صفقة القرن "الحلقة الخامسة" نحو رؤية استراتيجية لمواجهة صفقة القرن وحماية ثوابت القضية

860x484

صفقة القرن

الحلقة الخامسة

نحو رؤية استراتيجية لمواجهة صفقة القرن وحماية ثوابت القضية

 

لقد أكدت تجربة أكثر من ربع قرن على انطلاق مسار مدريد-أوسلو على عقم وعدم جدوى وقصور السياسات الفلسطينية في إدارة الصراع مع الاحتلال، ولعل الاستخلاص الأهم في هذه التجربة المُؤلمة أن طبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني تتناقض مع منطق الحلول الوسطية لحل الصراع، فهذا النمط من الاستعمار يؤسس سياسته على اقصاء الآخر (السكان الأصليين)، وعدم الاعتراف بهم كشرط لنجاح مشروعه، وهذا ما شكل القواسم المشتركة بين كل التجارب الاستيطانية مع إضافة أن الطبيعة الأيديولوجية الدينية العنصرية للحركة الصهيونية تدعم المشروع الاستيطاني الصهيوني، حالة فريدة وأكثر تعقيداً مادام ينفذ إرادة الهية، وتجارب صراع الشعوب مع هذا الطراز الاستعماري أكدت بما لا يقبل الجدل أن تحقيق أهداف المشروع الوطني المقابل غير ممكنة دون تقويض كيانه السياسي وتفكيك مشروعه العنصري، أو انتصار هذا المشروع وابادة أصحاب الأرض جسدياً وثقافياً كما حصل في أمريكا وأستراليا، واذا كانت دولة الاحتلال قد تحفظت لفترة من الوقت في إخفاء هذه الحقيقة واعتمدت تكتيكات وسياسات تكيفت فيها مع مطال المجتمع الدولي، غير أنها باتت اليوم كل من هذه الالتزامات خاصة وأن مشروعها الاستيطاني قطع شوطاً متقدماً، لأن الظروف الإقليمية هي الأكثر مُلائمة لتنفيذ مشاريعها فضلاً عن ظهور ترامب على مسرح السياسة الدولية المعروف بصهيونيته تطرفه وعنصريته، وأبلغ ما يُدلل على وجهها ومضمونها الحقيقي هو قانون القومية الذي وضع النقاط على الحروف وأجلى ما كان غامضا في خطابها السياسي.

فإسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي وأن حق تقري المصير على هذه الأرض حقاً حصرياً لليهود، وأن حق اليهود بالاستيطان في هذه الأرض مقدس، إضافة الى اسقاط هذا البعد في رسم السياسات الفلسطينية العامة فإن الخلل الثاني كان تكتيكياً، إذ ليس من المعقول أن يُقدم أي عاقل سياسي على الدخول في مساومة في ظل اختلال موازين القوة على كافة الصُعد لصالح مُعسكر الأعداء، ومعروف أن قطار مدريد وأوسلو قد اطلق في أعقاب حرب الخليج الثانية ومُحاصرة العراق وتفكك المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي، وإذ شئنا أن نُلخص حجم الأضرار الفادحة التي لحقت بقضيتنا جراء هذا المصير نستطيع القول:

  1. تم تقديم الاعتراف المجافي بدولة الاحتلال الصهيوني على 78% من الأرض الفلسطينية دون أية ضمانات لتحقيق الـ 22% أي ما تبقى من الأرض.
  2. وضعت قرارات الشرعية الدولية على طاولة المُفاوضات في الوقت الذي تُفترض فيه أن تُطرح للتنفيذ.
  3. وضعت علامة استفهام حول مشروعية حق العودة بعد الاعتراف بحق دولة الاحتلال بالوجود الى الأرض التي يُفترض العودة إليها.
  4. فُككت عناصر المشروع الوطني وبالتالي وحدة مكونات شعبنا الفلسطيني في الوقت الذي وحدها موضوعياً استكمال احتلال فلسطين بعد حرب حزيران عام 1967.
  5. وفرت اتفاقية أوسلو مظلة عرضة وشرعية لتشريع وتوسيع الاستيطان، فإذا كان اتفاق المبادئ لم يشترط وقف الاستيطان فإن اتفاق طابا شرعن ضمناً هذه المستوطنات بالموافقة على إقامة الطرق الالتفافية لتسهيل التواصل بينها أو الوصول اليها.
  6. وضعت علامة استفهام حول مشروعية المقاومة الفلسطينية حين وافقت على القيام بالدور الأمني في الحفاظ على أمن جنود الاحتلال ومستوطنيه.
  7. فتحت الباب لإلغاء القار الأُممي الصادر عن الجمعية العامة عام 1975 باعتبار الصهيونية حركة عنصرية رجعية.

إن تصويب أخطاء هذا المسار يُملي علينا المهام التالية:

  1. إعادة بناء معادلة الصراع مع العدو على أساس حركة تحرر وطني ودمقراطي في مواجهة استعمار استيطاني عنصري والتراجع عن كل التنازلات التي قُدمت على مذبح وهم التسوية.
  2. مُقابلة شعار الدولة اليهودية بشعار الدولة الفلسطينية الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني.
  3. تفعيل البعد القومي في نضالنا لإنجاز مهام التحرر الوطني باعتبارها جزءً من مهام التحرر القومي الديمقراطي العربي.
  4. إعادة تجميع وحدة مركبات شعبنا بمعنى وحدة الأرض والهوية والمصير في إطار حركة تحرر وطني وديمقراطي ووقف النفخ في الخصوصيات على حساب المهام العامة.
  5. الفصل في تكتيك إدارة صراعنا مع الاحتلال الى انهاء الاحتلال على جزء من الأرض الفلسطينية وانهاء الصراع الذي يتحقق فقط بإنجاز أهداف مرحلة التحرر الوطني كاملة وإقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية.