بقلم الأسير: منذر خلف مفلح 

مقال بعنوان: المنظمة الأمنية الصهيونية – منظمة "أمنيون"

منذر مفلح.jpg

مركز حنظلة_فلسطين المحتلة

تنشأ ومن خلف الكواليس، منذ مدة من الزمن، منظمة دراسات وأبحاث وتوصيات، لها تأثير على المشهدين السياسي والأمني في دولة الكيان وتُسمى هذه المنظمة "بالأمنيون"، أو العاملون بالأمن.

وتَتشكّل هذه المنظمة من عدد من جنرالات الجيش الصهيوني، ورجالات الأجهزة الأمنية السابقين، والذين لهم تأثير على الرأي العام وفي الشارع الصهيوني.

ويبرز دور هذه المنظمة بين الفينة والأخرى، حيث أوصت هذه المنظمة سابقاً بعدم قبول إشراك حزب عربي في الحكومة. ذلك أن هذا سيؤثر على الرؤية الصهيونية للدولة، ويؤثر في المجتمع، ومستقبل الدولة، في حين أنها تُمارس اليوم ضغطاً تجاه قرار الحكومة الصهيونية عقد اتفاق للغاز مع لبنان على اعتبار أن هذا الاتفاق مُضر أمنياً بدولة الكيان.
الصورة السابقة تبرز تَحوّلاً تجاه اليمين عند الجنرالات الصهاينة، وعلى ذلك فإن افرازات الجيش الصهيوني أصبحت يمينية محضة، بعد أن كان كافة جنرالات الجيش الصهيوني ورؤساء الأجهزة الأمنية السابقون دائماً على "يسار" السياسة الصهيونية، ولعل قرارات أو مخرجات هذه كانت لتصب في إطار الجدل الصهيوني الداخلي، ولكن يُلاحظ تناغم توجهات هذه المنظمة وحملاتها تجاه عدم دمج الفلسطينيين في الحكومة، أو تجاه عدم التوقيع على اتفاق الغاز، أو التناغم مع التوجهات اليمينية لليكود ونتنياهو والأحزاب التي تدور بفلكه.

 

ماذا يعني ذلك؟

لقد أظهر الجيش الصهيوني أنه المُعبّر الحقيقي عن التوجهات الصهيونية وتوجهات الرأي، الحكومة، وبهذا تتضح الصورة الجلية التي يعكسها الجيش والأجهزة الأمنية الصهيونية، عندما كانت توجهات المجتمع الصهيوني تُسمى "يساراً"، ويُمثل هذا "اليسار" "نتيجة طبيعية" لإفراز المجتمع من (قيم يسارية صهيونية، وليبرالية، وربما بعض الحريات بما يتفق مع القيم اليهودية)، يلاحظ اليوم أن إفراز الجيش يتفق مع افراز المجتمع الذي أصبح أكثر يمينية، ودينياً في تخلٍ تدريجي عن القيم العلمانية، والحريات الداخلية، والديمقراطية...الخ.

لقد قضى اليمين فكرياً ومجتمعياً وسياسياً على (اليسار الصهيوني)، وأعاد انتاج المجتمع الصهيوني على أساس (القيم اليمينية "الدينية" اليهودية)، والتي تعتبر انقلاباً على "القيم الصهيونية"، وبقي على هذا اليمين مهمة القضاء على (اليسار المؤسساتي أو العلمانية المؤسساتية)، والتي مَثلّها الهجوم على القضاء، وتحديداً "المحكمة العليا"، واليوم تعُتبر هذه المنظمة اليمينية الأساس المؤسسي لتحطيم الجيش (وقيمه) الصهيونية، لصالح (القيم) الدينية اليمينية، ومصلحة (أرض إسرائيل الكبرى)، فلقد اضطرت الحكومة الصهيونية لإرسال رئيس الموساد "برنيع" للتفاوض مع هذه المنظمة التي تُعرّض الحكومة والاتفاق للخطر، بالقدر الذي يستفيد نتنياهو واليمين من هذه المنظمة، فهل تؤسس هذه المنظمة لإبراز قيادات عسكرية، وتهيئتها لقيادة الكيان الصهيوني ذي الصبغة الدينية – اليمينية؟.

في الختام، لابد من ملاحظة يجب إبرازها هنا، وهي أننا نستخدم لفظة ( الصهيوني – الصهيونية) لتعريف العدو، باعتبار أن هذه اللفظة تُعبّر عن العنصرية والتطرف ولتحميله صفته الاستعمارية، ولنزع صفة الطبيعية عن دولة الكيان، باعتبارها دولة العصابة الصهيونية، إلا أنه من الضرورة بمكان أن نذكر أن الصهيونية جاءت ونمت في أوساط اليهود في أوربا كشكل من رفض الدين، وشكل من أشكال العصرنة العلمانية لليهود، وباعتبارها حركة علمانية، أما اليوم وبعد تفشي القيم الدينية – اليمينية والتي تُسهم في تعميق أزمة الكيان، وتُعمق التصادم النهائي ما بين اليمين على (ما بقي من يسار)، وتؤصل لحرب جديدة شاملة تجاه الفلسطينيين، بل وتجاه العالم.

بما يعني انعدام الصفة الصهيونية عن الدولة، واعتبارها دولة دينية أقرب منها إلى إيران مثلاً، من قربها من الدول الأوروبية العلمانية، يعزز ذلك أيضاً ليس فقط قانون القومية، قانون العودة، قانون اليهودي، ويهودية الدولة، وتعديلات الدستور أو محاولة بحثها، بل ما يبرز ذلك اعتبار (القيم اليهودية) مرجعاً يوازي القانون، أو يُعطّل مفاعيله الديمقراطية (ديمقراطية يهودية)! ويعززها قوة تأثير أعضاء اليمين، وبروز قوة الحريديم، فلن يطول الزمن حتى نرى عضو الكنيست "بن غفير" وزيراً للخارجية، أو رئيساً للحكومة، أو أن يكون عضواً في عصابات تدفيع الثمن وزيراً للحرب، هذه التخوفات ليست من أوهامنا.

فربما يتم استثمار منظمة أمنيون، من أجل ملئ الفراغ القيادي في الدولة اليهودية اليمينية أو (دولة الشريعة اليهودية). 

بقلم عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، مسؤول الإعلام في فرع السجون، مدير مركز حنظلة للأسرى والمحررين