بقلم الأسير: منذر خلف مفلح

مقال بعنوان: "دولة" الكيان تفقد مبرر وجودها

منذر خلف.jpg

خاص_مركز حنظلة

بدايةً، نود الإشارة إلى أن العنوان كبير، ويحتاج لجهدٍ بحثي كبير، قد يتضمنه كتاب في السنوات القادمة ليصبح- ربما- وبنظرة تفاؤلية تستعجل التاريخ ليصبح أحد كتبه ومراجعه.

ولكن وبمعالجة صحفية مكثفة يمكن استقراء التطورات العالمية والإقليمية والداخلية في الكيان، لتتضح مدى فقدان "دولة" الكيان لحضورها الوظيفي، وتضارب مواقفها مع المواقف الدولية بشأن ملفات المنطقة والعالم.

على سبيل المثال يُعتبر صعود أقصى اليمين في الكيان، وقوى فاشية وعنصرية، أو غير مرغوب فيها أمريكيًا وغربيًا، بمثابة شرخ يضرب عميقًا في الأساس التي رُوّج لها لدولة غربية عصرية ديمقراطية ليبرالية، تحمل سمات وصفات الغرب، وعلى ذلك فقدت تمايزها الداخلي عن دول المنطقة الأخرى من حيث الأسس، كذلك الأمر فيما يتعلق بديمقراطية هذه الدولة المزعومة، والتي فقدتها بإصرارها على الاحتلال والاستيطان والممارسات العنصرية أو العنصرية الفائقة super racism، وخاصة بعد إعلانها عن ذاتها كدولةٍ يهودية وضمن قانون قومية الدولة عام 2018، وصولًا للصراع المحتدم داخل الكيان حول ديمقراطيته أو ما يُسمى "التغييرات القضائية أو الائتلاف القضائي" الذي تسعى القوى اليمينية الدينية في الكيان لتحويله من دولة علمانية إلى دولة دينية كما هو تعريف الدولة اليهودية.

كل ما تقدم أسس ويؤسس لحالة انفصام في الكيان مع الغرب، الذي حدد أسسًا ثقافية واجتماعية تميز الكيان عن غيره في المنطقة،  تم فقدها في التطورات المتسارعة الجارية في الكيان، وهو ما ألمح إليه أكثر من طرف، بأن أواصر العلاقة مع هذا الكيان تقوم على القيم المشتركة، وخاصةً في أمريكا.

الاتجاه الثاني، الذي يؤكد ضعف مبرر الدور الوظيفي لدولة الكيان هو عدم مقدرتها على تطبيع ذاتها أو هشاشة هذه الفكرة في الكيان.

لقد لعب العالم وتحديدًا أمريكا كثيرًا في هذه الزاوية لزرع الكيان في قلب المنطقة، وهو يرفض الانزراع برفضه السلام والتسوية، مما يضعف المصالح الاقتصادية وخاصةً في مجال الطاقة للعالم الغربي، وهو ما نشهده منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

أما المظهر الأبرز فهو إعادة التموضعات من حول العالم، وتوسع دور الأحلاف والتكتلات مما يبرز الأهمية لعالم متعدد القطبية يغيب فيه عنصر الحليف الدولي المهيمن للكيان، بما يعنيه ذلك تهلهل الدور الأمريكي، وإعادة البحث عن المصالح بعيدًا عن الكيان، وهو ما تلمسته أمريكا منذ العام 2015، واليوم أعادته إحياءً للاتفاق النووي مع إيران بغض النظر عن موقف الكيان أو قبوله أو رفضه.

الموقف الأخير هو الموقف العربي الذي ربما نشهد على بوادر نهضته، وخاصةً خطوات القيادة العربية السعودية التي تحاول الاستقلال بدورها الاقتصادي وبمواقفها السياسية، والبحث عن مصالحها عبر تحالفات أكثر جذرية في المنطقة بما يعنيه ذلك وعي السعودية لذاتها ودورها في المنطقة العربية، وبما يخصها ويخص دور إيران وتركيا إلى جانب بعض الدول العربية الأخرى كمصر والجزائر وسوريا، وهو ما يعني حتمًا بداية أفول مبررات الوجود لهذا الكيان كنظرةٍ تفاؤلية مستقبلية.

بقلم عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، مسؤول لجنتها الإعلامية والثقافية في فرع السجون، مدير مكتب حنظلة للأسرى والمحررين