من أبرز قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

حول القضاء الصهيوني في توصيف الهولوكوست وجريمة قتل الطفل أبو خضير

المصدر / بقلم الرفيق الأسير/ شادي الشرفا

هذا النباح في المحكمة لم يحرك ما يسمّى بقوى الأمن الصهيونية ولم يستفزها، كما لم يؤثر في الصحافة الإسرائيلية التي انشغلت بالحديث عن تعذيب اليهودي لليهودي... تخيلوا فقط أن مواطن فلسطيني يطالب بحرق يهودي على غرار هؤلاء... ماذا ستكون النتيجة؟، لا داعي للتفكير كثيراً فالنتيجة معروفة وهي مسنّنة قانون خاص وحكمها لا يقل عن 3 سنوات تحت بند دعوات تحريض نازيّة.

إن النازية هي عقدة المجتمع الصهيوني، والحركة الصهيونية جلبت كل الدعم الممكن من العالم تحت راية ما يسمّى بالمحرقة النازيّة أو " هاشواه" أي الكارثة بالعبرية، أو الهولوكوست كما هو متعارف عالمياً، فقد صوّرت نفسها على أنها الضحية لأسوأ إبادة جماعيّة عرفت في التاريخ على حد تعبيرها، وما زالت تستخدم إدعاء المحرقة والإبادة لتوصيف المقاومة الفلسطينية أو أي انتقاد للدولة الصهيونية بــ"المعاداة للساميّة"، لكن منطق حرق الأحياء حسب الرؤية الصهيونية لا بأس به حينما يتعلّق الأمر بالفلسطيني وأكبر مثال هو الشهيد محمد أبو خضير الطفل الذي أحرق حيّا وعائلة دوابشة، ولا بأس بالدعوة لحرق مزيدٍ من الفلسطينيين وتحويلهم إلى "مشاوي" حسب نباح المستوطنين في محكمة "اللد".

ويبدوا أن التاريخ يعيد نفسه، فالجرائم الوحشية التي ارتكبتها النازيّة ضد اليهود وغيرهم في الحرب العالمية الثانية هي ذات الجرائم التي ترتكبها الحركة الصهيونية ضد الفلسطينيين، فهي تعتقل وتقتل وتحرق الأحياء وتقصف المدن وتطرد وتهجّر وتحوّل قطاع غزة إلى غيتو كبير على غرار غيتو "وارسو" الشهير وغيره، كما تحوّل مدن وقرى الضفّة الى كانتونات معزولة ناهيك عن جدار الفصل العنصري.

وكل هذا التطابق والتماثل بين النازيّة آنذاك والصهيونية اليوم لا يعني سوى شيئاً واحداً فقط وهو أن الصهيونية محاكاة للنازيّة، لكن هذا التشبيه تجرّمه المحاكم الصهيونية، فكل تشبيه بين الكيان الصهيوني والنازيّة يعاقب عليه بما يسمى القضاء الصهيوني بما لا يقل عن "ثلاث" سنوات سجن فعلي ربما لأن الضغط على الجرح مؤلم كما يقول المثل الشائع.

بكل الأحوال فإن قتلة عائلة "دوابشة" هم جماعة من الصهيونية المتدينة والتي تزداد قوةً واتساعاً يوماً بعد يوم وهي الجماعة التي تخشاها كل الحكومات الصهيونية المتعاقبة وتسعى الى إرضائها، فقد استطاعت أن تنشئ دولةً داخل الدولة وأن تتغلغل في كل المراكز الحسّاسة في الكيان الصهيوني بدءً بقيادة الجيش وصولاً إلى الحكومة عبر ما يسمى بحزب البيت اليهودي.

ولا تقف حدود هذه الجماعة من الصهيونية المتديّنة عند هذا الحد فهي متغلغلة في حزب "إسرائيل بيتنا" وحتى في حزب "الليكود" الحاكم، وحقيقة الأمر أنّهم على يمين رئيس حكومة الاحتلال "نتنياهو".

ويكفي أن يكون أحد المستوطنين الذين خططوا لتفجير المسجد الأقصى وقبّة الصخرة وحضّر آلاف الكيلوغرامات من المتفجرات البلاستيكية لتنفيذ مخططه في مطلع الثمانينيات هو الآن مستشار رئيسي لنتنياهو، فهذا المستوطن هو بمثابة البطل الذي أفرج عنه من السجن بعد بضع سنوات بأمر من رئيس حكومة الاحتلال "شامير" من حزب "اليكود"، رغم أنه متورط في تفجير وقتل عدة فلسطينيين.

فإذا لم تبرئ المحكمة الصهيونية اليهودي المتطرّف قاتل الفلسطيني فإن الحكومة ستبرّئه أو رئيس الدولة بأحسن الأحوال، فالنهج الذي تقوم عليه هذه الدولة هو لإنهاء الوجود الفلسطيني كليّا من الأراضي الفلسطينية وهذا حلم "نتنياهو" والمجتمع الصهيوني والأمنية الأساسية التي ينام عليها هؤلاء المستعمرين، وهذا ليس حكماً جازفاً نقوله بل هو في الواقع أمراً يتحدّث عنه بعقلانية أغلب الكتّاب والصحفيين والمفكرين والسياسيين الصهاينة، وليس القضاء الصهيوني سوى أداة أخرى لتحقيق هذا الكيان العنصري والفاشي.