كتب الأسير الأديب كميل ابو حنيش مهديًا الصديقة الكاتبة حنان بكير

وبلادنا هي البتول

f6d2772b-6d2d-4c16-aebd-9f708be1bff4.jfif
المصدر / السجون-حنظلة

قصيدة جديدة تعانق الشمس

"وبلادنا وهي البتول"

سجن ومنفى في المدى يتحاوران 

سنلتقي صوتين في هذا الأثيرِ 

لإننا نحتاج هذا العهد كي نتلمس 

الوجع الدفين ونحتفي ببلادنا....

لبلادنا روحٌ تحلُّ بنا ... فتحمينا وتحيينا

وتنجبنا على مهلٍ

ونحملها كوشمٍ في ثنايا الروح 

نحملها كما لو انها تعويذة للعشقِ والعرفانْ 

فلا تقولي يا حنان : متى سيزهر وقتنا ؟

ودعي السؤال معلقاً حتى نكون مهيئين 

على الإجابة عن سؤال الامتحانْ ؟

فربما تأتي البشارة ذات يومٍ 

من رواء ضباب هذا العالم الموبوءِ

في داء البلادةِ والفصامْ 

وتعود توأمه الزمان مع المكان 

مثل النهايات السعيدة في الاساطيرِ القديمةِ 

وانتصار عناة في كل المعارك مع اله الموت .....

والعُقبى ، ستأتلقُ الحياة

على الروابي والجنانْ

وتلتقي عكا بطفلتها الصغيرة 

تحتفي فوق التلال وتجمع الازهار في زهوٍ

وتخدشُ شوكة القندول اصبعها الصغير

فلا تخاف على البنانْ

مدي يديك وعانقي عكا ولو في الحلم 

ولتجمعي صدفاً قديماً لا يزال مكابراً

من رمل شاطئها العصي على الهوانْ

واصغي لاحداها تردد ما يخبئه الزمان بجوفها:

جاء الغزاة بكل اصناف الغزاة 

واوجعوا ايامها ، داست سنابكُ

خيلهم زهر الشقائق 

واستباحوا الزعتر الجبلي في وديانها

وبنو القلاع على القلاع على القلاع 

وافزعوا غزلانها ....

لكنهم خسروا جميعاً ... كلهم خسروا الرهانْ....

رحلوا جميعاً خلف هذا البحر 

ومكيدة التاريخ ان يتبددوا 

فيما يخبئ بعضهم بين السطور

فيخرجوا متنكرين بمشهد الشعراء

والوعاظ والعشاق والزهاد...

ويدعون بأن ماضيهم ينام على الترابْ

وانهم كانوا هنا يرعون ماعزهم 

على هذي الهضابْ 

ولكل قوم منهم اسطورةً مزعومةً

تروي الوعود المستقاة من السماء 

لم يبق وغدٌ مارقٌ إلا وجرّب أن يرواد أرضنا

عن نفسها ، نظموا القصائد - دون وزنٍ-

في جمال بلادنا

لكنها لم تلتفت أو تستسيغ كلامهم 

كانت قصائدهم نشازٌ مثلهم 

فشلوا جميعاً في استمالة ودها 

بقيت على عهد الأناشيد القديمة: 

بعلها ... وعناتها ... عنقاؤها

وظباء كرملها الجليل ...

وزمرة الأوباش في كل العصور

تناهشوا أشجارها ... أحجارها ... شطآنها...

سحبوا خناجرهم وأدموا قلبها...

لكنها دأبت تقاوم كل محتالٍ ومرتزقٍ جبانْ... 

دأبت تعلم أهلها جيلا فجيلا

كيف تنبثق الحياة من الرماد 

بكلّ مرحلةٍ وآنْ 

وبلادنا.... اسمٌ يشعُ وتحتفي في ذكره

الاوطانُ والأزمانُ والبلدان 

وبلادُنا... وهي البتولُ كمريمٍ

حبلت بنا من دون عارٍ

قد يدنس اسمها .....

وهي البتولُ، وحين أدركها المخاض

وأنجبتْ أبنائها من فوقها ...

كي ينطقوا بالأبجدية والكلام 

ويعلموا البشر البلاغة والبيانْ ...

وينشروا معنى الأمانة والأمانْ

وبلادنا ستظل تشرق شمسها

مهما استطال بها الظلام ...

ويا حنانْ ...

خبئي هذا الحنين وحاذري 

ان تورثي الأحفاد غير حنينهم لبلادهم...

سأظل أنبعُ فجأةً في ناظريك 

ملوحاً ومعاهداً ....

فأرى ابتسامتك الظليلة ، تشعل الحلم القديم :

بأننا يوماً سنزرع ظلنا فوق التلال

 على ثرى أرض الغزالة واليمامة 

حينما يتعانقانْ 

والحلم يصدق دائماً 

مهما يحاصره الدخانْ 

مهما يخالفه الزمانْ

 

الاسير الاديب كميل ابوحنيش

سجن ريمون الصحراوي