أمضى ما مجموعه 16 عام في سجون الاحتلال..

45 عاماً وناصر أبو خضير لم يُغادر صهوة قيده

IMG-20201212-WA0000.jpg
المصدر / حنظلة

تقرير : دعاء الجيوسي

على الأطراف الشمالية الشرقية للقدس يربض مخيم شعفاط قابضاً على أوجاعه يضن ولا يبوح بها إلا لمن يفهم لغته فللحجارة والبيوت لغتها .

كصحفي أو حتى زائر لن تكتشف فرقاً إن دلفت للمخيم من أي جهة كانت فلا معالم حضرية فارقة ولا منشآت خدمية يُمكنها أن تُمَيز إحدى بقاع المخيم عن الأخرى.

الفارق الوحيد في المخيم الذي يُمَكِنك من تمييز البشر عن بعضهم هو شكل المعاناة التي مهر الإحتلال بها حياتهم فهذا فقد عينه برصاصة و ذاك فقد والده أو أخاه في متاهات السجون منذ أعوام وهنا كان بيت هدمه الإحتلال وعلى ناصية قريبة قُتِل فتاً برصاص الجيش لِتُسَمى فيما بعد بإسمه ، ولمخيم البؤس الذي بدأ حَشر الفلسطينين فيه عام 1965 بعد نقلهم من مخيم المعسكر القريب من حائط البراق بالقدس القديمة قصص كثيرة رموز ووجوه وطنية يَعرِفُها ويُعَرَّفُ بها ، ومِن هذه الوجوه ناصر أبو خضير الحُرُ أبداً والأسير دائماً.

وُلِدَ ناصر عام 1961 قبل إتمام إحتلال فلسطين بستة أعوام ودَرَج أولى خطواته للحياة في مخيمات اللجوء التي قادته وفق لسردية التراجيديا المعروفة صوب السجون فلم يُغادرها مُنذ عام 1975 حتى اللحظة إلا لِماماً في وقت مُتشظي تعرف خلاله برفيقة دربه عبير فتزوجا وبين كل إعتقال وآخر كانا يُنجبا طفلاً فأتموا عُدتهم خمسة سادسهم القيد دائماً. 

إعتُقِل ناصر خلال الأعوام ( 81 / 94 / 2001/ 2003 / 2011 / 2017 ) وأمضى داخل سجون الإحتلال 16 عاماً وعلى هامش هذه السنوات الطويلة إِعتُقِلَت زوجته عبير أكثر من مرة وتعرضت للتعذيب في مراكز التحقيق وصادف أن إعتُقلا معاً عام 2001 وتركوا أطفالهم في الخارج وبتوالي السنوات لم يتبدل المشهد بل إكتملت سرياليته بإعتقال الأبناء الخمسة ذكوراً وإناثاً على فترات متلاحقة ومن يدري ربما تمنطق واحدٌ من هؤلاء بقيد كان في السابق يلتف حول ساعدي والده أو والدته فعلى هذه الأرض تُوّرث القيود والزنازين كصفة اللجوء وذكريات الأرض السليبة تماماً.

إِعتَقَلَت قوات الإحتلال ناصر أبو خضير للمرة الأخيرة ليلة العاشر من ديسمبر عام ألفين وعشرين ولا زال حتى لحظة كتابة هذه السطور موقوفاً في مركز تحقيق المسكوبية بالقدس المحتلة.