الأسير منذر خلف مفلح يكتب ..

الشعب الفلسطيني القوة الاستراتيجية في المعركة

0CA5E1B2-0EFD-427E-9FFB-53D6138BCB09.jpeg

يُعتبر جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيوني( אגף המודיעין) المختصر بالعبرية بكلمة (אמ"ן) ( أمان) المُقدر القومي، والذي يضع تقديره للوضع العسكري والأمني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو الدول العربية المحيطة أمام رئيس وزراء الكيان، بل وتكون توصياته جزءً من أساسات اتخاذ القرار السياسي في الكيان، لذا فإن متابعة ما يصدر عن هذا الجهاز أو رئيسه ركناً أساسياً ليس فقط لقادة الكيان، بل للقيادة الفلسطينية، والقوى الوطنية، والمفكرين الاستراتيجيين وواضّعي السياسات الفلسطينيين، فليس الاستراتيجية إلا تحليل للواقع الموضوعي في الجوانب التي تختص بها الاستراتيجية ومتضمنة للمعطيات والبيانات الأساسية تجاه أصحاب الاستراتيجية، وتجاه أولئك الذين تستهدفهم ذات الاستراتيجية، وبهذا المعنى فإن استراتيجية الاحتلال تقوم على تعزيز عناصر القوة لدى العدو، وتقليص هوة عناصر الضعف وإخفائها مقابل تحطيم عناصر القوة لدى الفلسطينيين، وتعزيز عناصر ضعفهم... وهنا يمكن أن ننطلق من هذا الفهم المُبسط لإنتاج عناصر استراتيجيتنا الوطنية الفلسطينية ، وتمكين الفهم لأسباب قراءة تقارير وتصريحات الُمقّدر القومي الصهيوني كحاجة ملحة، ونحن يمكننا أن نرى نتائج هذه الاستراتيجيات الصهيونية على أجسادنا ودمائنا وفي مدننا وقرانا، أو على آلام شعبنا وأمتنا، وعلى ذلك فإن كل كلمة من تقارير جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية، أو تنوّه بما يصدر عن رئيسه هي رسالة مهمة ويجب فهمها وفكفكة أبعادها .

شارك هذا المسؤول رئيس جهاز الاستخبارات الصهيونية، إلى جانب عددٍ مهمٍ من رؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية إلى جانب عدد من الأمنيين المختصين والمهتمين، والمؤسسات ومراكز الفكر والاستراتيجيات، حيث جاء تحليلنا لحديث رئيس جهاز الشابك "روفين بار" تحت مقالة سابقة بعنوان ( القلعة تنهار من الداخل)، وها نحن نحاول الاطلالة على أبعاد حديث رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية كجزء ثانٍ من المقالة، رئيس جهاز الاستخبارات "اهارون حليوه" الذي أكد على أن للكيان الصهيوني مصلحة في إصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتعزيز حضورها من أجل خفض مستوى "الإرهاب"!! كما أن ذلك أيضاً مصلحة فلسطينية من أجل تحسين شروط الحياة! بمعنى بيع الأمن للصهاينة مقابل رفع مستوى المعيشة للفلسطينيين كمدخلٍ للحل السياسي الذي يقوم على تعزيز حاكمية السلطة في ما أسماها المناطق، بدلاً من اعتقال عشرات المقاومين، أو ما أسماهم " النشطاء الفلسطينيين في المناطق" في إشارة لتصاعد المقاومة في الأراضي الفلسطينية.

من صفات هذا المسؤول العسكري، أنه لا يحب الاحتواء أو إثارة المخاوف والهواجس تجاه الأوضاع الأمنية كما فعل رئيس الشاباك، أو رئيس جهاز الموساد تجاه إيران " ديفيد برنيع"، أو كوخافي تجاه لبنان وحزب الله.
فيما يخص "أهترون حليوه" فهو يؤكد أنه من المهم استراتيجياً ترتيب الوضع الفلسطيني بعد أبو مازن، اليوم الذي يلي رحيل أبو مازن.

أما فيما يخص غزة فقد أكد على حديثه (بأن نتائج حرب 2021 ستجلب استقراراً)، رغم أن حرباً قد اندلعت بعد عام بين الكيان والجهاد الإسلامي، معتقداً أن على حماس أن تُفعّل قوتها ضد الجهاد وغيره، مشيراً لاعتقاده بأن تحسين الوضع الاقتصادي وفتح المجال أمام العمالة الفلسطينية في السوق الصهيوني سيجلب الهدوء لفترات طويلة.

الرسالة التي تحمل تهديداً حقيقياً كانت وجُهت شمالاً لحزب الله الذي يرفع وتيرة تهديده للكيان، ومشروع استخراج الغاز من حقل كاريش، هذه الرسالة من هذا الجنرال هي رسالة مهمة تحمل في طياتها تهديداً حقيقياً.

ما يهم في الرسائل التي ألقاها المُقدّر القومي الصهيوني هي أن التهديد الذي يطال الكيان لا يأتي من الخارج، بل من داخله – الشعب الفلسطيني هو التهديد الاستراتيجي الأكثر خطورة، وعلى ذلك يعود جهاز الاستخبارات عن مهمته الرئيسية في متابعة الأحداث والتطورات العسكرية المحيطة، ومراقبة الجيوش والتحركات العسكرية نحو مراقبة مجتمع فلسطيني الداخل، وشباب الضفة الغربية ومقاومة غزة.

إن القراءة الاستراتيجية لحديث هذا الجنرال، تؤكد أن ما أطلق عليه الصهاينة في مستهل مشروعهم الاستعماري "أرض بلا شعب"، تحمل اليوم التهديد الأعظم، ديمغرافياً وما يحمله هذا الديمغرافيا من إمكانيات مقاومة.

هذا الكيان الذي يحاول قادته العسكريين والأمنيين، طمأنة مجتمعه بمظاهر القوة أمام التهديدات الماثلة أمامه، أو ما أطلق عليها "رونين بار" الأزمات الداخلية التي تجعل هذا الكيان رخواً، وتؤكد أن عوامل انهياره قد ابتدأت، فالخوف من عنف فلسطينيين 1948، أو تلك المظاهر البسيطة لمدى قوة فعلهم في حرب 2021 أثارت الخوف الوجودي، وجعلت مجتمع الصهاينة أكثر يمينية في مواجهة خوفه من مقاومة الفلسطيني وامكانياته في تسريع وتعجيل عملية انهيار القلعة الصهيونية من الداخل

•عضو اللجنة المركزية العامة في الجبهة الشعبية، مسؤول الإعلام في فرع السجون