كتب الأسير الأديب كميل أبو حنيش من داخل زنزانته في سجن ريمون

"ولايةُ أوباما الثالثة"، بقلم الأسير كميل أبو حنيش

f6d2772b-6d2d-4c16-aebd-9f708be1bff4.jfif

انتهى عهد "ترامب" وسيبدأ عهد الرئيس الأمريكي الجديد "جو بايدن"، ومن المتوقع أن تشكل ولايته إحتواءً لإدارة الرئيس الأسبق "باراك أوباما"، فبايدن عمل نائبًا لأوباما خلال ولايتين ولمدة ثماني سنوات، وبدا خلال هذه السنوات كما لو كان ظلًا لأوباما في مختلف السياسات والقرارات مع أن وظيفة نائب الرئيس تبدو على هذا النحو في مختلف الإدارات الأمريكية.

ومن البديهي القول في هذا الإطار، أن العلاقة ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل غير محكومة بتبدُّل الرؤوساء والإدارات، وإنما محكومة بشبكة معقدة من العلاقات الإستراتيجية والسياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، مع أننا ندرك أن ما قدمه ترامب لإسرائيل تخطى بعض الحدود المرسومة في إدارة الولايات المتحدة لملف التسوية في المنطقة، وتصرف بسلوك سياسي ودبلوماسي أرعن وغير مألوف في العلاقات الدولية، بعبارةٍ أخرى لم يرتدي أي قناعٍ دبلوماسي ولم يغلف قبضته الحديدية بقفازٍ مخملي كما دأب عليه الرؤوساء الأمريكيون السابقون، أما الإسرائيليون ورغم أن غالبيتهم العظمى فضَّلت فوز ترامب وذلك حسب استطلاع للرأي أُجري قبل الإنتخابات الأمريكية بأيام، غير أنهم سارعوا للبحث عن مزايا بايدن وعلاقته بإسرائيل، وإمتداح إدارته الجديدة وحتى زوجته وهو ما يعني طي صفحة ترامب وإعادة العلاقة مع الولايات المتحدة لطبيعتها المعروفة.

أما على صعيد السياسات التي سينتجها بايدن وإدارته على صعيد "التســوية" وملف الصراع الفلســطيني-الصــ.ـهيوني، فمن غير المرجح أن تحذو هذه الإدارة بخطوات إستثنائية، وإنما ستعود لذات المربع في إدارة عملية التسوية، وربما لذات النقاط التي توقفت عندها مقاربات وزير الخارجية الأسبق جون كيري في ولاية أوباما الثانية، أما خطة صفقة القرن فسيجري إزاحتها من الطاولة، مع الإبقاء على ما قدمه ترامب لإسرائيل من نقل للسفارة الأمريكية إلى الــقدس ومواصلة تشجيع المزيد من الأنظمة العربية للتطبيع مع إسرائيل وغيرها، وستسعى الإدارة الجديدة لتعيين مبعوث جديد للسلام وإعادة العلاقة بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية عند النقطة التي توقفت عندها عشية انتهاء ولاية أوباما الثانية.

وعلى صعيد ملفات المنطقة والعالم، ستحاول إدارة بايدن إصلاح ما خلفته سياسات ترامب، ومن المرجح أن تعود الإدارة الجديدة لتجديد الإتفاق النووي مع إيــران مع تغييرات طفيفة بضغوط إسرائيلية.
وإدارة بايدن ستمثّل إمتدادًا لإدارات أوباما السابقة ومن الجائز أن نطلق عليها إدارة أوباما الثالثة، وستكون لدينا أربع سنوات قادمة على الأقل من السياسات الناعمة التي لن تختلف في مضامينها عن السياسات الأمريكية للإدارات السابقة، ولكن خطورتها تكمن في ترسيخ ما قدمه ترامب لإســـرائيل، وتحصيل المزيد من المكاسب لها، ولكن بوسائل أكثر نعومة.

الأسير كميل أبو حنيش
سجن ريمون
نوفمبر 2020