كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

أم سامي أبو دياك...سَمل السجن عيناً...وبدأ يُهدد الأخرى

CC51D20B-C3E1-4F6C-9AD3-CDD108A97102.jpg

بقلم دعاء الجيوسي

يوم أمس 13/1/2021 صادفت الذكرى السادسة عشر لاعتقال الأسير سامر أبو دياك من بلدة سيلة الظهر الواقعة إلى الغرب من جنين....كُنا في المكتب نُعد كشفاً بأسماء الأسرى الذين دخلوا أعواماً إعتقالية جديدة وقد قررنا أن نُجري مقابلة هاتفية مع والدة أبو دياك لنسترجع ذكر وذكرى نجلها سامي الذي إستشهد في السجن قبل ما يُقارب العام ونستعرض واقع إبنها الثاني سامر الذي لا زال في محبسه.

أعددنا الأسئلة ورتبنا للمقابلة وإتفقنا على قالب إخراجي لها وبدأت مهمتي التي تكررت كثيراً مُذ بدأت العمل ضمن طاقم مركز حنظلة...قبل أن أرفع سماعة الهاتف شعرت بحالة شجن غير مسبوقة حمدت الله أن تكرار حديثي مع أهالي الأسرى لم يجعل معاناتهم أمراً روتيناً بالنسبة لي تنهدت وقلت يبدو أن الأسيرة في داخلي لا زالت مكانها لم تغادره...

حادثت والدة سامي وسامر فجاء الصوت من جنين مخنوقاً...عرفتها بنفسي والمركز وسألتها عن إبنها الذي لا زال مُعتقلاً الحق أقول إن السيدة ببساطتها ولكنتها القروية لم تنمق كلماتها ولم تحاول إعطاءها بعداً أو قالباً لغوياً ولكنها على الرغم من ذلك جاءت فصيحة صريحة تلامس شغاف القلب.... قالت باختصار أخذ السجن أبني سامي واليوم يأخذ سامر بالتدريج.

ثم إسترسلت ما لا تعلمونه أن سامر لا زال في مشفى سجن الرملة ليس مريضاً ولكنه طلب أن يظل فيه ليرى صورة أخيه الشهيد ويقوم بأمر باقي إخوانه الأسرى المرضى الذين لا حول ولا معين لهم في المشفى.

لحظتها طويت أوراقي...وقلت للسيدة...الآن إنتهت مهمتي لست صحافية ولكني أخاطبك كأسيرة عايشت الوجع وعاشته...يا خالة السجون لا تُغلق على أحد تنهدت وقاطعتني ولكنها أغلقت على سامي وكمال وسعدي وربك يعلم على من سيكون الدور.

الحقيقة إن أم سامي لامست شيئاً في داخلي ويبدو أنها إستخرجت إحباطاً ويأساً من الواقع العام كُنت أجاهد لدفنه ولا سيما عندما ألتقي أو أهاتف أحداً من ذوي الأسرى...ولكن مواجعنا في هذه البلاد باتت أكبر من أن تُدفن أو نتعالى عليها...فما كان وربما سيكون واضح وجارح....أسرى محكومون بالمؤبد تأكلهم الأمراض والقيود وينهشهم ظلم ذوي القربى ولهاثهم خلف سراب لا يروي عَطِش ولا يٌشبع جائع....حقاً إن السجن أٌغلق على سامي أبو دياك وكمال أبو وعر وسعدي الغرابلي وداوود الخطيب ويبدو أنه سيفعل ذلك مع غيرهم....

المهم أن سيل إحباطي هذا ظل داخلي فلم ألقي على مسامع السيدة المفجوعة قولاً ثقيلاً...شكرتها بلطف وأغلقت الهاتف....وأنا أدعو من يسمع الدعاء بألا تمتد اليد التي سَملت عين أم سامي لتصل عينها الثانية.