من سجن رامون ..

التحليل لواقع قلاع الاسر

CC74F30A-1C7F-402E-A91F-ADEC3CDAFFD6.jpeg

انطلاقًا من التحليل السليم لواقع قلاع الاسر وتوصيفها على اعتبارها مجتمع خاص بذاته يتميز بعدة مميزات منها الانغلاق النسبي ،والبطئ في عملية التغيير والعزلة وذلك لما يعنيه واقع الأسر هو اغتيال طاقات الكادر الطليعي لشعبنا واحتجازها وفصلها عند سياقها الطبيعي وبترها عن عالمها "مجتمعنا الفلسطيني " من اجل ان يسيطر على عملية التطور والارتقاء بشعبنا وهكذا تقل هذه الطاقات من خلال توجهها وتحويلها وكبتها، اي وبمفهوم ابسط لتحول المناضل الفلسطيني الكادر البسيط من منتج فكرياً الى مستهلك للسلع والافكار ، وهنا ما يجب علينا نحن الأسرى ان ننتبه اليه ووضع الخط لمواجهة هذا الواقع والمفروض عبر سياسة استراتيجية طويلة الأمد تحاكي القديم بعقلية نقدية وتتلاءم مع المستقبل وفق منهجية سليمة لتصنع وتحافظ على هذه الطاقات وتطورها وتعيد دمجها في المجتمع الفلسطيني سواء كان اثناء الامر او بعد عملية التحرر .
لقد شكلت حركة الاسير عبر تاريخها الطويل المحرك والفاعل السلاح الفلسطيني وجماهيريته وحركة الثورية وقد ظهر ذلك جلياً في عدة مناسبات كان ابرزها الانتفاضة الاولى وما سبقها وحركة التفاعل التي كان يظهرها الشارع مع المعارك الاستراتيجية التي خاضها الأسرى لا يا اكثر من ذلك . إن القلاع الأسيرة كانت تنتج القادة الذين برزوا ، وهذا ما اكدته انطلاقة الانتفاضة الأولى بعد عملية التحرير عام ١٩٨٥. وكذلك عدد من القادة الشهداء الذين ساهموا بفاعلية في بناء المدارس الثورية في السجون ليباشروا بعد تحررهم مشروعهم الثوري التقدمي حتى الشهادة دون كلل او ملل او تعالي على المهام الثورية التي فرضها الواقع .
إن ما تقدم يظهر ويؤكد ضرورة البناء الفكري واعادة الاختيار  لأساليب التثقيف الثوري والجلسات والبيانات والندوات ، إحياء المناسبات الوطنية وإطلاق العنان للجدل الفكري داخل قلاع الأسر من أجل بناء كادر ثوري مشتبك قادر على مواصلة المسيرة في داخل القلاع وخارجها ، والأهم من ذلك هو بناء مجتمع صلب قادر على مواجهة التحديات والصعاب التي يفرضها الاحتلال وأدواته بدءاً من جيشه ، ومخابراته ، وليس الانتهاء بادارة مصلحة السجون القمعية . 
لقد عملت الحركة الأسيرة ومنذ النشأة على بناء الشخصيات الوطنية وتعبئتها ، حيث قادت بكفاءتها ووجدته وبنت الكثير من المؤسسات الوطنية ، والمواقع التنظيمية ، فنظره بسيطة على الواقع السياسي الفلسطيني تؤكد ذلك التحليل ، فالأسرى المحررين في السابق كانوا رواد الحركة الوطنية والسياسية على مختلف مشاريعهم ذلك انهم كانوا على قدر المواجهة والتحدي الذي فرض عليهم ، فما الذي حصل؟ لقد استطاعت إدارة مصلحة السجون كنتيجة الضعف الثقافي والبنيوي والسياسي لمجمل ابناء الحركة الأسيرة ، منذ تحويلنا من مجتمع صلب المراس ، مقاوم بكل اشكال القمع ومنتج سياسيًا وثقافيًا وحتى أدبياً الى مجتمع مستهلك للقيم والبضائع والسلع عبر إيهامنا لسياسة التبذير ، ذلك انها لم تعد جزءاً من معركة شعبنا ، وبهذا لا ضرورة لخلق حطة من الاستنفار واطلاق لعنان الاشتباك والمواجهة الدائمة عبر اغراقنا في الإسراف والاغراق السلعي وحتى الوقتي ذلك أننا لم نعد نعبر اهتمامنا للوقت الذي يهدد داخل الابواب المغلقة .
مضافاً لذلك تحول مركز القرار الفلسطيني من مركز قرار فصائلي جزئي مرتبط بتثور المجتمع والحاجة الموضوعية الى التثقيف وجزء منه لأسرى وبالتالي تحولهم الى رعايتي الدولة او السلطة ، تمتلك مركز والقرار وبالتالي لسنا بحاجة لمحترفين ثوريين ولسنا رعايا الفصائل وهذا جزء من وهم ، فما زالت الحركة الوطنية ضرورة وهامة مُلحّة ولازال الكادر الثوري المحترف هامة وضرورة لمس العملية الثورية فقط وإنما ايضاً في عملية بناء المجتمع والمؤسسات ، وبهذا الصدد فإننا بحاجة لسياسة كسر حالة الاحتجاز والخمول والخدر الذهني الذي نجحت مصلحة السجون ولحد كبير به من احل تحطيم مفهوم السجن الإسرائيلي وتحويله لمجتمع ثوري وخزان هائل من الكادر وبالتالي قلب السحر على الساحر من أجل ان يدفع الاحتلال ثمن احتجازه للأسرى ، فعلينا ان نكّون من السجون مدرسة جامعة ومركز قرار فما العمل ؟!!
إذن فليس اقل من أن يملك كل حزب وفصيل وحركة ومنظومة فكرية قيمية متميزة مضافاً طبعاً الى خلق المنظومة الوطنية العامة من أجل تحريك الماء الراكد . 
إن السجن بإعتباره قلعة وجامعة وساحة ثانية للنضال عند البعض ، وعند البعض الآخر استراحة مقاتل من أجل الجولة القادمة ، مهما كان مسمى هذه الجولة ، نضال ، بناء ، او اي شيء آخر ، لذى نحتاج بالضرورة الى منظمة فكرية علمية قادرة على :-
١- استيعاب دروس التاريخ والحاضر 
٢- بناء منهاج وبرامج لبناء الكادر المنظوم
٣- تكريس منهاج وبرنامج لكل مناضل في حالة تحرره من أجل رفد المجتمع به كي يكون فاعلاً مساهماً لاعالة عليه 
٤- ولتنشط الفردي والجماعي للمساهمة في حركة الشارع والمجتمع والسياسة الفلسطينية عبر التأثير الفاعل من أجل وثبه او تطور وتجاوز ازمته الحالية.
٥- ضمانة الخاتمة المرجوة لنضالات الأسرى ، حملت وصايا الشهداء في مركز هذه النضالات لنصل الى الخاتمة المرجوة وتحقيق الاستقلال وبناء الدولة .
إن البناء الفكري هو ضرورة في مرحلة التراكم للخيرات والنضالات من احل تطوير واقع الحركة الأسيرة داخل القلاع من أجل تصليبها ومواجهة المستقبل وانتزاع الحقوق ، هذا من ناحية ، ومن الناحية الثانية ضمان أجندة الاسرى كثابت من ثوابت الوطنية على الواقع السياسي ، عبر خطة واعية يقودها كادر طليعي ومحترف ثورياً لا يمكن تجاوزه . 
من ما تقدم من الضروري اطلاق الجدل الفكري الواسع من أجل تركيز الملاحظات والآراء والتوصيات من الكل المثقف في سبيل توجيه العملية التنموية للحركة الأسيرة وترسيخ القيم الديمقراطية في عملية البناء عبر عبر عملية واعية واضحة تتم من القاعدة للقمة .
الاسير محمد سعدة /سجن رامون.