قصيدة جديدة تعانق النور للأسير للأديب كميل أبو حنيش

متى؟

f6d2772b-6d2d-4c16-aebd-9f708be1bff4.jfif
المصدر / السجون-حنظلة

ومتى؟ يجيء بوصفهِ

ظرف زمانيٌ، برسم سؤالنا 

البشريّ عن معنى الوجود 

ولا يكفُّ عن الحضور 

برحلة الصحراء في الزمن المدّورْ

والمكان مربعٌ يفضي بنا

نحو المزيد من الزحام

 

فمتى سنبعث من سجون ذواتنا؟ 

مُذ سيّجوا أوقاتنا بحرابهم

كفّ الزمان عن المضي إلى الأمام

وصار دائرة تطلّ على العبث

ولربّما هذا المكان هو اختبار

الكائنات على الحياة 

كأنها موتٌ بطيء 

أو أنّه لقياس قدرتها على فن التعايش 

دون أسئلة ستفضي للتأمل 

في النهاية والختامْ

 

أو أنهم سيجربوا فينا التجارب ذاتها

تلك التي زعموا بأنّهم امتحنوا بها

فيجربوا دور الضحية

حينما تتقمّص الجلادْ

فمتى يكفُّ أولئك المرضى اللئامُ

 

عن البكاء وهم يمجون الدماء 

كما الذئاب، ويزعمون بأنّهم سيحاربون 

ليفتحوا درب الحضارةَ والسلام

 

ومتى؟ سؤال الانعتاق

من الطلاسم والتعاويذ القديمة والسُقامْ

ولربّما نحتاج وقتًا

كي نرتّب نفسنا ونهيء الأقدام

 

أن تمشي سريعًا في الشوارع والحقول

لكي تدرّبنا الفصول، ولا نُصاب

بوعكة عشقيةٍ

عند التلاقي باليمام

 

ومتى؟ سؤالٌ عالقٌ في ساعة عربية 

معطوبةٍ مُذ ألف عام، ولا تزال تخالف 

الوقت الصحيح، وإن تسير

فإنّها تمشي بلا هدفٍ

سليمٍ أو نظامْ

 

ومتى؟ سؤال الاحتفاء، بحقنا البشريّ

أن نحيا، كما شاءت لنا هذي الحياة 

لأنّنا أبناؤها

والأمّهات بطبعهنّ مهيّئات

لأنّ يقاتلن الطبيعة والهواء 

ليحتفي أبناؤهن ، بما يليقُ

وما يطيب من الحياة

على السّليقة والدوام

 

ومتى؟ أداةٌ للسؤال عن الولادة 

والنهوض من الركام

إن كان هذا الوقت يحبلُ كالإناث

أم أنه وقتٌ عقيم باردٌ

لا يستفيق ولا ينام

 

فمتى نعود لأهلنا 

متظاهرين بأنّنا 

غبنا قليلًا عن

بيوت الأمّهات 

نأتي مباغتةً ونسألهنّ 

في نزق الشباب

إن كان قد نضج الطعام

ومتى؟ سؤال الظل

عن معنى البقاء مرافقًا أجسادنا

فلربّما قد ضاق ذرعًا

من تفاصيل الرتابة 

يبتغي فك الترابط واللّحام

فمتى نحرّر ظلّنا 

حتّى يعيش نيابةً عنّا طليقًا شامخًا

وينوب عنّا بالرواية والكلام

 

كميل أبو حنيش 

سجن ريمون الصحراوي