عندما تزور الأسرى الأعياد اليهودية

بقلم الأسير شادي الشرفا يا نيالنا بالعيد ..!

المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

ما أنّ تزورنا أعياد المحتل بحلتها الثقيلة تقلب حياتنا رأساً على عقب، ويزيد سجننا سجناً وهمنا هماً..

يأخذ أغلب السجانين إجازاتهم، ويرتحل مع عائلاتهم إلى رحل الشواء والمرح وكي تكتمل فرحتهم وتتوج عاداتهم تأخذ إدارة مصلحة السجون جملة من الإجراءات التعسفية بحقنا، وكيف لنا أن نعترض على حق شعب الله المُختار بممارسة طقوسه الدينية.

فلا بأس من إغلاق الأقسام والحرمان من فرص الرياضة التي حتماً تندس يوم العيد، ولا بأس من منع زيارة أهالي الأسرى لأنّ أمن الأعياد فوق كل اعتبار. ولما لا تغلق الكنتينة احتذاءً بشرائع موسى بعدم العمل والراحة، ويُمنع توزيع الطعام فالمطابخ أُحكم إغلاقها لأنّه استوى على عرشه فقطرات جوع لا تميت، ويؤجل الأسرى مرضهم أو موتهم لأنّ طبيب السجن في إجازة، وكل عام وأنتم بخير وأعاده الله على الشعب المفضل على العالمين وهم بكامل صحتهم وعافيتهم.

يوم الغفران "الكيبور" وهو يوم صيام للتكفير عن الذنوب ومسح الخطايا يليه عيد العرش " سوكوت" وهو العيد الذي يعبّر عن هروب اليهود من السلطة القمعية.

ولكن واستغفر الله، أي غفران هذا وشعب بأكمله يستعبد على مذبح الرفض، وأيّ أنّه هذا سيغفر هذه الذنوب التي تُرتكب بحق أمةٍ محتلة يمتص دماءها يومياً، وأيّ تناقض هذا بين عيد العرش المعبر عن التحرر من السلطة القمعية في حين يُجسّد الكيان الصهيوني أكبر آلة قمع واحتلال ممنهج يعرفها التاريخ البشري؟

أيّ تناقض وانفصام بالشخصية يعيشها الصهيوني والذي يحوّل أعياده ومناسباته الدينية  إلى مقمع على الفلسطينيين رُغم أنّ جوهرها يكمُن في السعي بالحرية؟ لماذا علينا أنّ ندفع حرية شعب الله المختار؟

بمناسبة عيد العرش أدامه الله علينا وعليكم قررت أجهزة الأمن الصهيوني إغلاق الضفة لمدة 11 يوم متواصلة، يا لتشابه الظروف، فالسجن الصغير أُغلق والسجن الكبير أُغلق، إنّها عدالة المحتل! إذا كان إغلاق السجون يشمل بضعة آلاف من الأسرى فإن إغلاق الضفة يشمل ملايين البشر، ويشمل أيضاً قطع الأرزاق ومنع الحركة وإحصار المدن أسبوع ونصف الأسبوع.

لن يجوع أحد من الأغيار ولن يأخذه الحق بالاعتراض بأنهم مجرد عابرين في أرض الميعاد التي خصصت للشعب المختار الذي كلما يريده التمتع بلبنها وعسلها وأن يحتفل بهدوء وسكينة بأعياده بعيداً عن شر الأغيار وحقهم.

عفواً، ليست كل الأغيار أشرار فبعضنا لا بأس به، لكن كلنا بشر من بركة ثانية ولربما درجة ثالثة بين الحيوانات الأليفة التي يقتنيها شعب الله المختار وتشاركه رحلة الشواء بالعيد.

هذه حالتنا الطبيعية نحن الفلسطينيين، كلما احتفل الإسرائيليين تغلق سجوننا بإحكام، الكبيرة منها والصغيرة وليست العملية الفدائية الأخيرة سوى عذر لتجديد الخناق على الفلسطينيين ولتضييق عليهم استمرار نهج الاحتلال منذ قرابة القرن، فالرقص على الجراح الفلسطينية، أمّا إذا سألتم لماذا لا تغلق الضفة باستمرار ويبعد الأغيار وتطهر أرض الميعاد منهم؟  ويكمن الجواب في علم  الاقتصاد فالاحتلال يحتاج الأيدي العاملة الرخيصة، فالآخر- الفلسطينيين- تنتهك حقوقهم الاقتصادية كما تغتصب حريتهم، وبين الحين والآخر تقطع أعناقه وتقطع أرزاقه.