تقرير إعلامي حول الأوضاع الاعتقالية في سجون الاحتلال، بقلم اللجنة الاعتقالية لمنظمة الجبهة الشعبية في السجون

الأوضاع الاعتقالية في السجون "الواقع والتطلعات"

thumb

الأوضاع الاعتقالية في السجون

الواقع والتطلعات

 

تستند الحركة الأسيرة الفلسطينية على أثر وتاريخ طويل مميز ومعمد بالدم والتضحيات في مقارعة السجان بوصفه أداة لدولة احتلالية فاشية تسعى لتطويع إرادة شعبنا، وبوصف الأسرى طليعة مناضلة تعكس إرادة شعبنا وكفاحه الطويل، وطيلة أكثر من نصف قرن من نضالات الحركة الأسيرة تمكنت من مراكمة إنجازات كبيرة تنطوي على الإصرار على مواصلة الكفاح وتحويل الأسر إلى ميدان نضالي آخر، وبعيداً عن الاستغراق في استعراض تاريخ الحركة الأسيرة المعروف الذي يعكس إرادة الأجيال المناضلة إلا أنه يتعين علينا الاعتراف بتراجع الحركة الأسيرة في السنوات الأخيرة من حيث أدائها ونضالاتها، وهذا يعود لأسباب مختلفة أبرزها الأزمة التي تشهدها الحالة الوطنية الفلسطينية في أكثر من عشرين عاماً فضلاً عن أسباب أُخرى تعود للأوضاع الداخلية في السجون وممارسات إدارة مصلحة السجون التي تسعى إلى استغلال هذه الحالة المُتردية وتكريسها بما يضمن لها هزيمة الحركة الأسيرة وطمس تراثها وتاريخها وما تُمثّله من حالة صمود يتمثّلها شعبنا في نضالاته.

لقد أحدثت حالة الانقسام في الحالة الوطنية الفلسطينية والتأخر في إنجاز المصالحة الوطنية شرخاً في صفوف الحركة الأسيرة نجم عنها حالة الفصل القائمة منذ أكثر من اثني عشر عاماً تعززت خلالها ظاهرة ما بات يُعرف بــ"أقسام فتح وأقسام حماس" حتى باتت الحركة الأسيرة تُمثل انعكاساً للأوضاع الفلسطينية خارج السجون، كما قادت هذه الحالة إلى المزيد من التشرذم والانقسام لاسيّما في صفوف أسرى حركة فتح، وأدت إلى بروز ظاهرة ما يُعرف بالممالك المتمثلة بالسجون والأقسام المُشكّلة على أساس شللي وبلدي وجغرافي.

أما عن إجراءات وسياسات مصلحة السجون فقد استغلّت هذه الحالة وسعت إلى تكريسها وتوسيع حدّة الشرخ القائم وباتت وسائلها أكثر تطوراً وحداثة في محاولة استدخال الهزيمة إلى الوعي الجمعي للأسرى وتشجيع التساوق مع مشاريعها من خلال إشاعة الثقافة الاستهلاكية وفصل الحركة الأسيرة عن تطورات وتفاعلات القضيّة الفلسطينيّة وتفكيك الحركة الأسيرة إلى سجون وأقسام وممالك وإقطاعيات خاصة، وتقزيم المطالب الوطنية والاعتقالية وتعزيز الخيارات الذاتية وذلك سعياً لتحويل السجون والأسرى الفلسطينيين إلى حالة تشبه السجون المدنية، وقد نجحت هذه السياسة إلى حدٍ كبير في تعزيز الشرذمة والانقسام وتغييب الوحدة الوطنية والاعتقالية، غير أنّ الصورة ليست سوداوية إلى هذا الحد فقد تمكّنت العديد من الفصائل الوطنية والإسلامية كالجبهة الشعبية وحماس والجهاد الإسلامي في مواجهة هذه السياسة والرد على سياسة الشرذمة من خلال العمل على وحدة التنظيم وتشكيل الهيئات المركزية ومحاولة بناء مؤسسات اعتقالية وطنية، وقد خاضت خلال السنوات العشر الماضية عشرات الإضرابات الجماعية والفردية والتضامنية وحافظت ولو بالحد الأدنى على حالة وطنية مقاومة ومجابهة لسياسة مصلحة السجون، وتمكّنت من تحقيق العديد من الإنجازات، ورغم ذلك فإنّ هذه الجهود والإنجازات ليست هي الحالة المثالية التي تطمح لها الحركة الأسيرة فبدون وحدة وطنية واعتقالية تتصدى لمهامها المختلفة بهدف استعادة دورها الوطني والنضالي، فإنّ الأوضاع من شأنها أن تتفاقم وتتزايد حدة الأزمة.

إنّ الحركة الأسيرة مُطالبة أكثر من أي وقت مضى باستعادة دورها النضالي وهذا الجهد ينبغي أن يبدأ بالأساس داخل السجون، أما الخارج فيقع على عاتقه المساهمة في استعادة الأسرى لدورهم ووحدتهم وعزلهم عن أي خلاف سياسي، لأنّ ساحة الأسر يجب أن يجري تحييدها عن هذه الخلافات، والإبقاء عليها ذُخراً وطنياً وقلعة مواجهة مُتقدمة، وعلى الفصائل الوطنية في الخارج أن تدرك أهمية ساحات الأسر في معركة التحرر الوطني وتحديداً حركة فتح التي يتعيّن عليها الضغط على كادراتها في السجون لإنهاء حالة الشرذمة والانقسام القائمة في صفوفها، والسعي لتوحيد التنظيم واستنهاض دوره الوطني في مقاومة سياسات مصلحة السجون.

إنّ ما هو مطلوب لاستنهاض الحركة الأسيرة بهدف استعادة دورها الوطني والأخلاقي والنضالي ينبغي أن يتركز على ما يلي:

  1. الضغط من الداخل والخارج لتوحيد حركة فتح وإنهاء ظاهرة الممالك والأقسام المُقامة على الأساس البلدي والجغرافي.
  2. السعي لإنهاء حالة الفصل القائمة في السجون وإعادة دمج الأسرى من مختلف الفصائل الوطنية والإسلامية.
  3. العمل على بناء الأطر والمؤسسات الاعتقالية ومُجابهة سياسات مصلحة السجون الساعية لتكريس حالة الانقسام.
  4. العمل على تشكيل اللجنة العليا للحركة الأسيرة مُشكّلة من مختلف الفصائل كقيادة عليا للحركة الأسيرة.
  5. السعي لإقرار خطة استراتيجية من شأنها أن تحافظ على الحقوق والمُنجزات وابتداع برامج مواجهة وتكتيكات نضالية جديدة في العمل الاعتقالي.
  6. يتعيّن على المُؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى أن تسعى لتطوير أداءها الحقوقي والقانوني والسياسي والإعلامي ومتابعة أوضاع السجون بشكل أفضل ممّا هو قائم.

 إنّ الحركة الأسيرة لا يمكن لها أن تموت وليس قدرها إلا المواجهة لأنها جزء أصيل ومهم من معركة التحرر الوطني الفلسطيني، وعلى الحركة الأسيرة أن تعي دورها في هذه المعركة، وعلى الحركة الوطنية الفلسطينية أن تُدرك حجم المخاطر والتحديات التي تواجه السجون، الأمر الذي يستدعي المساهمة في تذليل العقبات، والذي من شأنه أن يُساعد الحركة الأسيرة في استعادة دورها النضالي الوطني.