كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي في الذكرى الخامسة عشر لاختطاف الأمين العام أحمد سعدات..

المسيح الجديد

854648_0.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي

لا أعلم من أي عقل ولد الصليب..

ولا أجزم إن وُلِد لغاية هندسية...

أو أنه جاء بعد نفث شيطان آبق...

المُهم أنه جاء...ولم تكن له في البدء تفسيرات غنوصية..

أين كان الصليب الأول....

وهل قُد من فرع باسق...

أم حُوِّر من تابوت هالك...

المهم أنه جاء....وقبل أن يُصبح شارة....

تتدلى فوق الصدور....

أو ترتفع فوق القبور....

كان سيفاً...في يد أبناء الذئبة...

جُرِّدَ على القدس وتَرك فيها نُدبة

يختلف أتباع الأديان...عواماً ، شيوخ وكهان 

والقائلة منهم حول هوية المصلوب الأول...

وصاحبيه....

ولكنهم يُجمعوا وهذا قلّما يحدث 

أن رجلاً منا لم يكُ مدنساً ولا ملوث...

حمل الصليب على كتفيه...

وسار حول مدينة الله حتى الجلجلة...

ثقبوا اليد والساق...ألبسوه زياً عجيباً وتاج أشواك...

وألقوه على الصليب...

بعض اللاحقين أَلّهوه...وعبدوه...

وبعضهم أنكر الحادثة....

كل الدنيا إنشغلت بالرجل وصليبه...

إلا جلاده....

صَمَت صويلاً ثم سَرق المصلوب وزمنه وأحداثه 

سَجَنَهُ في روما وبات وصياً على ميراثه....

ومن يومها لا زال الصليب قابعاً هنا...

صلبوا عليه جمجوم وفرحان وتغريد بنت سيدة الأحزان...

آخر المصلوبين كان...فلسطينياً فصيحاً....

ليس إلاها ولا مسيحاً....

بشرته سمراء...

وُلِد في مدينة تلحق دوما بإسم الجلالة....

وللرجل المصلوب جملة أسماء

أحمد سعدات....وأبو غسان ....

العربي مُنجز الثأر....وبشير العدالة

أعرفه ماركسياً ولكنه يُحب المسيح....

يؤكد بُنوتِنا لسليمان مُسَخِر الريح....

يصبر كأيوب....

كيوسف يُسجن ويظل ساحراً للقلوب...

الفلسطيني هذا....

ولد في زمن القحط والجفاف....

أنبت من عينيه نسراً ونهراً وفجراً وظل على حاله عاصفاً ولكنه شفاف....

في أيام الردة....بعد أن غربت البنادق....

أغوت راشيل بيلاطس...

رقصت له عارية....

إقتادته حيث البَردُ...ووكر الزانية...

وهناك في لحظة ثمل قرر صلب أحمدنا....

قادوه إلى رحاب مدينة ملحقة بإسم الله...

وعلى أخشابها علقوه....

لم يجدوا في ماضيه ما يشي بزندقة...

ولم يصدفوا في حاضره هرطقة....

ولكنهم صلبوه..

قالوا إن خطيئته أنه جاء خارج سياق الزمن

وإن ثاراته تَجلب متاعب ومِحَن....

صلبوا الرجل...وعند العطش راودوه بخل...وورقة مشبوهة....

قالوا في الظلام لا أحد يراك هلا قبلت بالحل....

ولك ما تُريد مال وجاه وما لا يخطر بعقل....

تنهد رجل الصليب....

لم يبصق ولم يلعن واقعاً عجيب...

قال يا أبي كنعان...يا عناة.

يا أدونيس....يا كل الأنبياء والأولياء

...أمثلي يبيع....

أعندي الدم يضيع....

أبعد السجون والشجون...أُهدِرُ الشرف الرفيع...

أعادوه للصليب على حافة مدينة القمر....

سنوات ثم أسلموه للروم ومن يومها لا زال على صليبه..

يُشرق على الأرض في مواسم المطر....وعند الخطر...

يبصق في وجه الروم...

ويصرخ أنا وصليبي....

سنظل سيفاً في الحلوق

معولاً في العروق....

ذات يوم سأثأر لشعبي ومصلوبيه....

وسأمضي حتى الجلجلة بزهرة حمراء...

براية غراء.....بعدالة هي وصية السماء...