اللجنة الإعلامية والثقافية للجبهة الشعبية في سجون الاحتلال تعقد ندوة بعنوان

"صفقة القرن ومشاريع الضم"، ندوة عقدتها منظمة الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال

سجن-4-780x405

ضمن الفعاليات والأنشطة الخاصة بإحياء الذكرى الثانية والسبعين للنكبة، عقدت منظمات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في فرع السجون ندوةً بعنوان: صفقة القرن ومشاريع الضم الصهيونية

مركز حنظلة للأسرى والمحررين

الواقع والتحديات: حيث جري فيها تقديم مجموعةً من الأوراق ضمن ثلاث محاور رئيسية شارك فيها مجموعة من الرفاق حيث قدم الرفيق وائل الجاغوب في المحور الأول ورقة تناول فيها مضامينها أي مجموعة من التحديات بالإضافة إلى آفاق التغيير وإمكانيات لمواجهة صفقة القرن، إذ طرح الرفيق الجاغوب في مقدمته التاريخية تساؤلًا حول إذا ما كان الانقسام الجغرافي والسياسي الفلسطيني الحالي طارئاً على تاريخ شعبنا أم له جذورٌ تاريخية، مفيدًا أن الانقسام له جذور تاريخية جغرافية، بدأت منذ عام النكبة الأولى، وذلك من خلال تفسخ الوحدة الجغرافية الفلسطينية التي أدت إلى الشتات الفلسطيني وتوسعه زمانيًا ومكانيًا في أقاليم مختلفة في أنحاء العالم مؤكدًا أن هذا الانقسام أدى إلى تحديد وحدة الهوية والانتماء، مما أدى إلى نشوء ثقافات وسياسات فلسطينية متضاربة وغير متجانسة، وما عزز هذا الانقسام هو القبول المتأخر لمنظمة التحرير الفلسطينية بقرار ٢٤٢ الذي عزز بدوره الانقسام الجغرافي والسكاني والسياسي وأقصى من دائرة الصراع تجمعات وتيارات فلسطينية كثيرة، وهذا ما كرسته بدورها اتفاقية أوسلو التي أدت بدورها إلى غياب الوحدة الثقافية والسياسية للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. 

وعليه فإن الإنقسام الفلسطيني المستمر منذ عام ٢٠٠٧ ليس طارئاً وإنما هو انقسام ناشيء ضمن سياقٍ تاريخي طويل، وهذا ما يتطلب بالضرورة إعادة توحيد البرنامج السياسي الفلسطيني عبر إعادة ترميم الهوية الفلسطينية المدعومة بذاكرة جماعية تفتح الطريق أمام إعداد برنامج سياسي شامل أهم بنوده حق العودة الذي يضمن إزالة آثار الانقسام الجغرافي. 

كما أكد الرفيق الجاغوب في مداخلة أن على الحركة الوطنية الفلسطينية الاعتراف بفشلها لا بهزيمتها في مهمات صراعها مع الاحتلال، داعيًا إلى إعادة التفكير وإجراء مقاربة نقدية جدية وواعية للوسائل والمناهج التي اتبعتها الحركة الوطنية، إذ أن الفشل يعد لهو السبب من أهمها غياب المشاركة الجماهيرية الحقيقية في السياق النضالي والتحرري، لا بل جرى تغييب المشاركة الجماهيرية لأنها الحركة الوطنية لم تعتمد أساليب جماهيرية قائمة على أساس الديمقراطية الشعبية التي تضمن أكبر مشاركة جماهيرية في النضال، بحيث يغدو اليومي مع المحتل إشتباكًا ديموقراطيًا شعبيًا، كما تطرق الجاغوب إلى أزمة المعارضة الفلسطينية التي لم تشكل بديلًا حقيقيًا لسياسة وبرامج الجهات المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، فالبديل يتطلب ممارسةً ثوريةً واعيةً على أرض الواقع وليس صياغة برامجٍ فقط. واقترح الرفيق الجاغوب لمداخلته صياغة إطار مفاهيمي قادر على استنهاض وتأسيس جبهة وطنية عريضة قائم على مجموعةً من الأعلى أهمها تعزيز مضمون الديموقراطية الشعبية والتأكد على نشر الوعي الثوري المقاوم في مواجهة الوعي الزائف المزيف الذي أنتجه الواقع السياسي والاقتصادي ما بعد أوسلو، معنيًا ما يتطلب بالضرورة وجود حالةً تنظيمية متماسكة قادرة على توفير مجموعة من الضمانات من أهمها التنمية الاقتصادية البديلة، إعادة ترتيب العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني، بحيث تستعيد الأحزاب وأدوارها المجتمعية والجماهير التي تخلت عنها هذه المؤسسات، وأضاف الرفيق الجاغوب إلى التحديات الراهنة التي تتطلب إتخاذ مجلس وطني فلسطيني جديد يلغى المجلس التشريعي ويشارك به كافة الأحزاب والحركات والتيارات الفلسطينية لكافة أماكن تواجدها دون الخضوع لشروط الاحتلال و إملاءاته ، وهذا ما يتطلب إنهاء  الانقسام الجغرافي من جهة وإعادة تعريف السلطة الوطنية الفلسطينية وتحديد دورها على أساس خدماتي إنساني وليس زمني وسياسي وليس أمنيًا وسياسيًا من جهة أخرى وهذا ما يؤدي إلى سحب الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني وصياغة برنامج سياسي فلسطيني موحد.

وفي المحور الثاني الذي قدمه الرفيق نادر صدقة جرى تناول أهمية تشكيل تيار وطني عريق يكون التيار الفلسطيني جزءٌ متمرسٌ فيه  حيث أفاد الرفيق صدقة أن القراءة التقليدية للمشهد الراهن يضع أمام القوى الديموقراطية كافة الحاجة لانتقاد الإمكانية التاريخية للبرنامج الديموقراطي وتقديمه كخيار بديل للبرامج المطروحة إذ أن الأداء السياسي والاجتماعي للقوى المحايدة على الساحة الفلسطينية في ظل الانقسام الداخلي أفرزت تعاطيًا انتهازيًا مع هذا الواقع مما أثر على إمكانية جماهيرنا النضالية خاصة في ظل غياب استراتيجية حقيقية في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية مما عزز غياب الخيار الديموقراطي والترويج لثقافة الترهيب وأكد الرفيق صدقة على أن هذه العوامل سببت حالة من الامتعاض الشعبي بسبب الخيارات المطروحة وهيأت الفرصة لطرح برنامج مختلف يستجيب  لحاجات وطموحات وتضحيات شعبنا ويقدم بديلًا ديموقراطيًا للحالة السائدة. 

وطرح الرفيق صدقة بديلًا يتغاضى عن المصالح الفئوية الضيقة ويضع جانبًا كل الخلافات ويتمثل هذا البديل بتيار وطني ديموقراطي يضم كل التيارات السياسية اليسارية على أساس وطن ديني وسياسي موحد، تيار يعمل على استنهاض الجموع المهمشة وغير المعبر عنها بين الجماهير وهي تؤمن بالخيار السياسي والفكري والطبقي لهذا التيار مما يمهد لظهور دور تاريخي في النضال التحرري والديموقراطي، وبدوره شارك الرفيق باسل الخندقجي في المحور الثالث بورقة بعنوان اقتصادي تمحورت حول مدى توفر ضمانات اقتصادية لتمرير صفقة القرن حيث استعرض سياقًا تاريخيًا مكثفًا حول الشؤون الصهيونية كحركة استيطانية ضمن السياق الكولونيالي والمناح الاقتصادية والرأسمالية لمخططاتها والتي تهدف بالأساس إلى السيطرة على الأرض واستيلاء طاقة وقوة عمل أصحابها وهذا ما ترسخ عبر سياق تاريخي طويل. وأوضح الرفيق الخندقجي الملامح المحددة للبنية الاقتصادية الفلسطينية مؤكدًا غياب محددات ومفاهيم التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية للمجتمع الفلسطيني، أي غياب الأبعاد الطبقية ذات مضامين اقتصادية وذلك لتشوه الاقتصاد الفلسطيني منذ النكبة وحتى فترة أوسلو ومابعدها، حيث أن السمة الغالبة على الأنشطة الاقتصادية الفلسطينية على مدار فترة تاريخية امتدت على مدار أكثر من قرن هي الاقتصاد الزراعي الذي يتراوح  مابين اقتصاد الكفاف وبيع الصاعد للمراكز والمدن غير أنه ومنذ مجيء السلطة الفلسطينية اختلفت الطبيعة الاقتصادية فلسطينيًا وذلك من خلال اعتماد السلطة لما شرح في لقاءات اقتصادية إن لم تلبى طموحات شعب يبحث عن اعتماد القانون الأساسي لقوانين اقتصاد السوق الحرة وتوقيع اتفاقية باريس الاقتصادية مع الجانب الصهيوني، بالإضافة إلى نمو طبقة رأسمالية كبرى مرتبطة بالسلطة أدى إلى تغييب إمكانيات اقتصاد فلسطيني تنموي متحرر وأكد الرفيق الخندقجي أن إجراءات السلطة الاقتصادية المتمثلة باعتماد وصفات ونماذج البنك الدولي والمؤسسات الدولية المانحة والتي أدت إلى خلق اقتصاد ائتماني غير حقيقي أدت هذا الإجراءات إلى نمو الاستهلاك السلبي في أوساط الجماهير الفلسطينية واعتماد سياسات اقتصادية تمثلت في القروض الميسرة وهذا مازاد بدوره وعزز دور النخب الاقتصادية الرأسمالية التي انتفعت من السلطة ومن تسهيلات العدو الصهيوني مما أدى بزيادة إلى خلق عازل ما بين شعب يرزح تحت الاحتلال وبين الاحتلال نفسه وهذا العازل ما هو إلا الوعي المزيف الذى أنتجه التحايل السياسي لجماعات متنفذة في السلطة ومدعومة بالنخبة الرأسمالية وما شعارات الحكومة الفلسطينية الحالية حكومة اشتية إلا خير دليل على فشل الاستراتيجية الاقتصادية للسلطة فالشعار الاحتكاري الاقتصادي عن الجانب الاسرائيلي لم يؤت أكله بسبب تورط السلطة بمجموعة من الاتفاقيات والتعهدات مع العدو الصهيوني أفرزت بالنيابة واقعًا اقتصاديًا عاجزًا ومسلوبًا، وأضاف الرفيق الخندقجي أن المطلوب اليوم هو إعادة الاقتصاد لنماذج اقتصادية جرى العمل بها في الانتفاضة الأولى مع التركيز على نمط اقتصاد المقاومة الذي لم يكتب له النجاح إذا لم تعبر عنه كتلة تاريخية واعية وشكل اقتصادي مقاوم قادر على إزالة آثار الوعي المزيف والسياسات الاقتصادية الرأسمالية الكارثية التي أفرزها الوسيط ما بين الاحتلال والشعب المحتل، وجرى في سياق الندوة طرح بعض الأسئلة والتعقيبات التي طرحها مجموعة من المشاركين في الندوة والتي جرى التأكيد في نهايتها على ضرورة استعادة الوحدة الوطنية وتأسيس السياق التاريخي الذي يكفل إنشاء كتلة تاريخية وطنية قادرة على الإيفاء بالتزامات اقتصاد وطني تحرري.

اللجنة الإعلامية والثقافية

منظمة فرع السجون

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين