احمد سعدات يعتلي المنصة

المصدر / بقلم حمدي فراج

أحمد سعدات الذي يضرب عن الطعام تضامنا مع رفيقه بلال الكايد ، هو الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، سليل جورج حبش الذي اسس هذه الجبهة وقبلها حركة القوميين العرب منتصف خمسينيات القرن الماضي ، وابو علي مصطفى الذي اثبت انه “عاد ليقاوم لا ليساوم” ، فاغتالوه بصاروخ في مكتبه برام الله فجّر جسمه اشلاء متناثرة .

هذا السعدات ، يقضي حكما بالسجن مدته ثلاثين عاما بدعوى علاقته الضليعة بقتل الوزير الصهيوني المتطرف رحبعام زئيفي ، وهو اول وزير اسرائيلي تطوله يد المقاومة الفلسطينية في تاريخ نضالها الطويل مع هذا الكيان ، عندما أطلق اثر اغتيال ابو علي مصطفى ، تصريحه الشهير “العين بالعين والرأس بالرأس” ، فما كان من حسن نصر الله ان يصفه ورفاقه بأنهم خير بني الامة .

قام ياسر عرفات باعتقاله بناء على ملاحق اتفاقية اوسلو الامنية – وما أكثرها ، وما أعجبها – ، وكان يعرف من هو احمد سعادات ، وماذا يمثل لدى الشعب الفلسطيني ، ما دفعه للقول من على الشاشات “ده ضيفي” – باللهجة المصرية ، لكن هذا لم يرق لاسرائيل ، ما دفع بان يوضع تحت رقابة عسكرية امريكية بريطانية في سجن اريحا ، لكن اسرائيل قامت بشن عملية عسكرية على السجن المذكور واختطفت سعدات ومعه عشرات المعتقلين المناضلين .

انحدر سعدات من اسرة فلاحية فقيرة في قرية دير طريف قبل ثلاثة وستين سنة ، مناضلا منذ نعومة اظفاره ، ليتبوأ موقعا قياديا مهما ، لكن الاكثر اهمية الان ، انه يقدم على خطوة نوعية ، لطالما افتقدها شعبنا وامتنا في هزيع السلام الاخير ، “سلام الشجعان” ، فيضرب عن الطعام ، ضاربا عرض الحائط بعمره المتقدم ، بالادوية التي يتعاطاها قبل الطعام وبعده ، بمنصبه الاول في التنظيم ، ويصر اصراره المعهود ، ان يتذوق حلاوة هذا الجوع البهيم في عزل انفرادي وحشي ، يقضي على ما تبقى من فوارق بين نهار وليل في ساعات طويلة رتيبة تمتد الى ما يقارب خمس عشرة سنة ، هي نفسها المدة التي امضاها رفيقه الصغير بلال الكايد ، وبدلا من ان يذهب لمعانقة الحرية في احضان احبته ، قاموا بتمديد حبسه اداريا لمدة ستة أشهر .

هل كان الكايد يدرك ، وهو يعلن اضرابه عن الطعام ، انه “سيورّط ” أمينه العام في معركة غير محسوبة عواقبها ، حين يعلن اضرابا تضامنيا معه ؟ أم انها الفرصة المواتية التي لن يسمح سعدات بأن تتسلل من بين اصابعه لكي يتسجل حيا في سجلات الخالدين ، كقائد حقيقي بأخلاق رفيعة ، تتبلور وتتلمذ على يديه ، ليبشر شعبه وامته وكافة شعوب العالم ، كيف يكون القائد مناضلا والمناضل قائدا .