بقلم الأسير: منذر خلف مفلح

مقال بعنوان: "عندما تبدأ البنادق بالعزف تموت القصائد العصماءُ"

منذر خلف.jpg

مركز حنظلة_فلسطين المحتلة

أمام من انتصروا بدمهم على أعدائهم، وأمام من طوعوا حد السيف بلحمهم المنهرس تحت وطأة الصواريخ والقنابل، وأمام من أزالوا الغشاوة عن أعيننا بصهر اللهب النازي الصهيوني الذي أشعل أجسادهم، ماذا تبقى غير النار؟!.

النارُ المختزنةُ بجوف جبال النار، تتفجر براكينها، لتندلع الأنهار دماءً من شبابنا الذين اختصروا أرواحهم و قدموها  كراماتٍ لشعبنا، لتفقأ أعين الحقد الصهيوني، والصمت العربي والدولي، والأنكى تفقأ أعين الجبناء... الذين يروا الشباب الفلسطيني يُقدمون أرواحهم، ويخترقون عين الشمس، رغم قناعتهم، وإيمانهم بحرية شعبهم، وحتمية انتصاره الأكيدة، إلا أنهم يدركون أنهم وحدهم هناك في المعركة.

فما الذي يمكن أن يُقال في حضرة المعركة؟

أيقال عن همجية الاحتلال وفاشيته، فليس المؤكد يحتاج تأكيدٌ، أيقال عن الكيل الدولي المنحاز، كذلك لا يحتاج تأكيدٌ، أو عن الصمت العربي.. أو .. أو..

الأخطر هو ما الذي يُقال عن صمت قياداتٍ حزبيةٍ ووطنية وسياسية وعسكرية، تفقأ عينها، لتتعامى عن المعركة، فلا أخطر على المعركة من قائدٍ جبانٍ رعديدٍ مترددٍ، ينكفئ وقت المعركة، وتميد الأرض تحت قدميه في معمعانها، فللحقيقة وجهٌ واحدٌ هو وجه الشهداء، ولها لونٌ واحدٌ هو لون الدم الفلسطيني، ورسالته فلسطين وحريتها ووحدتها وكرامتها، أمام الصهيونية الغاشمة وقواتها الفاشية بيانٌ بالدم يذيعه الشباب الفلسطيني في كل لحظة في شوارع فلسطين، فوحدةُ الساحات تسحبها الدماء والرصاصات لا الخطابات والشعارات، وفلسطين تُسترد بالنضالات، لا على الموائد.

بيانٌ بالدم أبرز عمق الفهم والتحليل، والحاجة للتنظيم كشف حقيقة القوى السياسية وعقم خطابها، ونكوصها عن أداء دورها التاريخي، أمام عظمة الشعب وتضحياته الذي ما تراجع يوماً عن معركة، ولا نكص عن أداء مهامه في حين تتربص القوى السياسية بشكل الانتفاضة القادمة من أجل إعادة دورها على الخارطة السياسية، وإعادة شرعيتها ورصف مواقعها، لينتصب السؤال الخالد ما العمل؟ في هذه اللحظة التاريخية التي يبدو أن مواقيت الأحزاب الفلسطينية لن تدركها، وستبقى تجر أرجلها خلف شعبنا وشبابه الثائر... فالقوى السياسية، وإن مارست دورها الانتهازي في استخدام الانتفاضات من أجل شرعية مفقودة، فهي لن تسمح بعملية النقل من الشكل القديم للشكل الجديد للقيادة والأحزاب والتنظيم الذي يبلوره الشباب عبر تجربتهم.

وبناءً على ما تقدم فإن المطلوب الآن والحل، هو الحل الشعبي، بالانتفاضة الشاملة والمقاومة الشاملة لكل أشكال النضال، بهدف:

1.    توسيع دائرة المواجهة لتشتيت الجهد الأمني والاستخباراتي والعسكري الصهيوني وإرهاقه.

2.    زج العامل الشعبي لكشف جرائم الاحتلال بشكلٍ جلي وواضح، للضغط على شرعنة ممارساته وكشف جرائمه وتوتير الرأي العام.

3.    الدعوة لتشكيل إطار قيادي من الشباب الميداني، مثلاً لجان مقاومة شعبية، ووضع أهداف وتحديد شعارات، وتكوين إطار سياسي واسع للتعبير عن الوجه السياسي للانتفاضة أو الحراك القادم.

4.    رفض ما تساقط من القايدات التي ترفض الانحياز لخيار الشعب ودماء الشهداء. 

5.    تثوير ساحة الضفة ليس بديلاً عن أيةِ ساحات أخرى، بل يجب العمل على تكاملها.

الشهداء والمقاتلون هم الوجه الحقيقي المعُبّر عن الشعب الفلسطيني وآماله، وليست قيادات المؤتمرات، والاجتماعات والكاميرات، والمقاتلون هم الذخيرة الحية التي يتسلح بها شعبنا في مواجهة الاحتلال، و الانتفاضة الشاملة هي السلاح للاندفاع للأمام، وهي الحل الذي يتجاوز مشروع السلطة الفاشل، ويُراكم مشروع حقيقي واسع للمقاومة، بدلاً من مقاومة محاصرة بالاحتلال، وبمتطلبات المعيشة في غزة، وهي مدخل تجاوز الانقسام وهي المدخل لإصلاح م.ت.ف، بل وإعادة تجديد القيادة الفلسطينية والمشروع الوطني، والمؤسسات كافة.
 
بقلم عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، مسؤول الإعلام في فرع السجون، مدير مركز حنظلة للأسرى والمحررين.