كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

حكيم عواد..الاسم والمسمَّى بجوهر ديالكتيكي

thumb.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي

جَرت عادة العرب القُدماء على انتقاء الأسماء ذات المدلولات التاريخية لأبنائهم وكان لديهم مُعتقد في ذلك مفاده أن الاسم ينسحب سمتاً وجوهراً على حامله ولمن نظر لطريقة التفكير هذه بمنطق التحليل البحت يَجد فيها بعض السذاجة إذ أن الطباع والصفات والسلوك كُلها تأتي مُكتسبة من التنشئة الاجتماعية أولاً ثم نتاج التجارب الشخصية والتُعلم الذاتي أو من الآخرين ثانياً.
إلى هذا الاستنتاج يقودنا التفكير بمنطق ميكانيكي ولكن إن تناولنا الفكرة السابقة بشكل ديالكتيكي يختلف الاستنتاج حتماً كون المُحيط الاجتماعي الذي يمنح الوليد إسمه إنما يختاره من إطاره المعرفي ووفقاً لميله الذاتي نحو أشخاص حملوا الاسم سابقاً لذا تجد أن من الطبيعي أن يتسمى سكان البوادي بأسماء ذات علاقة ببيئتهم وطريقة تفكيرهم فتراهم يتنادون بأسماء عُقاب وصقر وفارس وغيرها بينما يُسمي البحارة أبنائهم عاصف وبحر وصخر وغيره...وعليه تجد أن أباءنا الأوائل أصابوا في جزء من طريقة تفكيرهم فأعطوناً إستنتاجاً مادياً جدلياً لموضوع الاسم والمسمى وإن كانوا ليسوا ماركسيين بالمعنى النظري.
الحق أقول إن ما دفعني للبحث في موضوع الأسماء وحامليها عند العرب قضية الرفيق الأسير حكيم عواد وما عزز رغبتي في البحث أكثر مفاجئتي بأن شقيقه الآخر يحمل إسم جورج بمعنى أن في بيت العائلة بقرية عورتا القريبة من نابلس وُلِد جورجٌ وحكيم وهذا يؤشر بالقطع للمدرسة السياسية التي تنتمي لها الأسرة حالها حال معظم أسر الريف النابلسي الواسع.
حكيم عواد إسم سيتردد كثيراً في تاريخنا الفلسطيني أو لنقل يجب أن يحدث ذلك، في مقتبل العمر لم تُعطه حياة القرية فرصةً أكثر من أن يلتصق بالأرض وينتمي للجبهة الشعبية التي كان خاله جبريل عواد أحد أبرز قادتها العسكريين قبل أن يستشهد في إشتباك مع قوات الاحتلال وسط نابلس بتاريخ 18/12/2003.

ليلة 11/3/2011 إقتحم حكيم وإبن عمه أمجد وكلاهما كانا في التاسعة عشر من العمر مستوطنة إيتمار شرقي نابلس ونفذوا عملية جريئة داخلها قتلوا خلالها بالسلاح الأبيض خمسة مستوطنين وجرحوا آخرين ومن ثم استولوا على سلاحهم وعادوا أدراجهم إلى قرية عورتا ليجري اعتقالهم بعد العملية بـ 25 يوماً.
بعد اعتقاله تعرض حكيم لتحقيق قاسي إمتد لشهرين تبعهما عشرة أشهر أخرى قبل أن يُقدم للمحاكمة التي تحدث في باحتها ببلاغة أذهلت الحضور إذ رفض الاعتذار عن ما فَعَل وخاطب القاضي بتحد( أنا نفذت عملاً من أجل شعبي وحريته ولن أعتذر أو أُبدي الندم أنتم قتلتم وتقتلون الألاف ولا تعتذرون فلما أعتذر أنا)...حَكم القضاة الصهاينة على حكيم بالسجن لخمس مؤبدات وبضع سنين ورفعوا جلستهم مذهولين.
ومن لحظة اعتقاله حتى اللحظة يتنقل حكيم بين السجون وزنازين العزل فدائياً لا يلين أكمل دراسته الجامعية بالمراسلة ولا زال مُصمماً أن عمليته الفدائية , سنوات سجنه المئوية, والقيود التي تأكل عمره مهراً كان لا بد أن يدفع ليُبَرِرَ إسم الحكيم الذي يحمله ويكون جديراً بالشهيد جبريل خالاً وملهما....