كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

أسكت أطفال فدوى كل خطيب

fZuY0.png

بقلم دعاء الجيوسي

خمسة أطفال لا يدركون معنى الصراع ولا حيثياته....أدمغتهم التي تتفتح على الحياة وتجاربهم التي يصقلها الوجع لم تبلغ بعد مرحلة تُمكنهم من صياغة ما ألحقته بهم سنوات الحرمان القاسية في جُمل مفيدة....ولكنها وهي المبتورة قالباً أبلغ من قول كل الشعراء ومُتحذلقي اللغة...إن سألت أحدهم ماذا تعرف عن الاحتلال والسجن والعزل الانفرادي يجيبك بكلمة أمي ليست في البيت.....

تعبير أطفال فدوى حمادة على الرغم من برائته إلا أنه يصلح تعبيراً جزلاً ومُكثفاً عن حالنا فقد أفقدنا الاحتلال أُمُنا الأرض ووالداتنا البيولوجيات وأفقدنا مع هذا كله الحياة.

فدوى المُعتقلة منذ آواخر العام 2017 والتي تقضي حُكماً بالسجن لعشر سنوات تعرضت خلال فترة أسرها للعزل الانفرادي أكثر من مرة كان آخرها عزلاً إستمر لمائة وستة أيام وإنتهى أواخر شباط المُنصرم...بعد إنتهاء محرقة العزل هذه تقدم منذر حمادة بطلب لزيارة زوجته في سجن الدامون فأتى التصريح بالموافقة على أن تنحصر الزيارة فيه وفي أحد أطفاله.

صبيحة يوم 3/3/2021 توجه منذر وطفله إلى سجن الدامون زاروا فدوى فصدمتهم حالة الإرهاق البدني والضعف العام الذي أورثتها إياه ثلاثة أشهر ونصف من العزل الانفرادي زاروها من خلف الزجاج وتحت أعين الحراس لأربعين دقيقة ثم عادوا لبيتهم في القدس ليجدوا أربعة أطفال بكامل أناقتهم...ينتظرون أباهم عائداً للبيت ومعه أمهم الغائبة منذ أربعة أعوام.....

فالأدمغة الصغيرة التي لخصت الصراع بأم مفقودة لم تُدرك أن الزيارة شيء والحرية شيء آخر....ولأن الإنسان يبني ذاته بالصدمات أكثر مما يبنيها بهادئات الأمور يبدو أن أطفال فدوى وبعد ملحمة بكاء وصراخ طويلة وتقريع للأب سيدركوا أن زيارة الأم الأسيرة شيء وتحريرها من سجنها شئٌ آخر.