حول ملف الأسرى المفقودين في غزة

بقلم الأسير شادي الشرفا"آراء الأسرى حول صفقة تبادل مترقبة"

شادي الشرفا
المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

يعيش الأسرى حالة من الترقب لما ستؤول إليه مفاوضات تبادل الأسرى المترقبة بين حماس ودولة الاحتلال الصهيوني،  وقد ازداد تفاعل الأسرى مؤخراً حول الصفقة خاصة بعد استقالة المفوض بشؤون الأسرى والمفقودين لدى الكيان الصهيوني (ديكور لوبين) وتعيين السكرتير العسكري لنتنياهو (اليعازر تورنادو) مكانه.

يعتبر الأسرى أنّ هذه الاستقالة تُشكّل تطوراً بالغ الأهمية في مسألة الصفقة لتداعيات هذه الاستقالة وتأثيراتها، سواءً السلبية أو الايجابية خاصة في ظل تطلّع الأسرى لتحررهم من براثن السجن خاصة الأسرى ذوي المحكوميات العالية وبعض الحالات المرضية الطارئة أو أسرى القدس والداخل المحتل.

        ونسجل هنا أبرز المعطيات والتحليلات داخل قلاع الأسر بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على أسر الجنود الصهاينة وذلك بناءً على استمزاج آراء أعدته اللجنة الاعلامية لمنظمة فرع السجون التابع للجبهة لتحرير فلسطين لعدد يسير من الأسرى وفيما يلي خلاصة الآراء:-

أولاً: لأول مرة لُمس تحرك لعائلة الجندي (هدار جولدن)، والتي عبّرت عن استياءها ونقدها اللاذع لنتنياهو ووزير حربها "ليبرمان" والمجلس الوزاري المصغر، وقد استخدمت معايير قاسية أمام الإعلام لدرجة وصف "ليبرمان" بالجبان والضعيف وغير المؤهل لإرسال جنوده لأي حرب؛ لأنه سيتنازل عن إعادتهم بخلاف عقيدة الجيش حسب تعبيرهم.

ثانياً: استندت (عائلة جولدن )سابقاً على سياسة المطالبة المستمرة من الحكومة الصهيونية بتحويل ملف  أسر الجنود الى عبء على المقاومة بدل الافراج عن الأسرى فهي كانت تطالب بفرض عقوبات على الأسرى من منع الزيارات وتضييق مقومات الحياة داخل الأسرى وغيرها من الإجراءات،  إضافةً الى تضييق الخناق على قطاع غزة واهمة بأن هذه السياسة ستؤدي إلى الإفراج عن ابنهم، وهذا ما أقره المجلس الوزاري المُصّغر في يناير من هذا العام استجابة للضغوطات من مماطلة الحكم الصهيوني من تنفيذ هذه التوصيات العنصرية والشعبويّة لأسباب يطول شرحها جعل العائلة تشعر بخيبة أمل، والمُستجد أنها لأول مرة بدأت تُطالب بعقد صفقة مع المقاومة مما يعد تطوراً نوعياً هاماً.

ثالثاً: يجزم الأسرى بأن أي صفقة تبادل لا ترضخ لشروطها دولة الكيان إلاّ عبر ضغط الشارع الاسرائيلي مثل ما جرى بصفقة التبادل النوعية عام 1985، وصفقتي التبادل مع حزب الله وأخيراً صفقة الاحرار (شاليط)، لكن المعضلة هنا أن الشارع الصهيوني لم ينضج بعد ولم يتحرك كفاية مما يجعل الحكومة الصهيونية شبه مرتاحة لتأجيل عقد التبادل أو حتى المماطلة بالمفاوضات كما هو حاصل اليوم، وها قد مضى ثلاثة سنوات دون حراك حقيقي في الشارع وتشير التقديرات أن هذا الركود سوف يتغير خاصة بعد تغيير موقف عائلة (جولدن) وإعلانها بأنها تمتلك أدوات عديدة وجديدة ستستخدمها للضغط على حكومة الكيان، وقد عبّرت والدة (جولدن) عن ذلك مؤكدة أنها لن تستخدم أسلوب الضغط الذي مارسته عائلة (شاليط) فأدوات اليوم تختلف عن الأمس حسب تعبيرها مما يفتح الباب أمام عدة تساؤلات حول طبيعة الحملة التي ستشرع بها هذه العائلة .

رابعاً: إن أهمية عائلة الجندي "هدار جولدن" نابعة من طبيعة العائلة ذات الخلفية العسكرية والأيديولوجية اليمينية المتطرفة فهي عائلة اشكنازية تنتمي إلى تيار المتدينين الصهاينة، إلى جانب أنها تنحدر من جيل المحرقة الثالث بخلاف باقي الأسرى بالأهمية الهامشية بالنسبة لدولة الاحتلال العنصرية فعائلة "جولدن" هي ضمن ما يصطلح على تسميته (بالنواة الصلب ) حسب التعبيرات الصهيونية.

خامساً: تتمسك عائلة "جولدن" باعتبار أن ابنها قتل في رفح وخطف جثمانه، رغم ما تقدمه المقاومة في غزة من عدة إشارات على كونه حياً دون التصريح المباشر، بذلك ويبدو أن هذه الاشارات بدأت تؤثر في عائلة "جولدن" كما أثرت مسبقاً في عائلة الجندي (ارون شاؤول) والتي رفضت اعتبار ابنهم قد قتل في الشجاعية حسب رواية جيش الاحتلال وتصر على كونه أسيراً حياً لدى حماس، لذا فإن فرض حالة من عدم اليقين يعتبر انجاز للمقاومة.

سادساً: يفتقر تحرك أهالي الجنود المأسورين في قطاع غزة إلى حالة من تنسيق الجهود فيما بينهم للضغط على الحكومة (فكل يغني على ليلاه) كما يقول المثل فبخلاف تجارب سابقة مثل عائلتي "جولد فاشر" و"ريجيف" أبان صفقة حزب الله حيث شكّلوا حملة منسجمة ومشتركة وفاعلة فإننا أمام خمسة عائلات (جولدن، شاؤول ، ماغنيستو ، و اثيوبي وعربيان آخران) تعمل كل عائلة لوحدها منا يضعف تأثيرهم على الحكومة وهذا ما ترغب به حكومة "نتنياهو" التي تعتبر عقد صفقة تهديداً للاستقرار الحكومي.

سابعاً: إن اعتماد المقاومة صيغة الكتمان حول مصير الأسرى لديها بدأ يتمحور من خلال التحرك الأخير لعائلة "جولدن" وبالتالي فإن المزيد من الصبر لدى المقاومة يتجاوز مرحلة قضم الأظافر (الحالية )ستؤدي إلى استجابة الحكومة للمطالب، خاصة إذا بقى ملف الأسرى لدى الجانب الفلسطيني بعيداً عن أي ملف سياسي آخر .

ثامناً: يسجل غياب وسيط (طرف ثالث) لإعداد صفقة وغالبية الأسرى لا يثقون بالجانب المصري باعتباره وسيطاً غير نزيهاً أو لا يكترث بتجاوزات الاحتلال لاتفاق الصفقة، خاصة بعد إعادة الاحتلال اعتقال عدد من أسرى صفقة الأحرار "شاليط"، والتي رعتها مصر دون أن يكون أو موقف أو تحرك منها لإجبار الاحتلال على وقف إجراءات والالتزام ببنود اتفاق الصفقة المبرم.

تاسعاً: يتوقع الأسرى فرض المزيد من العقوبات عليهم خلال الفترة القادمة تطبيقاً للقرارات الشعبوية من المجلس الوزاري المصغر في يناير من هذا العام.

        هذا مُجمل وخلاصة آراء وحوارات الأسرى في السجون حول صفقة أسرى مترقبة مع الكيان والتي يعيل عليها الأسرى كثيراً خاصة بظل غياب أي أفق سياسي يمهد بالإفراج عنهم.