اعتقال فتاة قاصرة جريمة مخالفة لكل القوانين والمواثيق الدولية

عهد التميمي تصفع جندياً وتهين منظومة "بقلم الأسير شادي الشرفا"

المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

كانت فرصة مواتية لصحفي الصهيوني أوهات بن حامو الذي يعمل في القناة 13 العبرية قد يقدد من الجبور الصهيوني ما يدغدغ عواطفه ويستفز من مشاعره. فبن حامو صحفي متمرس ويتقن اللغة العربية ويعمل مراسلا للملف العربي في القناة. وعندما التقط مقطع الفيديو لفتاة فلسطينية لم تبلغ السادس عشر من عمرها تصفع جندياً مدججاً بالعنجهية والسلاح راهن على المشهد قد يتحول قضية رأي عام داخل مجتمع المحتل.

اعتاد بن حامو على إعداد تقارير من داخل المخيمات الفلسطينية يسلط بها الضوء باستمرار ظاهرة انتشار السلاح وضعف الأجهزة الأمنية الصهيونية بالتعامل معها، كما أعد عدة تقارير عن الأسرى الفلسطينيين وظروف حياتهم وسلط الضوء ، بطريقة تحريضية خبيثة، على ما يعتبره امتيازات معيشية هائلة وأخيراً يعد التقرير تلو التقرير لتحريض على معاناة الأسرى التي تصرفها هيئة شئون الأسرى.

فكل مرة يعد مديحاً فلسطينا ما فتارة ضد شباب المخيمات وتارة أخرة ضد الأسرى أما مبيحته الجديدة  فكانت عهد وعائلتها ولكي تكتمل كافة عوامل التحريض استحضر مقاطع فيديو لعهد تحتك بجنود الاحتلال منذ أن كان عمرها ثامنِ سنوات فقط تظهر مدى خطورة هذه الفتاة على حد تعبيره.

وهكذا جعل من مشهد الركض والصفع قضية رأي عام فتناقلت وسائل الاعلام الصهيونية تاريخ عهد مع الجنود، وخلال متابعتنا للقنوات العبرية المختلفة لم نجد أي أحد يتسع أو ينتقد بكل هلع الجنود الى ممتلكات خاصة أو  سبب وجودهم في منطقة محتلة اصلا علماً بأن أي فلسطيني ينتهك حرمة ممتلكاته معرض للقتل بسهولة، لم يكن الجدل حول الاحتلال وانتهاكاته إنما حول الفتاة التي تهين ضابط بوحدة كفحاتي التابعة لأقوى جيوش العالم.

إنّ كافة النقاشات المتداولة حول آلية استجابة الجنود ليس  ذات أهمية إنما ما أثار الجدل في الحقيقة هو ما مدى تأثير هذا المشهد على ما يسمى بقوة الردع الاسرائيلية فكيف تتجرأ فتاة على إهانة جندي من جيش الذي لا يقهر؟! بل وحتى استفزهم أنّ عهد تتمتع بمظهر أوربي فشكلها "ببروجندا" ليست في صالحنا على رأي الصحفي اليميني المتطرف بن دري اليميني لقد نبش ذلك كل المشاعر الذكورية الشفونية من جهة ومن جهة أخرى أنزل الستار مرة أخرى عن الوجه الحقيقي للاحتلال ليكشف عنجهية وعجرفة المستعمر الابيض الذي يرى نفسه الأقوى والأكثر تفوقاً والذي  يخاف من باقي الشعوب وتسجد له.

إنّ صفعة عهد اهانة لهذه المنظومة الاستعمارية المتعجرفة، والتي لا تحتمل مشهد من يتحداها ولا تستوعب أن لا نخافها فهي تريدنا خانعين راكعين ومستسلمين كما أنها تريد أن تطلق العنان لقوات الاحتلال المرتكيين بالشعب الفلسطيني حيث تعالت أصوات المتطرفين اليميني الصهيوني التي تدعو الجيش الصهيوني برفع "يده الناعمة"  عن الفلسطينيين بحد تعبيره.

كما أن محاولة تحويل القضية إلى مشهد يدلل على البعد الأخلاقي لجيش الاحتلال لا تجدي نفعاً فهذا الجيش الذي يقدم نفسه باعتباره الأكثر أخلاقية في الشرق الأوسط بل العالم ليس بنظر  الفلسطيني أو أي شخص بالعالم سوى حفنة من المجرمين والإرهابيين والعنصريين اللذين يمارسون التطهير العرقي وأبشع أنواع الجرائم ضد الشعب العربي الفلسطيني.

وهذا الجيش لم يستطع أن يصبر يوماً واحداً بحالة أخلاقية وهمية ففي ساعات الفجر تقتحم القوات المدججة بالسلاح قرية النبي صالح وتعتقل فتاة قاصر بل وتحرص على تصوير المشهد لترد الاعتبار لصورة الجيش المقدس أمام المجتمع الصهيوني العنصري ولا تخجل من الماكنة  الاعلامية بالمطالبة لمحاكمة الفتاة القاصر بسنوات من السجن تصل إلى حد 7 سنوات كحد أقصى بتهمة الاعتداء على ضابط.

استوى مصاصي الدماء وبإمكانهم الآن أن يرتاحوا وبإمكان الصحافيين والمحللين والضباط المتقاعدين للجيش والذين ملئوا الشاشات أن يتنفسوا الصعداء فها قد حق الجيش الذي يمتلك مئات القنابل الأثرية وأفضل أنواع الإعداد العسكري انتصاراً حاسماً على قاصرة فلسطينية لم تبلغ بعد السادسة عشر من عمرها.

ولكي نستوعب مدى عنصرية وإرهابية وحقارة المحتل وصل الحد بأن يكتب الصحفي الشهير وعضو الكنيست السابق شارون جال تعليق على مقطع صفع الجندي "نشتاق لك يا لأول عزريا " علماً عزريا هو ذلك الجندي الإرهابي والذي تم تصويره يطلق النار على الشهيد الفلسطيني عبد الشريحة وهو ملقى على الأرض ينزف في مدينة الخليل مما أدى إلى استشهاده أي أنّ عضو الكنيست السابق ينادي صراحة بقتل الفتاة وبدل محاسبته ومحاكمته يحصل على عشرات ألاف الليكات على صفحة الفيس الخاص به.

لقد مر علينا عبر تاريخ مناهج كثيرة، الاستعمار العنصري والحاقد وليس كان الاحتلال الصهيوني سوى نموذج متكرر للفاشية العنصرية التي ترى نفسها تتظلل بمفاهيم العرق الانقى  وتتغطى بمفاهيم ثوراتية باعتبارها الشعب المختار لذا فإن بطولة عهد تتمثل بتحدي الجلاد الفاشي وإهانة كرامة المنظومة العنصرية التي يتغذى عليها المجتمع الاحتلالي.

إننا لسنا أمام قصة عهد لوحدها إنها قصة نور التميمي أيضاً وقصص وحكايات وبطولات نسوية حطمت المقدسات وصنعت الماجدات لتحدي والصمود والمقاومة ونساءنا الفلسطينيات وبطولاتهم ستشكل الصخرة التي تتحطم عليها آمال ترامب وإدارته ومخططاته العنصرية.

وأخيراً فإن حملة الاعتقالات بحق عهد وأمها ونور تستهدف ترعيبنا وتستهدف سلاح التصوير وشبكات التواصل الاجتماعي وتوثق    جرائم الاحتلال وانتهاكاته لأن طبيعة الكيان الصهيوني هشة لدرجة أنها لا تحتمل حتى صورة انتصار.