عدم ثقة الأسير في طبيب عيادات السجون

بقلم الأسير وليد دقة "حول ضرورة الفصل بين الجهاز الطبي والإداري في السجون"

المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

الأسير وليد دقة

الثقة بين الطبيب و المريض هي أساس وشرط ضروري لا يمكن دون توفره أن يتلقى الأسير توجيهات وارشادات، وأن يقبلها كجزء من العلاج، والثقة ضرورية لأخذ الدواء الذي يصفه لك طبيبك، وبدونها قد يعتبر المريض ما يعطيه إياها الطبيب هو سم  يقتله، هذا الحال ليس هوّساً يعاني منه الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وإنما عدم ثقة في الأطباء ومُجمل (ممرضي عيادات السجون ) هو مؤسس على معطيات وحيثيات  ملموسة تدعونا  وبقوة أن نطالب  بفصل الجهاز الطبي في السجون عن إدارة السجون وهيكليتها الإدارية واخضاعه لوزارة الصحة (الاسرائيلية) ونظامها المدني، وعندما نقول بأنه لا فرق بين طبيب والممرض الذي يُفترض أنه يحمل لك علاجاً أو الأصح لا فصل  بينهما وبين السجان الذي يحمل جرعة الغاز المسيل للدموع والهراوة لقمعه، ونقصد بأنه لا يوجد فصل إداري فحسب وإنما لا يوجد فصل شخصي، السجان الذي في لحظة ما يحمل الغاز والهراوة ويقمع الأسرى هو نفسه الشخص الذي يقوم بدور الممرض في لحظة اخرى، وما عليه إلاّ أن يرتدي مريولاً أبيضاً ليصبح ملاكاً من ملائكة الرحمة وما على السجين إلاّ أن يقتنع ويقبل بملائكيته وهو الذي كان قبل لحظة كان الشيطان برداء سجان.

هذا الحال ينطبق على كل ممرضي عيادات السجون وفي جميع العيادات على الاطلاق حتى فيما يسمى (مستشفى مراش سجن الرملة) بكلمات أخرى لا يتوفر بين (الممرض - السجان -الاسير - المريض ) حتى حد أدنى ضروري من الثقة حتى يتلقى الأسير علاجه، أمّا الأطباء فلا يٌكلّف من مهام قمع مباشر وفردي إلاّ أن الحديث الذي يٌكثر الضباط الكبار لمصلحة السجون في ترديده عن أن عمل الأطباء عمل مهني مفصول تماماً عن الاعتبارات الادارية والامنية، ولا يتأثر بها هو حديث كاذب ويرددوه.

ان  أكثر الشخصيات كذباً ومراوغة في مصلحة السجون الدكتور يوفال بيتون، ويُمثّل هذا الطبيب وتقدمه تُعد الحالة الأبرز التي تجسد عدم الفصل بين الاعتباريات والعمل الطبي و الاعتبارات الامنية والادارية والتقدم في الهرمية الادارية لأطباء مصلحة السجون والذين يخضعون لنفس المعايير التي تعمل وفقها المؤسسة ،الدكتور يوفال بيتون الذي لم يُقدم بثقة حتى الآن أيّ مذكرة توثيق دولية أو على الأقل استنكاراً واضحاً وممارسته ودوره من قبل نقابة الاطباء للتنكيل بالأسرى عمل هذا الطبيب كطبيب أسنان في عيادات السجون، ثم ارتقى في الجهاز وأصبح مسؤولاً عن الاستخبارات في السجون ويُعتبر مهندس منظومة القمع والتنكيل لاسيما في الإضراب الأخير عن الطعام فهل مازال هناك مجالاً للادعاء ان الطاقم الطبي في السجون  طاقما مهنيا؟  المناخات التي تخلفها المؤسسة الامنية لمصلحة السجون لا يمكن لأي طبيب مهما كانت درجة مهنيّته والتزامه بقسم الاطباء إلاّ أن يعمل وفقا لها فعند اتخاذ القرار بفهم اسير مريض تنتصب امامه قيمتين، قيمة المهنية والقيم الامنية، فيغلب على الدوام قيم الأمن على قيم المهنية ويتحوّل تدريجياً من طبيب مسؤوليته صحة الأسير إلى سجان دوره الحفاظ على الأمن أو في كثير من الحالات تخفيف مصاريف المؤسسة بحجج الفحوصات الضرورية المكلفة.

 لقد جسّد أطباء مديرية السجون دورهم هذا وعلى نحو أكثر  مما هو في الايام العادية خلال الاضراب عن الطعام فكان دورهم التأكيد  بأن الأسير لم يصل مرحلة الخطر الذي يستدعي نقله الى المستشفى المدني، وسعوا دائماً أن يصل مستشفيات أقل عدد ممكن من الأسرى المضربين ولقد كان  دورهم تماماً كدور الطبيب الذي يرافق طاقم التحقيق  في (أقضية الشاباك) الذي يقوم بفحص المؤشرات الحيوية للمعتقل لا لمعاناته وإنما لمنحهم مواقفه بالاستمرار بالتهريب، كثيراً ما يقف ضباط أمن السجن ويطلب من الطبيب اعادة النظر بقراره والتأكيد مما إذا كان ضروريا نقل الاسير لمشفى خارجي وهذا الضغط بالتلميح لطبيب الذي ينتظر ترقية أو علاوة يعني بأنه قد يتأذى ويظهر  كمحب (للمخربين ) أو على الاقل (متعاطفا ) ومؤخراً انتشر التعبير في مولان (يساري ).

 إن الأجواء التي تخييم على مجمل المؤسسات الاسرائيلية  بما فيها إدارة السجون هي أجواء ومناخات (روح القائد العام) نتنياهو وهي روح فاشية تخون كل من لا يشقيها وهذه المناخات تزيد من حالة الضغط على الاطباء والخلط بين العمل الطبي المهني والامني، الغيت محكمة العدل العليا في اسرائيل مشروع خصخصة السجون وكان من بين الاعتبارات التي ذكرها القرار هو التعارض ما بين الربح الذي تسعى الشركة تحقيقه وما بين مهنيته.

اجتاز الاسرى بين تكاليف الاحتجاز كعلاج والطعام وغيرها، وبين سعي هذه الشركات الربح حيث تسعى لتوفير في التكاليف  هذا يجري في الحالات  اللا شخصانية في إطار منظومة الادارة في حال الشخصنة التي تمس مصلحة الطبيب المعالج فهو سيتخذ القرار المهني وهو يعلم بأن علاج المهنية قد يمس بمصلحته، تم  هذا الضغط وفي ظل مثل هذه المناخات اجازة الاطباء بغض النظر والشكوك على استخدام العيادات مقرا اللقاء بين ضباط الاستخبارات وبين عملائهم بالسجون فغدت العيادات والخروج لها تهمه تنصف للأسير وتسيئ لسمعته الوطنية الذي رغم مرضه وحاجته للعلاج  يرفض الخروج للفحص الطبي بسبب ذلك.

 هنالك اسرى امضوا عشرات السنين ولم يدخلوا عيادات السجون إمّا ردءاً لهذه السمعة عنهم او عدم ثقه بالطاقم الطبي وقد انتشر جراء ذلك الطب العربي والتداوي بالأعشاب وفي بعض الاحيان الاضطرار للعلاج بالأحجبة والشعوّذات على أنواعها والتي أدت في حالات كثيرة  لتدهور حالة الأسير المريض، لاسيما حالات الانفصام بالشخصية والارتياب ومٌجمل الأمراض النفسية.