كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

الإنطلاقة في السجون، الجزء الاول "ذخيرة الزيتون هزَمت الشاباك"

IMG-20201208-WA0009.jpg
المصدر / حنظلة

بقلم: دعاء الجيوسي.

للسجن طقوسه وأحكامه ومراسيم أيامه فرغم زمانه الدائري و الهلامي من الخارج إلا أن تفاصيل الحياة داخله تسير بوتيرة منتظمة تبلغ حد الروتين والإنضباط الحديدي الذي لا تتراخى قبضته نسبياً إلا في أيام معدودات ومناسبات قليلة في السنة كأن تضع إحدى الأسيرات مولودها داخل السجن أو يحين موعد الإفراج عن أحدى الأسيرات وعند حدوث عملية فدائية في الخارج أو أيام إنطلاقة فصائل المقاومة وسأسرد في مقالي هذا ذكريات إحياء ذكرى إنطلاقة الجبهة الشعبية داخل السجون وقد عايشتها في سجن الرملة وهشارون والدامون.
آواخر العام 2002 كنت الأسيرة الأمنية الوحيدة في سجن الرملة وكانت الزنازين المجاورة تكتظ بالمعتقلات الجنائيات الصهيونيات اللواتي يعشن في عالمهن السفلي القادم من خارج السجن لم أكن أخالط أحداً أو أحادثه وإكتفيت من أيامي بجدار الزنازنة جاراً وبصم الآذان وإغماض البصر عن إستفزازا الجنائيات وموبقاتهن شعاراً للحياة وعلى هذا النحو مضت أيامي برتابة قاتلة كنت أقضي شهر رمضان الأول في السجون أبدأ صيامي وأنهيه جائعة منهكة القوى حتى حل يوم الإنطلاقة 2002/12/11 وكان يوم أحد إن لم تَخُني الذاكرة إستيقظت للعدد في تمام السادسه صباحاً تدبرت أمري بحفنة ماء غسلت وجهي سرحت شعري وكان اللقاء الأول بينه وبين المشط منذ أشهر جلست على سريري وبدأت أغني فخانني الصوت وخرج باهتاً غنيت للوطن ودندنت : قسما بالزهر بالسنابل بالعيون السود بالربيع سنقاتل...أتت السجانة على عجل وصرخت في وجهي إصمتي أَطَلَقَت شتيمة قذرة طالت جورج حبش والجبهة ثم غادرت....الحق أقول أن قذارة لسانها صدمتني ثم نفخت فيا عزماً وجلداً كُنت أظن أن القيد بددها أخرجت من تحت السرير عدداً من حبات الزيتون التي كانت تأتي مع الوجبات سيئة المذاق في بعض الأحيان وفاسدة في معظمها تسلقت السرير وكتبت على الجدار بذخيرتي من حبات الزيتون ( جهزوا أكفانكم ، الموت للمُحتلين... كتائب أبو علي مصطفى) عُدتُ لسريري وغنائي غنيت يا زهرة النيران في ليل الجليل....طل سلاحي من جراحي....سمعت خطوات السجانة تقترب رفعت صوتي أكثر حتى كاد أن يُبح دخلت السجانة وقالت هي رجعتي للغناء قُلت لها أنا لم أغني قالت من إذا قلت ربما هؤلاء ورفعت يدي صوب ما كتبته على الجدار لم تنبس ببنت شفة خرجت مهرولة أحضرت ضابط مُخابرات السجن و أرته ما على الجدار من كتابة حدق طويلاً ثم تلفت إلي وقال: دعاء تهددين إسرائيل كُلها بالموت أنظري لنفسك في المرأة أنت لا يُمكن أن تقتلي ذبابة ...تظاهرت بالمفاجأة وقلت حقاً ألهذه الدرجة ساءت حالتي ليس عندي مرآة لأرى وجهي تظاهرت بالإنكسار ، تَبَسَم الخبيث وشعر أنه أحدث ثغرة في جدار عنادي ونادى السجانة مئيريت أحضري المرأة ذهبت الأخيرة وعاد بما طلب في لمح البصر ناولني إياها وقال إنظُري إلى وجهك لتعرفي إلي أين وصلت أمسكت بالمرأة وحدقت لدقيقتين أو يزيد وكان الضابط يرقُبني ممنياً نفسه بإنهيار سريع يُريحه وقال ها كيف وجدتي نفسك؟؟ رددت بسرعة ولكني لم أرى وجهي رأيت أحمد سعدات وجورج حبش يجلسون وسط القدس ويعقدون محكمة شعبية يُحاكمون فيها مؤسسي وقادة دولتك أحياء وأموات رأيت أسامة بشكار يحمل سيفاً ويلوح به فوق سور المدينة ...قبل أن أُتم كلامي إختطف المرأة ألقاها أرضاً فتهشمت تبسمت وقلت أرحتني من كلام كثير كنت سأقوله دولتك ستتحطم كهذه المرأة زمجر بكلمات مزيج بين العبرية ولغة أخرى ربما الروسية لغته الأصلية وخرج ، دقائق قليلة إقتحم الزنزانة حشد من شرطة السجون  ونقلوني إلى قسم آخر في ذات السجن  وهناك لشهر كامل لم أر بشراً حتى الشرطية التي كانت تُحضِر الطعام كانت تُدخله من فتحة أسفل الباب وتُغادر.