الثورات العربيّة، وتحويلها إلى فرصٍ للاستفادة منها على الأصعدة كافةً، وبهذا تحقّقت الكثير من أحلام نتنياهو ورؤاه الاستراتيجية.

وإذا استعرضنا سريعًا المشروع الصهيوني منذ أن بدأ فكرةً مجرّدةً لدى هرتسل، ومرورًا بأربعة عشر رئيسًا لحكومة "إسرائيل"، كان آخرهم نتنياهو، سنجد أن المشروع الصهيوني وصل إلى ذروة تطوره في عهد نتنياهو تحديدًا.

فميزة هرتسل أنه حوّل الفكرة إلى مشروعٍ مادي بتأسيسه الحركة الصهيونية التي ستتولى طوال 50 عامًا من العمل المثابر من الوصول إلى مرحلة الدولة. وفي عام 1948، نجح ديفيد بن غوريون في تجسيد هذه الدولة، وتولي رئاسة حكومتها لعدة ولايات ناهزت اثني عشر عامًا في حكم "إسرائيل" حيث يعد أهم شخصية صهيونية بعد هرتزل، ومهندس الدولة الصهيونية وقائدها، ومخطط أسسها ومؤسساتها ووثائقها الأولى، وتقاليدها وصانع استراتيجياتها. ومن بين الأربعة عشر رئيسًا للحكومة، بإمكاننا أن نشير إلى ستة من بينهم من كان لهم دور بارز في بناء الدولة وتعزيزها، وتطوير استراتيجياتها.

وكان لهم رؤاهم البعيدة، وهم على التوالي: بن غوريون، مناحيم بيغن، واسحق رابين، شمعون بيريس، وارئيل شارون، وبنيامين نتنياهو.  أما البقية: موشي شاريت، الذي كان يتولى الحكومة لفترات وجيزة أثناء اعتزال بن غوريون للسياسة لفتراتٍ مؤقتة، وليفي أشكول الذي صنع في عهده أهم انتصار عسكري عام 1967، لكنه لم يحظَ بالمكانة اللائقة؛ لأن جنرالات الجيش اختطفوا الانجاز.

أما غولدا مائير فقد تعثرت في أوحال حرب 1973، واستقالت من الحكومة، واسحق شامير لم يسجل له أية إنجازات نوعية أثناء توليه لرئاسة الحكومة في مدة تجاوزت السبع سنوات، سوى مواقفه السياسية المتشنجة من التسوية.

أما ايهود براك فقد أمضى في رئاسة الحكومة مدة عام ونصف، وجرى تحميله مسؤولية اتفاق التسوية في أعقاب مفاوضات كامب ديفيد الثانية، وما أدى إلى اندلاع الانتفاضة الثانية. أما ايهود اولمرت فقد أخفق في إدارة الحرب مع حزب الله عام 2006، واتهم بملفات الرشوة وأقصي عن الحكومة، وذهب إلى السجن. وتولى نفتالي بينيت الحكومة قرابة عام، ولم يسجل له أي إنجاز يذكر، وتولى بعده يائير لبيد لبضعة أشهر قبل أن يعود المنصب إلى نتنياهو.

وإذا استعرضنا سريعًا الرؤساء الستة الكبار في رئاسة الحكومات (بن غوريون، بيغين، رابين، بيرس، شارون، نتنياهو) سنجد أنّه كان لهم تأثيرهم الكبير في تعزيز قوة دولة الكيان، وكلهم يتسمون بالحنكة والرؤى الاستراتيجية. فكما ذكرنا عُدّ بن غوريون باني الدولة، وصانع سياساتها واستراتيجياتها، أما بيغين فيسجل له إخراج مصر من معادلة الصراع بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وكذلك ضرب مفاعل بغداد النووي، وترسيخ ما عُرف بـ (عقيدة بيغن) التي ترفض بالمطلق امتلاك أية دولة عربية أو إسلامية للسلاح النووي في المنطقة.

وبالنسبة لإسحق رابين، فبالإضافة إلى تاريخ انتصارات العسكرية، يسجّل له الشروع في عملية التسوية مع الفلسطينيين والعرب. لكن اغتياله عام 1995 حرمه من إمكانية استكمال مشروعه بعيد المدى. أما شمعون بيرس، فيعد من أكثر القادة الصهاينة حنكةً سياسية، وتمرّسًا في العلاقات الدوليّة، ويعدّ من أكبر صانعي الدبلوماسية "الإسرائيليّة" وكان له تصوراته البعيدة والاستراتيجية لنقل "إسرائيل" إلى حالة أكثر ازدهارًا وتقدّمًا وهيمنةً في المنطقة ونفوذًا في العالم من خلال الدخول في عملية تسوية عميقة مع العرب والفلسطينيين. غير أنه لم يتولَ رئاسة الحكومة سوى عامين في حكومة الوحدة مع اسحق شامير بين عامي 1984-1986، وبضعة أشهر في أعقاب اغتيال رابين. ويُسجل أنه من أسوأ القادة خطأً في خسارة الانتخابات طوال تاريخه السياسي.

أما ارئيل شارون، فالبرغم مما يوصم به من وحشية وهمجية (قيادته للوحدة 101 وتاريخها الدموي، صبرا وشاتيلا، مذبحة مخيم جنين..) غير أن الرجل كان له مشروعه الاستراتيجي في تصور "إسرائيل" والوصول إلى تسويةٍ مع العرب بعد فرض تسوية على الفلسطينيين (خطة الانسحاب أحادي الجانب والدولة المؤقتة) غير أن دخوله في غيبوبة سنواتٍ، قد غيبته عن الحياة السياسية ولم يكمل مشروعه.

بقي بنيامين نتنياهو، صاحب الولاية الأطول في تاريخ "إسرائيل" بتشكيله ستّ حكومات، وصاحب الإنجازات الكبرى التي قمنا باستعراضها في هذه الحلقة. فإنّنا نزعم أنه من أهم رؤساء حكومات "إسرائيل" على الإطلاق، ويكاد يتفوق على نظرائه الكبار، الذين ذكرناه، من ناحية الإنجازات المتنوعة التي تحققت في عهد حكوماته الست. ومن ناحية ثانية، تفوق نتنياهو عليهم في فن البقاء السياسي، والتشبث بالسلطة، وإدارة الأزمات الشخصية والسياسية والصمود في وجه الضغوطات، وتحدى الحلفاء، كالولايات المحتدة والأوروبيين، ورفض الإذعان لضغوطاتهم.

كما يتميز نتنياهو بالكاريزما الشخصية، والاعتداء الشديد بالنفس وبلاغته الخطابية، وقد تمكن من إحاطة نفسه بجيش من الخبراء والمستشارين، الذين كان يلجأ إليهم ويساعدونه في التخطيط وإدارة الدولة، وصنع السياسة. علاوة على أنه لا يضيع وقته، ويستثمر كل لحظة من حياته لصالح العمل السياسي، ولم ينجح أحد قبله من نظرائه، بالإمساك بزمام حزبه ويهيمن على معسكره هيمنة شبه شاملة، ولم يسبق أن تحدى رئيس حكومة من قبله مؤسسات الدولة، أو تجرأ على تغيير قوانين الأساس، كما فعل ويفعل نتنياهو. وبعد أن تمكن من إقصاء خصومه ومنافسيه تكاد الطبقة السياسية في "إسرائيل"، عاجزة عن إيجاد شخصية بمواصفاتٍ وكفاءةٍ كنتنياهو. وبهذا تكون "إسرائيل" في عهده قد وصلت إلى ذروة إنجازاتها، وذروة ما يمكن أن تفرزه النخبة السياسية من قادة متميزين.

غير أن نتنياهو الملقب بالساحر، والشخصية الأقوى من بين القادة والساسة الحاليين يواجه منذ العام 2019 أزمة سياسية شخصية أثرت على سمعته ومكانته المحلية والعالمية، والمتعلقة بتوجيه ثلاثة لوائح اتّهام له بالفساد، ونجم عن هذه الأزمة، أزمة سياسية عامة غير مسبوقة، أدت إلى دخول "إسرائيل" في مرحلة عدم الاستقرار السياسي في ضوء تنظيم خمس عمليات انتخابية في غضون ثلاث سنوات.

وفي كل مرة كان نتنياهو وحزب الليكود يحظى بالنصيب الأكبر من المقاعد، ولا يزال يحتل الموقع الأول في الخريطة الحزبية "الإسرائيلية"، قبل أن يتمكن يائير لبيد من نسج تحالف من قوى غير متجانسة، أدت إلى إقصاء نتنياهو عن الحكم مدة عام (2021-2022) لكن نتنياهو المحنك توعد خصومه بالعودة سريعًا إلى كرسي رئاسة الحكومة، وعاد بالفعل في انتخابات عام 2022، وتبوأ ثانيةً منصب رئيس الحكومة، وافتتح عهد الحكومة السادسة بخطة الإصلاح القضائية التي تستهدف بنية الدولة، ومؤسسة القضاء تحديدًا، وذلك لضمان بقائه السياسي.

وهي الخطة التي فجرت الشارع، وأدخلت "إسرائيل" وتآكلها من الداخل، وبهذا يمكننا القول، إنّ الرجل الذي أوصل "إسرائيل" إلى قمة مجدها، هو ذاته الذي ينسب إليه إيصالها إلى مرحلة الانحطاط التي أدت إلى تراجع مكانتها، وضعف مناعتها الوطنية، وزعزعة أسسها، ومن سيقود إلى تصدعها وإيصالها إلى حافة الهوية.

لم يحظَ أحد بالكراهية مثلما حظي بها من قبل قطاعات واسعة داخل المجتمع "الإسرائيلي". فهو إلى جانب إنجازاته التي وفّرت له تأييدًا كبيرًا في الشارع، فإنّ إصراره على التشبث بالسلطة، ومحاولة التملص من إمكانية المحاكمة؛ بسبب ملفات الفساد المتهم بها، من خلال رزمة الإصلاحات القانونية التي تضمن إفلاته من المحاكمة، علاوةً على هيمنة اليمين على مؤسسات الدولة، وتحويلها من دولة "ديمقراطية" إلى دولة شمولية يحكمها الشخص الواحد، والحزب الأكبر والمعسكر المهيمن، يكون نتنياهو قد غلب المصلحة الشخصية والحزبية والأيديولوجية على المصالح العليا للدولة.

وبالرغم من أن الحلبة السياسية في "إسرائيل"، كانت تضج تاريخيًّا بالصراعات السياسية، غير أن النطاح السياسي المحتدم منذ عام 2019، يعد الأكثر حدة في تاريخها، ووصل ذروته في الأزمة الحالية في ضوء إصرار الائتلاف في اليمين الحاكم على تمرير خطته للإصلاح القضائي، حيث أدت هذه الأزمة إلى انقسام غير مسبوق في تاريخ "إسرائيل"، ومن المرجح أن يقود إلى توليد المزيد من الأزمات الكامنة.

فقد أثرت الأزمة على اللحمة الداخلية، واتسع التصدع الداخلي والانقسام العمودي، أدى لتنامي المخاوف الوجودية والحديث العلني عن الحرب الأهلية، وخراب البيت الثالث، وتآكل قوة الردع لدى الجيش، وأجهزة الأمن، وكذلك تراجع قوة الاقتصاد، علاوةً على تراجع مستوى الهجرة إلى "إسرائيل"، وازدياد الرغبة لدى أعداد كبيرة في الهجرة المعاكسة، ووصلت الأزمة بإسقاطاتها إلى الجيش والأجهزة الأمنية، وأعلن الآلاف من الضباط عن احتجاجهم، وإحجامهم عن الخدمة في الجيش، وامتدت الأزمة إلى الإعلام والقضاء، والقطاعات الاقتصادية والمؤسسات الأكاديمية.

غير أن نتنياهو الجامح والمتشبث بالسلطة، يقاتل بشراسة عن مستقبله الشخصي والسياسي، أما حلفاؤه في الائتلاف فإنهم يرون الفرصة مواتيةً لإحداث انقلاب جذري في بنية الدولة لصالح معسكر اليمين، ومن ثَمَّ فإنّ الخطة الاصلاحية ليست لصالح نتنياهو وحده، إنما لصالح قوى اليمين الديني التي لن تتراجع بسهولة. ومن الممكن أن تصل الأحزاب والقوى السياسية إلى تسوياتٍ محددة في ملف الأزمة. غير أن الأزمة بحد ذاتها لن تنتهي؛ لأنّها أزمةٌ بنيويةٌ ستظل ملازمة "لإسرائيل"، وهي الأزمة التي أسميناها بأزمة الهُويّة.

بقلم عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والكاتب والأديب والشاعر، والمفكر الفلسطيني كميل أبو حنيش