خبرني القيد غداة إنتهينا

1902972275.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي

ظُهر يوم الإثنين 2021/3/1 وبينما أُرتب أغراضي تأهباً لمغادرة المكتب بعد يوم عَج بأخبار غرائبية لم تبدأ بالحكم على أسير معتقل منذ (35) عاماً بالسجن لإثنا عشر يوماً إضافية بتهمة إرتكابه مخالفة سير قبل إعتقاله ولم تنتهي بإصدار حكم بسجن قاصر في الخامسة عشر من عمره لمدة أربعة أعوام....قبيل المغادرة بدقائق ورد لزميلي في التحرير خبر مفاده أن محكمة عوفر الصهيونية أصدرت حكماً بسجن المناضلة خالدة جرار لمدة عامين وتغريمها مبلغاً مالياً...وهذا خبر متوقع المهم أننا وزعناه على الإعلام وبدأ كل منا يرُكز تفكيره في إتجاه مُعين للتعامل مع الخبر وقضية صاحبته.....في غمرة تفكيري نظرت إلى معصم يدي اليسرى وأطمأننت على الطوق الذي يُحيط به ولم تُفقده الأيام قتامة لونه بعد....حدقت فيه وكررت جملتي الأثيرة للمرة الألف لن أعالجك ولن ألجأ لمستحضر يخفيك ستصحبني بقية حياتي وستنزل معي إلى مثواي الأخير لتشهد لي بين يدي خالقي أني قاتلت في سبيله وأهرقت أجمل سنين العمر في الطريق لذلك وأني حملتك وغيرك من الأوجاع على إمتداد أيامي....شعرت أن طوق يدي الذي حفرته قيود سجن الجلمة وصاحبني طيلة رحلة الأَسر وما بعدها فهم للمرة الأولى ما أقول....أغمضت عيني تحسست الطوق وسألته...يا رفيق الأيام القاسيات خبرني عن السواعد التي زنرتها بعد ساعدي ما صنعت بها طول الليالي....

قال الطوق: أيا رفيقة القيد.....ودائمة الوجد...والله أني لست سادياً ولا أتمتع بالعذاب أو وصد الأبواب....ولكني مثلكم أحببت وبعض الحب ذباح...أنتم أحببتم الأرض فجدتم لها في كل نادٍ وساح...وأنا أحببتكم فالتصقت بالأيدي وهي تغزل الصباح....

يا رفيقة القيد.....بعد ساعديك حططت على مئات السواعد كنت وجعاً وصرت اليوم شهيداً وشاهد....

ومن بين السواعد التي عشقت....ساعدي نابلسية أصيلة فاقت بأحزانها سالم وابن عباد والجليلة...

إسمها خالدة وأبيها كنعان....حطت بالسجون وتمنطقت بالمنون....نقية....مجدلية....سرمدية....أبدية.....لا تزول....

حبيبة غسان....خصم تاريخي لأبي الخيزران....لا تلج خزاناً يعبر الصحراء.....لم تُلوث بزمن العبث والهراء....

صامَت عن مفاسد الطُغمة....ولم تقاسمها خبزاً ولا ماء....

قالت إن في النضال حكمة....

وفي طريقه كل اللُحمة.....

تحت القبة ثمانية الأضلاع....لم تغير جلدها....

وفوق الأبراش لم تبدل عهدها..

تحت المقصلة وبين يدي الجلجلة أنجزت وعدها....

هذه خالدتي وخالدتكم....

رفيقتي ورفيقتكم....

زاد الطريق....عز الرفيق.....

زهرة النار ....وظل عشتار ....

السجينة الحرة....ومن تعيد الفداء كرة بعد كرة.

تململت على مقعدي.....نظرت صوب الشمال....وقلت يا رفيق المعارك الطوال....

إن خالدتنا فرسٌ برية...جرس فولاذية....

حربة مصقولة....

ونبع ماء يسقي الأردن والتمساح والحولة....

منسبة عموماً وخؤولة....

بنت العنقاء.....مثيلة إيلياء...

للفقراء قمح وملح وماء....

فكن على ساعديها رحيماً رؤوماً.....

تبسم القيد....وقال هلا أوصيتيها هي بي خيراً....

فوالذي تحلف به الناس....

من فلق النوى وخَلّق الأجناس

إن ساعدها أقسى علي من ألف متراس...

وأعلى من قمة لا تُبلغ أو تداس...

يا رفيقة....ويا كل الرفاق....والعشاق....

أوصوا خالدة أن تُخفف من قبضتها على سلاسلي ومفاصلي....فما عدت أحتمل.....

إني حديد أصدأ....أذوب وأتكسر...

أما ساعدي خالدتكم فبركان وأكثر....

سيل لهب يذروني إن تفجر....