كتب الأسير المحرر أحمد أبو السعود..

في ذكرى الإنطلاقة الثالثة والخمسون

365287f7-fd6e-4d5b-bd73-effd667f4d6a.jpg
المصدر / حنظلة

بقلم : الأسير المُحرر أحمد أبو السعود.

يحق لنا أن نحتفي ونمجد تنظيمنا مثلما يحق لكل فصيل ذلك في ذكرى انطلاقته, فالتنظيم يشكل جسما عضويا حيا له رأس قيادي وله فكر وبرنامج وله أدوات تنفيذية, والمهم له هدف سياسي كبير هو تحرير فلسطين من الاحتلال, وكانت تتبارز الفصائل فيما مضى بعمليات نوعية ضد الاحتلال للتأكيد على سيرها على طرق الكفاح المسلح كوسيلة للتحرير واقتلاع الاحتلال, وبكل تواضع كانت الجبهة الشعبية تأخذ مكانها المتقدم في هذا المجال, وتضيف إلى إنجازاتها صلابة البنية الداخلية والإنتاج الثقافي والفكري بشكل عام, وقبل كل شيء إتساع محيطها الجماهيري, وتقف بكل فخر لتنتقد العام المنصرم وتؤكد على الأهداف والخطط للعام القادم, فهل ما زال رونق الانطلاقة كما في السابق ام حدث تغير نوعي؟ 

الانطلاقة ليست عيد ميلاد لنحتفل بها لمجرد أن سنة قد أضيفت لعمر الجبهة, فالجبهة ليست عمراً محدوداً بعمر الشخص وإلا لانتهت مع رحيل مؤسسها الأول الحكيم جورج حبش, إنها وهكذا المفروض أن عمرها يقاس بعمر الشعب طالما تخدمه وتحقق أهدافه ومصالحه وهي نذرت نفسها لذلك. 
من يعتقد أن الانطلاقة وإحياؤها يعتمد على التمجيد وإعادة سرد التاريخ المشرف والمضيء, وإطلاق كلمات قيلت على لسان قادة عظماء في مراحل سابقة, أو التغني ببطولات مضت فهو مخطئ, أو نحيي الانطلاقة إذا توفرت ميزانية فتكون احتفالات لنقنع أنفسنا بأننا لم نتراجع ولم يحدث أي تغير علينا. 
التوقف أمام عام مضى على مسيرتنا أو ذكرى الإنطلاقة هو محاسبة للذات وليس للرضى عن الذات, وطرح التساؤلات أين نحن من الأهداف التي انطلقنا لأجلها وأولها تحرير فلسطين؟ أين نحن من المبادئ الثورية التي حكمت وينبغي أن تحكمنا؟ وأين نحن من الفكر الثوري وأعني الماركسية اللينينية الأساس الأول في الوحدة الفكرية والتنظيمية والسياسية ؟ ودونها نصبح خليطاً من الافكار المتناقضة وبناءً هشاً وتعددية في المواقف السياسية, والسؤال المهم أين نحن من جماهيرنا الفلسطينية داخل وخارج الوطن, هذه الجماهير التي ما تزال تحلف بحياة جيفارا غزه وأبو منصور وابراهيم الراعي وغسان كنفاني وطبعاً وديع حداد وغيرهم ممن ضربوا المثال في العطاء والتضحية لأجل فلسطين. 

أين نحن من وصايا الشهداء ومطالب الاسرى بالحرية؟ ولن نذكّر أحداً أن الأمين العام للجبهة يرزح منذ سنوات طويلة في القيود بدون محاولات جادة لتحريره وعموم الأسرى على الرغم أن الجبهة الشعبية فيما مضى هي التنظيم الأول الذي عمل على تحرير الاسرى. 

سنظل نهتف عاشت فلسطين وعاشت الجبهة الشعبية, لكن يجب أن لا نغمض الأعين عن التغير الكبير على واقعنا, وأن التغير للأسوأ وكل عام يأتي أسوأ من سابقه, فلا ترضوا عن ذاتكم فنحن نتغير مثل الظروف. 

العلاج يجب أن تبقى الجبهة الشعبية شابة مثلما انطلقت, وأن تكون شابة قوية في روح الفداء والتضحية يجب أن يكون معظم قياداتها من الشباب التضحويين الذين لا يكثرون الحسابات لا للعدو ولا للبروتوكولات, بل للعمل المنظم المدروس الذي يوجع أعدائنا, حينها ستلتف من حول الجبهة الجماهير التواقة للتحرير والعودة, وهذا العمل لن يكون دون جسم منظم ويستند للمبادي التي يرسمها النظام الداخلي وبعيداً عن الارتجال والفردية. 
عاشت الانطلاقة وعاشت فلسطين وعاش الشعب الفلسطيني المتمسك بكل فلسطين من النهر الى البحر.