إعداد وحوار: الأسير الصحافي ومدير مركز حنظلة منذر خلف مفلح

حوار حنظلة مع الأسير الرفيق القائد: وليد حناتشة أحد أبطال عملية "عين بوبين البطولية"

وليد حناتشة1.jpg

مركز حنظلة_فلسطين المحتلة

الرفيق القائد وليد حناتشة "أبو الميس" عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية ومسؤول اللجنة الاعتقالية في منظمة فرع الجبهة بالسجون والعضو القيادي في لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، يجيب في مقابلة خاصة أجرها مدير "مركز حنظلة" الأسير القائد الصحافي: منذر خلف مفلح عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، وأجاب من خلالها عن أسئلة الشارع الفلسطيني، وأوضح من خلال الحوار ظروف الحركة الأسيرة، واتجاهات نضالاتها في هذه المرحلة الحرجة التي يواجه بها الأسرى حكومية يمينية فاشية عنصرية، قامت أحد بنود ائتلافها على محاولات قمع الأسرى، بل وتقديم مشروع إعدام الأسرى.

تجدر الإشارة، أن الرفيق حناتشة صاحب باع نضالي طويل في السجون وخارجها، حيث يُعتبر أحد قيادات الجبهة الشعبية السياسية والعسكرية، وله نشاط بارز في إطار الجبهة الشعبية في كافة المواقع، وأينما تطلب حضوره كان له بصمة بارزة في العمل الوطني والجبهاوي، حيث كان أحد مخططي عملية "عين بوبين" البطولية في العام 2019 هو ورفاقه الذين اعتقلوا وتعرضوا لعملية تعذيب وحشية لم تعرف لها سابقة منذ عقودٍ طويلة.

وقد أمضى ما يقارب عشرة أعوام حتى اللحظة معظمها تحت طائلة الاعتقال الإداري نتيجة نشاطه الحزبي والنضالي والنقابي والسياسي في كافة المواقع، ليقبع في السجن اليوم تحت طائلة المحاكمة، ومن المتوقع أن يحاكم بالمؤبد، ومنذ اعتقاله أبرز الرفيق نشاطه العملي، من خلال عمله في قيادة فرع السجون، ليتبوأ قيادة اللجنة الاعتقالية في الفرع، وانتخب مؤخرًا عضوًا في اللجنة المركزية العامة في المؤتمر الوطني الثامن، ونائباً لمسؤول فرع الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال.

ينشر "مركز حنظلة" النص الكامل للمقابلة التي أجراها مدير المركز منذر خلف
 

السؤال الأول: ما هي لجنة الطوارئ للحركة الأسيرة، وبماذا تختلف عن المُسميات السابقة أو المعروفة لدى الجمهور في الخارج من قبيل "لجنة نضالية عامة أو اللجنة الوطنية العامة"؟

في البداية، أود التأكيد على تاريخية المُسميات التي ذكرتها، ونحاول نحن في لجنة الطوارئ العليا أن نُرسخ هذا التقليد الاعتقالي كهيئة عامة لقيادة الحركة الأسيرة؛ فاللجنة الوطنية العامة، هي الإطار القيادي الجامع، والمُمثل لعموم الأسرى الفلسطينيين والعرب، وكل من انضوى تحت راية الثورة والنضال الفلسطيني الوطني، بحيث كانت تُعتبر تجسيدًا لمبدأ القيادة الواحدة لعموم الأسرى، والناطقة باسمهم والمُعبّرة عنهم أمام الفصائل والقوى والفعاليات في الخارج، مسحوبةً من الإطار التمثيلي للكل الفصائلي "م.ت.ف".

وقد توسع هذا الإطار ليشمل القوى الإسلامية فيما بعد، وبهذا فإن اللجنة الوطنية العليا كاختصار كان العنوان الدائم والذي منه تشتق في حالات الطوارئ النضالية لجنة تُسمى اللجنة النضالية العامة، بمعنى، أنه في حالات خوض المعارك والصراعات كان العنوان هو النضال ضد السجان فيبرز عنوان اللجنة النضالية العليا كإطار مؤقت للنضال منسحب من الإطار الأوسع وهو اللجنة الوطنية العامة.

وبعد مرور سنوات على الحركة الأسيرة، وحدوث بعض حالات الترهل في الأجسام القيادية العامة والموحدة والتمثيلية لصالح توسع دور ممثلي السجون، وبعض ممثلي الفصائل، ومدعومًا هذا الأمر بالانقسام السياسي الذي فعل فعله بالسجون، ليغيب دور هذه اللجان القيادية. هذا المختصر، ورغم نفاذ هذه المسميات شكليًا، وغياب دورها، وتأكيداً منا على إعادة الدور لها انبثق إطار "لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة"، كإطارٍ مؤقت، لقيادة نضالات الحركة الأسيرة بشكلٍ موحد بعد معركة نفق جلبوع البطولية، انطلقت لمواجهة الهجمة الشرسة التي لا زالت قائمة حتى اليوم، بل أنها تتعمق في إطار الحكومة الفاشية لدى الاحتلال.

وتأمل لجنة الطوارئ أن تعيد ترسيخ قيم وتقاليد العمل الاعتقالي الجامع للكل الوطني، وإعادة الاعتبار للجبهة الوطنية العامة ودورها، وهو ما حاولت الحركة الأسيرة تارةً بالحوار، وتارةً عبر بعض المعارك.

فقد حاولت معركة العام 2012 أن تبرز قيادة موحدة، وكذلك الأمر في إضراب عام 2017، ولكن للأسف لم تستمر هذه المحاولات، والتي نرى أن لجنة الطوارئ قد نجحت في تخطي حاجز المرة الواحدة بحيث أنها أعادت الالتئام في كل مرة يحتاج الأمر العمل الوطني الموحد، خاصةً في الأعوام (2021 معركة جلبوع، و2022 محاولات فرض شروط جديدة، وها هي الآن متحدة وتقود نضالات الأسرى في الهجمة الجديدة في العام 2023).

 

السؤال الثاني: ما هي حقيقة الإجراءات التي تهدد بها مصلحة السجون تجاه الأسرى، لنطلع قراءنا على هذه الإجراءات وطبيعتها، وأهدافها، وتأثيراتها المحتملة؟

في الحقيقة منذ بدء الدعاية الانتخابية لهذه الحكومة، وحتى اليوم، بعد وصول المجرم بن جفير لوزارة الأمن القومي في الحكومة الصهيونية، وهو يطلق التهديدات تجاه العرب عمومًا، مستهدفًا فلسطينيي الداخل والمسجد الأقصى والأسرى الفلسطينيين.

وحول تهديداته للأسرى لم يفصح رسميًا لا هو ولا مصلحة السجون عن خطتهم والإجراءات التي ينوي اتخاذها، ولكن ما نعرفه عن هذه الاجراءات هو عدة تسريبات ضمن وسائل الإعلام أو من خلال إدارة مصلحة السجون، أو بعض الإجراءات التي بدأت فعلًا الإدارة بتنفيذها بإيعاز من المجرم بن غفير وحكومته الفاشية، ومن ضمن هذه الإجراءات:

1. عمليات نقل تعسفي واسعة في صفوف الأسرى، وعمليات دمج للأسرى في الغرف والأقسام.

2. عدم الاعتراف بالتنظيمات وممثليها، والتمثيل الاعتقالي.

3. تقليص مدة الفورة لمدة ساعتين.

4. إجبار الأسرى على الخروج للساحات بلباس الشاباص (مصلحة السجون).

5. تقديم الطعام مطبوخ في مطبخ إدارة السجون.

6. عدة إجراءات أخرى تمس جوهر الحياة اليومية وظروف المعيشة للأسرى، وما تم من إغلاق لأفران الخبز في سجني رامون والنقب إلا مثال على ذلك.

باختصار، ما تم تسريبه من معلومات تظهر بأن الهدف هو فتح معركة شاملة ضد الأسرى من خلال الانقضاض على حقوقنا التي تم انتزاعها عبر سنوات طويلة من النضال والإضراب عن الطعام، ارتقى خلالها شهداء من الحركة الأسيرة، وهو ما يهدد بفوضى شاملة موجهة ضد السجان.

 

السؤال الثالث: ما هي طبيعة ردود الحركة الأسيرة، وشكل المعركة القادمة ومدى اتساعها؟

من الطبيعي في ظل هكذا هجمة أن يكون للأسرى رد، ومن الضروري أن يكون الرد يتناسب مع هذه الهجمة وقوتها.

في البداية عقُد لقاء للجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، والتي تُمثّل الكل الوطني الاعتقالي كجسم قيادي تمثيلي لكل الحركة الأسيرة. وتم التوافق على برنامج وطني نضالي لمواجهة الهجمة، وهذا البرنامج والحراك تم تسميته (بركان الحرية أو الشهادة) والمطلب الرئيسي لهذا الحراك هو الحرية ولا شيء غيرها، وتم تحديد البرنامج بمرحلتين:

أ. مرحلة الخطوات التمهيدية (التكتيكية) التي تتناسب مع كل خطوة وإجراء من قبل مصلحة السجون، فكل إجراء له رد مقابل له. وعلى رأس هذه الخطوات خطوة العصيان، والذي يشمل العديد من الخطوات النضالية التي تتدرج صعوداً للوصول للمرحلة الثانية (الخطوة الاستراتيجية).

ب. المرحلة الثانية وهي الخطوة الاستراتيجية، والتي بدأ التمهيد والاستعداد لها منذ اليوم، والتي تتجلى بإضراب شامل عن الطعام، يشارك به كل قادر من الحركة الأسيرة، يبدأ مع بداية شهر رمضان. والخطوات التي نتحدث عنها سواء المرحلة الأولى أو الثانية، هي عامة وشاملة لكل الحركة الأسيرة في كافة وأماكن ومواقع الأسر.

 

السؤال الرابع: كيف هي العلاقات الوطنية داخل السجون، وهل يمكنها أن تقدم شروطا تخدم المعركة القادمة؟

بدايةً، الحركة الوطنية الأسيرة هي امتداد للقوى والفصائل الفلسطينية خارج الأسر، وتؤثر وتتأثر بالمواقف والأحداث في الخارج. ولكن كون الأسرى في طليعة القوى والفصائل الفلسطينية، فالمطلوب دائمًا أن تكون أكثر من امتداد طبيعي للخارج، بل امتداد طليعي، وعليه فالدور المطلوب كبير، والعلاقات الوطنية بشكلٍ عام جيدة، وتتحسن وتتعمق أكثر عند مواجهة هجمة وغطرسة السجان. وهذا ما يجري هذه الأيام، فالتوجهات من الجميع ايجابية، ويتم العمل لجسر أي هوة أو تباعد هنا أو هناك، لكي نخوض هذه المعركة موحدين ضمن إطار لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة. وعيوننا ترنو للحرية.

 

السؤال الخامس: هل يمكن الحديث عن مواعيد محددة، وتفاصيل محددة أكثر عن المعركة القادمة؟

بالنسبة لنا المعركة قادمة لا محالة، وردنا جاهز، وسيكون بمستوى تضحيات شعبنا وشهدائه. ونحن أسرى حرية لن نساوم على حقوقنا وحريتنا، وكما خضنا معركة المقاومة في ميدان المواجهة، سنخوض معركة الصمود والتحدي والإصرار على حقوقنا في ساحات الأسر، وأي حديث عن مواعيد محددة قد يضر بتكتيك خوض المعركة، ولكن كونوا أبناء شعبنا على ثقة أننا دائمًا عند حسن ظنكم ولن نخيب آمالكم، وسنكون الأوفياء كما عهدتتمونا دومًا.

 

السؤال السادس: ما هي توقعاتكم للمعركة في ظل جنوح الحكومة والمجتمع الصهيوني نحو اليمين، هل يمكن إحداث اختراق في معارككم؟

بدايةً، نحن لا نتوقع، بل نحن على ثقة بأن النصر حليفنا، وإننا حتماً لمنتصرون وبالنسبة لنا دولة الاحتلال هي تلك الدولة الصهيونية الظلامية والفاشية التي ستنقض علينا وعلى حقوقنا في أي فرصة تتوفر لها، بغض النظر عن تسميات "هذا يميني أو يساري" أو من يقف على رأسها.

فنحن متسلحون بوحدتنا وقوتنا ودعم ومساندة أبناء شعبنا لنا في هذه المعركة كعهدنا بهم دومًا، ومؤمنون بأن ظهرنا في هذه المعركة لن يكون مكشوفًا طالما خلفنا مقاومة تسند ظهرنا وتساهم بدورها في توفير عوامل الصمود والنصر كما عهدتمونا دومًا.

 

السؤال السابعفَصّل لنا الدور المناط بنا كإعلام لدعم قضية الأسرى ونضالاتهم؟

بالنسبة لنا الإعلام ليس ناقل خبر، فالإعلام له دور أساسي ومحوري، وهو شريك نضال، وجزء مهم جدًا في هذه المعركة، والمطلوب أولاً كشف جرائم الاحتلال وإدارة مصلحة السجون وانتهاكاتهم المتواصلة ضد الأسرى، وتسليط الضوء عليها.

الأسرى ليسوا أرقام واحصاءات فهم قصص وحكايات يجب أن تُروى، ويتم إبرازها كقضايا وكموضوع بطولي وطني حقوقي وإنساني وكمقاتلين من أجل الحرية، يجب المساهمة في تحريك  الشارع والرأي العام والمنظمات الدولية والرأي العام الشعبي والرسمي العالمي.

يجب أن يلعب الإعلام دور المحرض على الثورة والانتفاض دعمًا للأسرى وقضيتهم. ونحن على ثقة بأن يقوم إعلامنا بدوره الذي خبره ويعرفه جيدًا لمساندة الأسرى ودعم قضيتهم ونضالاتهم.

 

السؤال الثامن: حاول أن تُقدم تصورًا للدعم الشعبي والجماهيري والمؤسساتي والرسمي في المرحلة القادمة بنًا على فهمكم الوثيق بطبيعة الصراع داخل السجون؟

قضية الأسرى أحد القضايا المركزية الهامة والرئيسية ضمن نضالنا الوطني، وللتحرك على هذه الصعيد، مطلوب من الجميع رسميًا وشعبيًا استحقاقات وطنية.

الدور الرسمي معروف وبه تقصير كبير رغم كل ما يجري من عمل وإجراءات نقدرها ولكنها غير كافية. هنا سأركز على الدور المؤسساتي والجماهيري والشعبي، وهنا نتوقع من أهلنا تفعيل اللجنة الوطنية لدعم وإسناد الأسرى، وتوسيعها بحيث تضم الجميع فصائل ومؤسسات أسرى وحقوق إنسان، حركات شبابية، نشطاء سياسيين واجتماعيين، إعلاميين، لجان مرأة، كُتاّب، طلاب، والتنسيق مع الجميع، لجان المقاومة الشعبية في المناطق، الكتل الطلابية في المعاهد والجامعات، لجان المقاطعة وحملة BDS، النقابات المهنية، نقابة الصحفيين.. الخ، وضرورة إقرار خطة عمل وطنية شاملة لدعم وإسناد الأسرى في معركتهم.

فنحن في الداخل موحدون من خلال لجنة الطوارئ العليا، ولا نتوقع من شعبنا أقل من الوحدة الوطنية والميدانية لنعمل معاً وبتنسيق وتناغم من أجل ضمان نتيجة المعركة وحتمية النصر.

 

السؤال التاسع: كلمة أخيرة:

أنهي حديثي بمقولة ألهمت الثورة الفيتنامية " تجرأ على النضال تجرأ على النصر.." وهنا أقول أننا كأسرى فلسطينيين لدينا من الجرأة ما يكفي لمناطحة الجبال، والذهاب بنضالنا بعيدًا لإنتزاع حقوقنا، وصولًا لتحقيق هدفنا بنيل حريتنا، نخوض معركتنا بهامات مرفوعة تعانق عنان السماء، ومعنا أبناء شعبنا وأحرار العالم، مع أطيب تحياتي.