كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

فدوى حمادة..لعبة الروليت ونَهج القتل المُنظَّم

cbd39530-e025-4412-97ee-16f6e3d36822.jpg

بقلم دعاء الجيوسي

يُحي العالم ذكرى إنتصاره على النازية والفاشية بطقوس إحتفالية تختلف من بلد لآخر حسبما عانى من هذه الآفات التي هددت وجود البشرية مارشات عسكرية وتأبينات للضحايا وغيره الكثير من الطقوس بإمكانك رؤيتها على ظهر الكوكب وترى أيضاً عرابو نظريات تتحدث عن إنتهاء التاريخ بمعناه الديالكتيكي والوصول لمرحلة الإنسان الأخير الذي يحيا في كنف الديمقراطية الليبرالية إلى الأبد...كل هذا مع تحفظنا على أجزاء منه ولا سيما تلك التي تتحدث عن إنتهاء عصر الايدلوجيات، يبدو غريباً وغير منطقياً إن ركزت ببصرك الذي بات حسيراً بفعل التدفق الإعلامي وصناعة الوعي وكيه صوب فلسطين لترى فعلاً أن التاريخ لم ينته وأن نظريات التفوق العرقي ونقاء الدم بمعناه السادي والشوفيني لم تنته وأن عصر الديمقراطية لم يصل هذه الأرض بعد ويبدو أنه لن يصلها إلى ما بعد سنوات طوال ،وسيأتي مُغايراً لما أراده واضع نظرية نهاية التاريخ الأمريكي الياباني (فرانسيس فوكوياما) الذي تحمل نظريته بجوهرها بعدا جبرياً إقصائياً للآخر لتأتي بصيغة الداء لا الدواء.

المهم في سردي هذا وأنت تنظر لفلسطين سترى النازية هنا بأقصى اشكالها والفاشية بقمة جنوحها والإرهاب والسادية التي تَفَطرت عنها شطحات كتاب الغيتوهات الاختيارية بأقصى صور الجنون والدم.

في فلسطين قتل مُبررٌ عقائدياً لكل من صنفه كاتب أسفار الجنون بأنه من الأغيار...وفيها معسكرات موت تفوق أوشيفت قساوة يُساق إليها من كانت خطئيته أن جده الأول وُلِد على هذه الأرض قبل ألف عام وفيها ما لا يُقال ولا يُدرك إلا إن عشت على ظهرها وحملت إسمها في بطاقة تسجيلك الحكومية.

من مآسي فلسطين وتراجيدياتها التي تفوق كل ما دار في ذهن استاذ المآسي الأول سوفوكليس قصة إسمها فدوى حمادة مقدسية وهذه تهمتها الأولى تحيا في مدينتها وهذه تهمة أشد وبالاً...دخلت السجن وهذه تبدو طريقاً نكالاً.

فدوى حمادة ربة بيت وأم لخمس أبناء كانت قبل تاريخ 12/8/ 2017 مواطنة تحيا المأساة العامة لوطنها وبحلول يومها المذكور بدأت مأساتها الشخصية بفصولها القاتلة, إقتادها الاحتلال للسجن وقَرَرَ أن يحتجزها فيه لسنوات عشر أمضت منها جزءً في التحقيق المُميت وساحات المحاكم الصورية ومن ثم زنازين سجن الدامون في السنة التالية لإعتقالها بدا أن إدارة السجن المذكور تتعمد إفتعال المشاكل معها وفي السنة التي لحقت بدا وأن مؤامرة قتلها نفسياً وجسدياً قد إختمرت فنقلتها إدارة السجن لزنازين العزل الإنفرادي لثلاث وسبعين يوماً وبضغط من رفيقات قيدها أخرجتها لفترة قصيرة ومن ثم أعادتها إليها قبل واحد وأربعين يوماً ولا تزال تحتجزها فيها.

وَكَعُرف مجموعات القتل المُنظم وعُتاة المجرمين تصرفت دولة الاحتلال فحجبت كل المعلومات عن حالة فدوى الصحية والمُدة التي ستُمضيها في العزل الإنفرادي ومبررات هذا العزل إن وجدت أصلاً , لم تُجد إستغاثات الأهل ولا صرخات الأسيرات ولم يُفلح مع العقل المافياوي الذي يحكم إدارات السجون طلب حقوقي ولا صحي واصل جريمته صوب تصفية فدوى حمادة نفسياً وجسدياً بخطوات القاتل الذي إعتاد سفك الدم ولم يعد منظر الأجساد تنتفض قبل أن يُحرك شعرة من الجدائل المُدلاة تحت القبعات الصغيرة.