بقلم الأسير: كميل أبو حنيش

سقط الزند.. وسقط المتاع مساهمةٌ في نقد الثقافة الفلسطينيّة الراهنة "الحلقة العاشرة والأخيرة"

كميل أبو حنيش.jpg

خاص_مركز حنظلة

الحلقة العاشرة والأخيرة: مقترحاتٌ للنّهوض بالثقافة الوطنيّة

نحاولُ من خلال هذه الحلقة تقديمَ بعض الأفكار والتصوّرات التي قد تسهم في استنهاض الحالة الثقافيّة الفلسطينيّة في مرحلتها التحرّريّة، وإنضاج فعالياتها وتصويب مساراتها. وهذه المقترحات التي قد تبدو مثالية، قد تساعد في تحفيز النقاش حول أهمية الثقافة الفلسطينية، وضرورة مغادرة السلبية وحالة الإحباط التي يعاني منها المثقف الفلسطيني. لكن الأهم أن نسعى جميعًا لتشييد ما يمكن أن نسميه "البنية التحتيّة الثقافيّة" أو بالأحرى إعادة تثوير البنيّة التحتيّة الثقافيّة وتطويرها والتشبيك بين عناصرها التي تبدو غير مترابطةٍ ومفكّكة، ونجملُ هذه المقترحات على النحو الآتي:

أوّلًا/ المؤتمر الثقافي الوطني الفلسطيني:

من الممكن أن يُعقد مثل هذا المؤتمر سنويًّا في البداية، ثمَّ مرّةً كل أربع أو خمس سنوات، بحيث يجمع شتى المؤسسات الثقافية الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية. وكذلك المثقفين والناشطين في مجال الثقافة كافةً في الوطن والشتات لإجراء نقاشٍ ثقافي معمّق حول الثقافة الفلسطينيّة ومسؤوليّتها التاريخيّة في عمليّة التحرّر، وضرورة استنهاضها ورسم استراتيجيّتها وسياساتها. وفي هذا المؤتمر يجب صياغة الميثاق الوطني الثقافي، الذي من شأنه أن يُحدّد الأهداف الثقافيّة وإبعادها عن أيةِ صراعاتٍ أو تجاذباتٍ سياسيّة، ويشكّلُ دستورًا ثقافيًّا يلتزم على أساسه المثقفون والمؤسّسات بمحدّدات الثقافة الفلسطينيّة وأهدافها التحرريّة.

وفي هذا المؤتمر من الممكن تقديم تصوّراتٍ لإعادة بناء المؤسّسات الثقافيّة، ورسم معالم المشروع الثقافي الوطني في مرحلة التحرّر الوطني وفي مرحلة الدولة. ومن المناسب أن ينبثق من هذا المؤتمر هيئةٌ تنفيذيّةٌ أو مجلسٌ أعلى للثقافة ليتولى تنفيذ ما يخرج من قراراتٍ وتوصيات.

ثانيًا/ الميثاق الثقافي الوطني:

ويُمثّل الميثاق الوطني إعلانًا ثقافيًّا يكون بمكانة الدستور الثقافي الذي يضبط إيقاع العملية الثقافية، ويكون بمثابة العقد للمثقفين والمؤسسات. ومن البديهي أن يتضمن الميثاق تعريفًا للهُويّة الثقافية الفلسطينيّة، وضرورة العمل على تصليبها وحمايتها، ومقاومة التطبيع الثقافي وتجريمه.

ثالثًا/ المؤسّسة الثقافيّة:

تشجيع فكرة إنشاء مؤسّسةٍ ثقافيّةٍ في كلّ قريةٍ وبلدةٍ ومخيّمٍ ومدينة (نادي، منتدى، جمعية، مكتبة..)؛ بهدف تثوير الحياة الثقافية الفلسطينية وإثرائها، وتشجيع القراءة والكتابة والنقاش الثقافي.

رابعًا/ الفعاليّة الثقافيّة:

تعزيز فكرة الفعاليّة الثقافيّة في المجتمع الفلسطيني، والتركيز على القرية الفلسطينيّة والمناطق المهدّدة بالاستيطان والتهويد (ندوة، مهرجان، معارض فنيّة، معارض كتب، أمسيّة فنيّة وثقافيّة، عرض مسرحي، مسابقة...).

خامسًا/ الأكاديميّة الوطنيّة للفنون والتراث:

وتعنى هذه المؤسّسة بتطوير إبداعات المسرح والسينما والرسم والنحت والموسيقى والفلوكلور الشعبي، وتعنى كذلك بمهمّة البحث عن الكنوز الثقافية والفنية التاريخية. ومن الممكن أن تَتحوّل هذه المؤسسة مع الوقت إلى جامعة، وتُمثّل جسرًا للتعاون الفني والثقافي مع العالم.

سادسًا/ معهد الدراسات التاريخيّة:

ويعنى بدراسة التاريخ الكنعاني القديم؛ بهدف الدفاع عن التراث الكنعاني من لغةٍ وأسماء وأساطير ومعتقدات دينيّة، وأسماء المدن والبلدات التي تعرّضت للسطو من قبل الدولة "العبريّة".

سابعًا/ شبكة المؤسّسات الثقافيّة الفلسطينيّة في الشتات:

ويقع في صلب مهام هذه الشبكة، تشكيل جسمٍ ثقافيّ فلسطيني ضاغط، يتفاعل مع المؤسّسات الثقافيّة العربيّة والعالميّة، ويدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتاريخه، ويسهم في نشر الرواية الفلسطينيّة في العالم.

ثامنًا/ المؤتمر الثقافي العربي لإسناد فلسطين:

وتشارك في هذا المؤتمر مختلف المؤسسات الثقافية العربية الرسمية وغير الرسمية، لتشكيل جبهةٍ ثقافيّةٍ عربيّةٍ مساندةٍ لفلسطين، ومعارضةٍ للتطبيع مع الكيان.

تاسعًا/ المنتدى الثقافي العالمي لإسناد فلسطين:

وتشارك في هذا المؤتمر المؤسّسات الثقافيّة الصديقة للشعب الفلسطيني في العالم، بحيث تسعى هذه المؤسّسة لملاحقة الأنشطة الثقافيّة "الإسرائيليّة"، وفضحها ومحاصرتها.

ومن الممكن تطويرُ مثل هذه المقترحات والإضافة عليها، ولكن من المهمّ أن نبادر، ونثير الجدل حول الثقافة الفلسطينيّة، وضرورة استنهاضها لتأخذ دورها الحقيقي في معركة التحرير الوطني.

بقلم عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والكاتب والأديب والشاعر، والمفكر الفلسطيني كميل أبو حنيش