كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

الإنطلاقة في السجون، الجزء الثاني، "قتلنا شمشون في ساحة الشارون"

IMG-20201208-WA0009.jpg
المصدر / حنظلة

بقلم دعاء الجيوسي

في الحلقة السابقة تحدثت عن تجربتي مع إحياء ذكرى الإنطلاقة في سجن الرملة حين كنت وحيدة في زنازينه ، وعلى إمتداد العامين اللاحقين تكرر ذات السيناريو مع إختلافات طفيفة في بعض تفصيلاته أما في العام 2005 فقد كنت في سجن الشارون المُقام وسط السهل الداخلي بالقرب من طولكرم وكنا حينها لم نُتِم بناء منظمتنا الحزبية ولكننا نحيا وضعاً قريباً من الحياة التنظيمية خمس رفيقات ينتمين للجبهة الشعبية واحدة من قلقيلية إعتقلت على جسر الكرامة بعد أن هاجمت جنود الإحتلال عليه بالذخيرة الحياة وثلاثة من قُرى نابلس إعتقلن بعدما حاولن تنفيذ عملية لم يُكتَب لها النجاح وكنا نعيش في زنازين مُتَفَرِقة معظم القابعات فيها من فصيل آخر قبيل حلول ذكرى الإنطلاقة بأيام إلتقينا في ساحة الفورة وفكرنا في طريقة نُحي بها الذكرى ونُجدد العهد بشكل جماعي وعلى مرأى من الإدارة ولما عدمنا الوسيلة قررنا أن نقوم بذلك عند خروجنا لساحة الفورة صباحاً أتممنا الترتيبات حتى جاء اليوم الموعود صبيحة الأحد 2005/12/11 خرجنا للفورة في تمام الساعة 

الثامنة صباحاً وقفنا طابوراً حاولنا أن يكون على شاكلة طوابير العسكر وبدأنا نُغني ( إن تَسَل عني فهذا موطني) وزعنا حبيبات حلوى على الأسيرات في الساحة ووقفت في مُنتصفها لألقي كلمة ما إن إفتتحتها بتحية الأسيرات وُمعاهدتهن بإسم الجبهة الشعبية وكتائب أبو علي مصطفى بمواصلة المقاومة حتى قامت قيامة السجن هَرَع ضباط الإدارة ومُجندات الشرطة وعددا كبيرا من عناصر شرطة السجن إلي الساحة وتطايرت الهروات في السماء قبل أن يحدث إرتطامها بالأجساد الأسيرة ضجيجاً وحالة هستيرية في الساحة، لم يطل المشهد طويلاً فقد تجمعنا سونا ، لنان ، عادلة ، لينا وأنا حول بعضنا البعض وبدأنا نهتف الموت لإسرائيل ( وننشد لاح العلم الأحمر لاح) ولا أذكر إن كُنا أكملنا النشيد أم لا ولكن ما أذكره جيداً أننا كنا نقف خمس أسيرات بمفردنا في ساحة السجن تحاول كل منا حماية الأخرى بجسدها و نواجه دولة بأكملها تُصب علينا حقد القرون وضغينتها و نحن نُقاوم بالأمل ووعد الحرية والثأر ، كسامر عرس إنفض على حين غرة أو كشريط سينمائي ضربه العطب في ذروة العرض إنقطع المشهد ولم أذكر من تفصيلاته سوى أنني بعد وقت قصير كُنت في العزل الإنفرادي الذي إستمر لأربعين يوماً خرجت منه لأكتشف أن رفيقاتي الأربعة قضين فيه ذات المُدة ولاقين داخله تنكيلاً وإستهدافاً كالذي لاقيت ، المهم أنه وخلال لقاءنا الأول في ساحة الفورة وبعد أن إطمأنت كل منا على الأخرى وسردنا ذكريات العزل القاسية تبسمت إحدى الرفيقات وقالت : هي لمن نكمل النشيد يوم القمعة تعالوا نكمله،،، تبسمنا و شعرنا بقيمة ما فعلنا حين رأينا التوتر طغى على حركات ضباط الإدارة بمجرد أن رأونا مُتحلقات نتحدث في الساحة.