كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

حين نُصبح أرقاماً...نخرج من كل المعادلات

20141216111001.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي

أيام طوال بتفاصيلها المكرورة ونمطيتها التي توصل العقل حد التعطل والضمور الإجباري أمضتها ولا تزال فدوى حمادة ، نوال فتيحة بالإضافة لوائل الجاغوب وعمر خرواط في زنازين العزل الإنفرادي.....وبعيداً عن لعلعة الحناجر وإضفاء قوالب البطولة الخارقة على هذا العدد من الأسيرات والأسرى ولأننا وللأسف أبناء واقع ممسوخ بات الحق فيه لا يأتي حتى بعد طول إستجداء دعونا نُعرّج قليلاً على مجتمع الغزو الصهيوني وما يدور داخله...إذ أنه وفي الوقت الذي عانيت طويلاً ومعي طاقم العمل في حنظلة من أجل الوصول لقاعدة بيانات عن قطاع ما من الأسرى و فوجئت بأن جهات رسمية أو شبه رسمية تُعطي أرقاماً تقريبية ولا تمتلك لعدد لا بأس به من مكونات القطاع موضع بحثي صور أو عناوين وصول للأهالي ، ضَج الإعلام العبري بأخبار متتابعة حول إجتماع خاص عقدته (لجنة الخارجية والأمن في الكنيست) بتاريخ 2021/1/27 وحضرته عائلتي الجنديين شاؤول آرون وهدار غولدون وخَلُص في النهاية إلى عدم إدخال اللقاحات المُضادة لفايروس كورونا أو أي تجهيزات أخرى لمواجهة الوباء قبل إطلاق سراح الجنود المأسورين في غزة.

هذا الخبر وعلى ما يحمله من تكرار إلا أنه يعيد نبش جروح متأصلة في أرواحنا وصيرورة معركتنا الوطنية إذ انك حين تُقارن صور أهالي الأسرى الفلسطينين (مقاتلي الحرية) بما يصلك من صور لأهالي الجنود الصهاينة ( جنود الغزو) تجد فرقاً وبوناً هائلاً ....

أهالي أسرانا يأكلهم الفقر والحرمان الإجتماعي والمادي ولا تعدو عذاباتهم وأبناؤهم أكثر من كونها مواداً للتراشق الإعلامي والتنافخ بين الفصائل وقياداتها تُفضي لإتجار مقيت أتوقع أن يزداد تفشياً خلال البزار الإنتخابي الحالي...

تجد على المقلب الآخر أهالي أسرى العدو يشاركون في إجتماع لجنة (برلمانية) تعتبر من أهم لجان الكنيست وهم كذلك يجوبون العالم لشرح قضايا أبناؤهم فتُفتح أمامهم سفارات وتُسخر لخدمتهم جماعات ضغط وشركات عابرة للحدود وماكينات إعلامية مهولة وبعد ذلك وقبله يتظاهرون ضد سياسيهم يسفهونهم على الملأ ويصرخون في وجوههم أعيدوا لنا أبنائنا.

إن سردي هذا ليس من باب مقارنة أهالي أسرانا بذوي الجنود الصهاينة من جهة كما أنه ليس طرحاً للمفاضلة بين سلوكين بقدر ما هو تعرية لزيف الشعارات التي تستخدم قضية الأسرى سُلماً للإنتهازية السياسية ونقد لاذع للكتاب والإعلامين وأصحاب الرأي والأسرى أنفسهم ولكل من يسبح بحمد السلاطين وأولي الأمر لأنه لافضل ولا منة لمن صرف للأسير راتباً أو منحه مساعدة معيشة أو سكن هذه حقوق عامة يجب أن يحظى بها أبناء شعبنا جميعاً أسرى وغيرهم على حد سواء...

إن من يستحق الثناء هو من يُبيض السجون ويقودنا خلفه لكنس الغزاة عن أرضنا وهو حين يأتي سيكون بالقطع قائداً حقاً وليس سلطاناً يجمع حوله التنابلة والمداحين لذا لن يقبل على عمله جزاءً ولا شكوراً...وما دون ذلك لنعتز نحن الأسرى ومعنا كل أبناء شعبنا بأنفسنا فلا فضل لأحد علينا سوى خالقنا ولنغادر جميعاً دائرة الأرقام الصفرية حتى لا نسقط من المعادلات.