ندوة غسّان كنفاني تنظّم "قراءة في جديد أدب السجون (سِقط الزند وسِقط المتاع) للأسير المفكّر كميل أبو حنيش"

بالفيديوندوة غسّان كنفاني.jpg
المصدر / بوابة الهدف الإخبارية

مركز حنظلة_غزة

عقدت بوّابةُ الهدف الإخباريّة ندوةَ الشّهيد غسّان كنفاني التي تُنظّمها دوريًّا؛ حيث جاءت هذه الحلقة تحت عنوان: "قراءة في جديد أدب السجون (سِقط الزند وسِقط المتاع) للأسير المفكّر كميل أبو حنيش"..

واستضافت الندوة عبر تقنيّة "الزوم"، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين الروائي مروان عبد العال، والأسيرة المحرّرة والمحاضرة في جامعة بيرزيت رلى أبو دحو، فيما أدار الندوة الصحفي أيّوب الشنباري من بوّابة الهدف الإخباريّة.

ورحّب الشنباري بضيوف الندوة، حيث بدأ اللقاءُ بالحديث عن عنوان الندوة ومحاورها المتنوّعة، لتبدأ أولى المداخلات للروائي مروان عبد العال، الذي أكَّد أنّنا "أمام تجربةٍ نضاليّةٍ فريدة وإبداعيّة، لا سيما وأنّ كميل عرفناه من خلال ما يكتب، وهو مصدر فخر واعتزاز لنا جميعًا، ونجلّ هذه القامة التي استطاعت بالشجاعة والكتابة والجلادة والصبر تسجيل حضور بقوّة ودون أي افتعالٍ أو تصنّع، وأصبح له مكانة في الحقل الثقافي الفلسطيني، ونعوّل على كميل من خلال هذه الغزارة والفرادة كمًا ونوعًا نحن أحوج ما نكون إليها، وهذا في ظل أنّ هناك حالة من العطش والشغف للأفكار والكلمات والمعاني مثل هذا الجمال الروحي والأدبي والمعرفي والثقافي الذي يقدّمه كميل أبو حنيش".

وأضاف عبد العال: "كميل يكتب الموقف السياسي، والقصة القصيرة، وهذا ما رأيناه في مرحلةٍ متقدّمة، وكتب أكثر من رواية، والآن يقدّم هذه الكتابة النقديّة للمسألة الثقافيّة، والعديد من المقالات النقديّة في الأدب، سواء ما كتبه حول أدب السجون، أو غيرها من الكتابات المختلفة، وأنا من الذين قرأوا الحياة السابعة، والكبسولة، والتي تجسّد هذا الشيء الصغير الرقيق جدًا، ولكن عندما تخرجه؛ تخرج الأفكار الرائدة إلى خارج السجن، ورأيت البطل الإيجابي الذي كان يجسّده كميل من خلال الكتابة، ونشعر أنّ جزءًا كبيرًا من هذه الكتابة لا تنم أنّ الذي يكتبها سجين، فهناك قصص كثيرة لكميل أبو حنيش رغم احتوائها على رمزياتٍ عديدة، إلّا أنّه يسجّل شيء له علاقة بالحريّة، وهذه بالتأكيد إرادة نفتخر فيها".

وحول أدب السجون، يرى عبد العال، أنّ "هناك بدايات لمحاولة تصنيف هذا الأدب، وخاصّة عندما نتحدّث عن (مخاتير السجن)، وهذه مسألة مريرة جدًا تعطي نمطًا منبطحًا للثقافة، ولكن في المقابل هناك شيء مضاد، وثقافة تواجه الجلاد والاحتلال ولها طابعها التحرّري والوطني، وهذا هو التمهيد الأساسي للحديث عن نقد الثقافة الوطنيّة الذي ركّز عليه كميل في سلسلة (سِقط الزند.. وسِقط المتاع)".

وشدّد عبد العال خلال حديثه، أنّ "هناك حاجة كبيرة إلى مثل هذا الأدب والفكر والكتابة، والسلسلة الأخيرة لكميل تأخذنا إلى أبي العلاء المعرّي عندما شبّه "سِقط الزند باللهيب الذي ينطلق من الشرارة"، وهذا يلخّص هذا الفكر الذي ينطلق من العتمة ومن قلب الزنازين، وأيضًا تحدّث كميل عن ثقافة التفاهة، والثقافة الاستهلاكيّة التي تملأ شاشات التلفزة ومواقع التواصل والحياة الثقافية التي نعيشها بكل التناقضات الموجودة، والإضافة المهمّة هي العودة إلى تأصيل ثقافة التحرّر الوطني، وأنّنا في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى هذه الثقافة، لا سيما وأنّ هناك من يحاول شطب هذه المرحلة وثقافتها، أو مغادرة هذه المرحلة، ففي الماضي كان يُقال عن أدب المقاومة في زمن أوسلو -كجزء من تشويه الجسد والعقل الفلسطيني والثقافة الفلسطينيّة بشكلٍ خاص- أنّه الأدب الخشبي، وأصبح الحديث عن مرحلة ما بعد المقاومة؛ وكأن الاستعمار انتهى والمقاومة توقّفت، لكن ما طرحه كميل كمحاولة لتفنيد ثقافة المستعمِر التي تبدأ بالأساس بمحو شخصيّة المستعمَر وتشكيل ثقافة التابع، ومن المهم جدًا تبيان هذا الشيء، خاصّة عندما تحوّل الكثير من المثقفين -كما قال كميل- إلى مثقفين مهمّشين، أو أبواق للسلطة؛ سواء سلطة تنظيم، أو سلطة نظام، أو مثقفين تابعين، فلا فرق بينهما، أي ذهبت فكرة المثقّف الرقيب لمصلحة المثقف الممتثِل، لذلك أضاف كميل شيء جديد كشكلٍ من أشكال الابداع".

وبالانتقال إلى الأسيرة المحرّرة والمحاضرة في جامعة بيرزيت رلى أبو دحو، وجّهت في بداية حديثها التحيّة إلى كميل أبو حنيش المناضل، مُؤكدةً أنّ "الفعل الحقيقي الذي يمارسه كميل اليوم هو الفعل المقاوم داخل الأسر؛ على قاعدة أنّ الأسر هو خندق آخر من خنادق النضال، ويجسّد كميل من داخل السجن كل المفهوم والنقيض لفكرة أنّ الاستعمار يريد اعتقال الجسد الفلسطيني من أجل إنهاء وجوده، وليس وجوده هنا بمعنى موت هذا الجسد؛ بل بالمعنى المعنوي، أي حبس الروح والإرادة الفلسطينيّة وتكبيلها، وكميل هو النقيض لكل ذلك، وهو النموذج المقاوم المناضل أينما تواجد حتى لو كان بين أربعة جدران".

وأكَّدت أبو دحو، أنّ "إبداع كميل الأساسي الثقافي والفكري يأتي من هذا الخندق المقاوم وهذه الثقافة المقاوِمة، وبالتالي صمود كميل على مدى أكثر من 20 عامًا داخل الأسر ليس صمودًا بمعنى أنّه لم ينهار وما زال على قيد الحياة، بل كان مبادرًا وفاعلاً في الحياة الاعتقاليّة الداخليّة على المستوى الاعتقالي الوطني العام، وعلى المستوى الداخلي كقيادي في الجبهة الشعبيّة داخل فرع السجون، وفاعل أيضًا على المستوى الأكاديمي العلمي، وكما نعلم أنّ الأسرى في السنوات الأخيرة استطاعوا أن يكملوا تعليمهم الأكاديمي في الدراسات العليا، وأيضًا كميل فاعل على المستوى الثقافي العام وسط رفاقه الأسرى ويُساهم بدرجةٍ كبيرة في صياغة الحياة الثقافيّة داخل الأسر، وتثقيف الجيل الجديد الذي يدخل إلى سجون الاحتلال باستمرار، وأيضًا فاعل على المستوى الشخصي من خلال إبداعه وكتاباته المستمرة".

وأشارت أبو دحو، إلى أنّ "السنوات الأخيرة شهدت وما زالت نتاجًا ثقافيًا كبيرًا للأسرى داخل سجون الاحتلال، وكميل هو جزء أصيل من هذا المشهد الثقافي الاعتقالي للأسرى الفلسطينيين، والأهم من ذلك أنّ هذا المشهد يعطينا دفعة الأمل والتفاؤل، ويحدّد لنا البوصلة حول الثقافة المقاوِمة وسط الكم الهائل من الاسفاف والتحوّل في الفكر الثقافي، سواء فكر السلطة أو المعولم أو الليبرالي، أي فكر الهزيمة، المهزوم من داخله، ويأتي كميل ليؤكّد للجميع أنّه ما زال هناك إرادة نضال وكلمة حرّة، بل علينا إعادة الاعتبار للمفردة والكلمة والمعنى والمضمون، لا سيما وأنّ المفردة اليوم تعبّر عن مرحلة، ومثال على ذلك محاولات استبدال المقاومة الشعبيّة الثوريّة بمفردة المقاومة السلميّة منزوعة المعنى والمضمون".

كما بيّنت أبو دحو، أنّ "كميل إلى جانب الكثير من المثقفين داخل وخارج الأسر يحافظ على الجبهة الثقافيّة من الضياع، وهذا لأنّ الثقافة في الأسر هي جزء من الهوية الوطنيّة وحجرها الأساس هو الأسرى، وما يحاول أن يقوله كميل لنا هو أنّ هذا هو المشروع الثقافي المقاوم، نعم ثقافة المقاومة ما زالت موجودة، ولابد من تسمية الأمور بمسمياتها بعيدًا عن المجاملة في القضية الوطنيّة، أي في ثقافة هذه القضية، فالمعادلة واضحة، نحن أمام استعمار صهيوني إحلالي لا يمكن أن ينتهي هذا المشروع الصهيوني إلّا من خلال مشروع مقاوم يوازي هذا المشروع، والثقافة الوطنيّة تكون الحجر الأساس في هذا المشروع الذي يسعى إلى تفكيك المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين، ودون هذه المقاومة لا يمكن أن يتفكّك هذا المشروع، والمقاومة هنا واضحة، هي المقاومة الثوريّة الشعبيّة التي تقف ندًا أمام المشروع الصهيوني بكافة الوسائل والطرق دون مساومةٍ أو تطبيعٍ أو مهادنة".

وناقشت الندوة بمُشاركة ضيوفها العديد من المحاور المهمّة تحت العنوان الذي حمله اللقاء، للمشاهدة اضغط هنا.