الأسير سمير الكوسا: انتظارٌ صعب لقرارٍ بالسجن المؤبد خلال الشهر القادم

المصدر / الضفة الغربية_مركز حنظلة

ما من خيارٍ أمام الإنسان الفلسطيني أن يفضل متاع الحياة الدنيا على متاعٍ أبديٍ يؤمن به قلبه، ولا تقف عائلةٌ أو زوجة أو ابنٌ لم يتجاوز الثامنة بعد، عائقاً أمام قرار تقديم تضحيةٍ تجلب بعضاً من راحة الضمير مع كل ما تشهده الساحة الفلسطينية من عراكٍ مع الاحتلال الصهيوني، ولعل في قصص أسرى البلاد أمثلةٌ تتحدث بنفسها عن عظم الخيار، والتي تدفع أسيراً يملك مسؤولية عائلة أن يقاوم محتلاً وهناك نصب عينيه تهديدٌ بالحكم المؤبد، لكن لم يقف أي تهديدٍ يوماً كحاجزٍ أمام الرغبة في استعادة ولو جزءٍ يسير من كرامة هذا الشعب.

لا يتصدر الأسرى وحدهم في قصص عراكهم مع الاحتلال الصهيوني دور البطولة، بل يتشاركونه مع والدةٍ تعب قلبها في سبيل الانتظار، وزوجةٍ حملت على عاتقها إنهاء أحلامٍ وضعتها وزوجها سوياً لكن وحيدة، وأبناءٍ ضاعت ملامح آبائهم من أذهانهم وباتوا يخشون نسيان لحظاتهم المعدودة معه.

الأسير سمير زهير كوسا(33عاماً) من منطقة الضاحية في مدينة نابلس، سمير يحمل قصة مقاومةٍ عنيدة، وتتميز عائلته بقصة عنادٍ أكبر، إذ صبرت على اعتقال سمير، وقاومت قرار إخطار منزلها، ثم صبرت على تنفيذ قرار الهدم، ولا زالت حتى اللحظة تنتظر قراراً لا يحدد مصير سمير لوحده، بل يحدد معه مصيرها وكثيرٍ من طموحاتها.

ولاء خميس عبد الله زوجة الأسير سمير الكوسا، تروي حكاية صراعهم الجديدة القديمة مع الاحتلال الصهيوني، تقول" سمير إنسانٌ طيب القلب، لا يؤذي أحداً، ويشهد له الجميع بطيب معشره وأخلاقه، لقد نشأ في أسرةٍ ملتزمةٍ ومتواضعة، درس مرحلته الأساسية ثم خرج يكافح الحياة إلى سوق العمل، يساهم في إعالة إخوته الأربعة وأخواته الثلاث، تزوجنا عام 2007 ، ولم يقصر يوماً بحقي، وكان يعاملني كما لو كنت أميرته الصغيرة، يعطيني شيئاً من حنانٍ افتقدته مع غياب والدي".

كان سهلاً على الزوجة ولاء أن تتأقلم مع حياتها الجديدة، فقد تربت في بيت مقاومٍ فقد هو الآخر والداً محباً، وهو الشهيد الملقب بجنرال جبال النار خميس عبد الله، ولكن الأسير كوسا ترك خلفه أطفالاً ثلاثة أكبرهم بعمر التاسعة وأصغرهم بعمر الخامسة، وكان على زوجته أن تتحمل مسؤولية إخبارهم عن سبب غياب والدهم المفاجئ عن البيت.

تستذكر ولاء خميس اللحظات التي سبقت اعتقال زوجها فتقول" أخبرني سمير أن عمليةً حدثت قرب بيت فوريك ذهب ضحيتها ضابطٌ صهيوني وزوجته، فأخبرته أن مدينة نابلس وقراها تحتضن رجالاً، وبعد انتهاء الحديث حول العملية تناولنا فطورنا كالمعتاد، ولم ألحظ أي تصرفٍ غريبٍ على سمير، ولم يشعرني بأي شيء".

جرى اعتقال الأسير سمير كوسا بتهمة تنفيذ عملية ايتمار قرب بلدة بيت فوريك والتي أسفرت عن موت إسرائيليٍ وزوجته، وكان أن داهم الاحتلال منزل والد زوجة سمير حيث كان هناك، واعتقلته بعد أن عاثت في البيت خراباً".

تقول زوجته" لم أتصور للحظة أن سبب الاعتقال هو العملية، فلقد صدمنا عندما علمنا بالخبر، ولم نصدقه بادئ الأمر، حتى توالت المفاجآت علينا وتلقينا لاحقاً قراراً بهدم المنزل، وتم تنفيذ القرار بتاريخ 14/11/2015".

جرى اعتقال شقيقي سمير كذلك، وهما عبد الله كوسا، والذي أفرج عنه بعد مرور ثلاثة أشهر بغرامة مالية قدرها ألف شيقل، كما واعتقل شقيقه زاهي الكوسا، وتلقى حكماً بالاعتقال الإداري مدة شهرين وتم الإفراج عنه.

لا يزال سمير ينتظر قراراً بحكمه، حيث ستعقد محكمته القادمة بتاريخ 2/5/2016، وتستعد العائلة لاستقبال خبر حكمه بمؤبدين إضافةً غلى 10 سنين، حسب ما أفادهم محاميه.

الزيارة الأولى

حملت زيارة ولاء الأولى لزوجها في الأسر علامات استفهام كثيرة، أعقبها تأثر سمير الكبير بأطفاله الذين حضروا معها لزيارته، وما كلن من سمير إلى أن يخبرها بأن لهم الأجر الكثير على صيرهم القادم.

وتواجه ولاء خميس اليوم حرماناً من زيارة زوجها بحجة المنع الأمني، حيث قام الاحتلال الصهيوني خلال الشهرين الماضيين بمنعها من زيارته بعد وصولها لمعبر الطيبة، دون توضيحٍ للأسباب.

تستذكر زوجة الكوسا لحظاتها المفرحة مع زوجها وكيف قضت حياتها الزوجية برفقته مدة 10 سنين، ولم تتوقع يوماً أن تزوره في سجون الاحتلال، ولكنها تحمل له من الفخر الشيء الكثير.

تختتم ولاء خميس حديثها بالقول" نحن بصدد إعمار بيتٍ جديدٍ لنا بعد تحقيق الوعود بذلك، وسيتم بناؤه إلى جانب بيتنا القديم في الضاحية في مدينة نابلس، ولن تتوقف حياتنا كما يتمنى الاحتلال الصهيوني".