كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

حوار سريع...

IMG_٢٠٢١٠٤٢٢_١٢١٨٠٦.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي

جَلَبةٌ تعم الأرجاء...

لا أحد من سكان المخيم يدري ما الذي جرى....وكأن أحدهم نفخ في الصخور فتدافعت الى مدخل المخيم...أسراب بشر تبعتها الدور والقبور وهالات النور.... أطواق الياسمين تركض وقد أَنستها العجلة تسريح لُباباتها فباتت برية تنفح عبيراً غير منظم....

جماعات المتدافعين جلسوا على مدخل المخيم وكل منهم له شأن يغنيه....

أحدهم يهمس أو كان يلزمك يا عاصم 18 عاماً من الغياب كي تتأكد أننا نُحبك....

فتاة مليحة تستظل من حرارة الشمس بيدها تضحك بعمق وتتذكر مدارس المخيم مقاعد الخشب والمراييل الزرقاء وعاصم.

بائع الحلوى المكشوفة....

فريق كرة الشارع....

أعمدة الكهرباء

أضرحة سكان السماء

كلها تقف على رؤوس أصابعها عندما يقترب الضجيج...

فتية يحملون رايات حمراء

يقتربون...

زفة صاخبة يتوسطها عاصم تحط بباب المخيم...

في لحظته الأولى يبدو ذاهلاً فلسنوات خلت لم يرى هذا الحشد من البشر....

تتدافع الأسئلة أين كُنت، ماذا صنعت، لما تأخرت. في غيبتك الطويلة هل أحببت أو تزوجت...من قابلت.... تدافعت الاستفسارات حتى كاد أحدهم أن يسأل ماذا أكلت....

مع تدفق الأسئلة وصمت عاصم الطويل تطوعت مئذنة شامخة قامتها شاهقة وحجارتها بدت ناطقة انحنت حتى التقطت الرجل ورفعته عالياً وبدأت تصرخ:

 

أوقفوا الضجيج...تباً لكم ألا تعلمون:

 أن الصمت في حرَم الجمال جمال...

وأن الأدب خير ولكن أفضله الامتثال...

أصمتوا وخذوا عني إجابات الأسئلة الطويلة

 

هذا إبن قلبي عاصم

فارس الملاحم...

نزل عن الجبل لتوه

ثمانية عشر عاماً وهو يقاتل

كل باغ وغاز قادم...

في سنة القتال الأولى قلع أَضراس التنين...

وفي الثانية رمم أضرحة مذبوحي قانا ودير ياسين...

سنته الثالثة كانت شعراً 

والرابعة قهراً

في الخامسة زرع الخنادق زهراً

أما في حوله السادس فرمم أطواق الياسمين

لم ينسه الشعر ولا القهر والزهر ولا غزل الياسمين

أنه مقاتل يسوح في بلاد الله 

فنزل غزة , صعد الخليل , وهبط جنين...

وعلى منوال الحب والقتال نسج ست سنين 

في عامه السابع أكله الشوق وأضناه الحنين

فتسلل للمخيم ذات ليلة وفيه مكث

سأل عن الشهداء ومواسم الحضور

زار الأزقة والصخور 

قال إني إشتقت وما علي يمين

ثم غادر....

في سنواته التالية إحتدت المعركة 

فتفرغ للقتال...

ترك حرب الغوريلا

بات جندي نظامياً 

يقاتل ثابتاً بلا تجوال 

وفي ذروة الحب 

لمح مُهرة برية..

عيونها كحيلة 

ضفائرها طويلة.. 

تتردد على الحمى 

سأل عنها فقالوا هي من هنا 

ذاك الجبل في ساح القتال والدها

فهي بنت المعركة ومنها سليلة

أحبها وأحبته...

أعطاها كل القلب وأعطته

وتعاهدا بألف قسم ويمين

بحب معلن يقف كالسرو 

يُعطي كالتين 

واليوم إذ يعود عاصمنا من المعركة 

دعوه يُرِيح كي نزفه عريساً لقديسته

ونغني لصموده وعودته....

عن الفداء والحب.... في بلادنا 

عن الشمس نطعمها أكبادنا 

ونمضي بالحب ولأجله نقاتل

ونمضي