كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

حديث الصخر والسنديان..إلى خالدة جرار..

946e634f-8c1b-4b9c-aa97-1c7e7a6d8d94.jpg
المصدر / حنظلة

تقرير: دعاء الجيوسي

ذات فجر والناس رقود... 

تنفس البحر وجعاً تململ الشاطئ فكتبت واحدة من صخوره رسالة لسنديانة على قمة جبل الكرمل جاء فيها... 

عزيزتي السنديانة...من على شاطئ غزة أكتب لك أنا هنا منذ زمن وطقوسي ذاتها...أبعث عبر الماء رسائلي للقابعات في الدامون للمعزولات في الشارون والباكيات على إمتداد الأرض... 

الحق أقول أنني في الآونة الأخيرة قطعت هذه العادة...فبعدما أبرقت مرات ومرات لمن ذكرت لم تأتيني منهن قصاصة ورق ولا جرة قلم أول الأمر إلتمست لهن أعذارا قلت السجن وأحكامه...القهر وظلامه كلها تأخذ الإنسان من ما يحب ولكن وبعد أن تكرر الأمر أوقفت الكتابة والإرسال. 

ما حدث أنني ذات مرة وأنا أحصي ملامح البلاد وتفاصيل وجهها تذكرتك وقلت في نفسي غريبة هي الأيام أنا التي كُنت شجرة في سهل طولكرم بت الآن صخرة على شاطئ غزة...وخالدة التي عرفناها صخرة مقدودة من جرزيم باتت شجرة سنديان على الكرمل... 

سنديانتي الحبيبة...حاذق هو الإحتلال أليس كذلك... 

ولكن كل ما كدس في الرؤوس التي تعتمر القبعات الصغيرة من حقد لم يفده فيما يريد... 

فلا الصخور  عندما ألقيت على ساحل حيفا ماتت...ولا الأشجار حينما أقتلعت من السهل ذبلت... 

الأمر بإختصار يا عزيزتي أننا لا نُغادر أرواحنا ولا نغير جلودنا ولكننا بإختصار نصنع البحر سهلا وإن أردنا نبذر جنباتها قمحا وياسمينا وكذا نُنبت من الصخرة ألف شجرة وهذا ليس تلون الحرباء ولا برغماتية الساسة...وهو ليس من خيالات الحالمين...الموضوع وما فيه أن هذا البحر العميق...وذاك الجبل العتيق...هذه الكثبان وتلك الأرواح خلف القضبان...الأحلام في المنافي والتلال في الفيافي كُلها لنا. 

سنديانتي الخالدة وأنت تعدين الليالي في على قمة الكرمل حين تُطرزين قطعة قماش، عندما تُحصين محتويات الكانتينا أو تضيقين ذرعا بعدد الصباح والمساء، قبل رحلات العذاب في البوسطة وبعدها في أفران التحقيق...عندما تمرين الجدار الشرقي لساحة الفورة تذكري أنني ومعي كل صخور الشاطئ ونوارسه...كل القوارب التي تتكأ عليه نُحبك.