الهوس الديمغرافي

بقلم الأسير وليد دقة "تعطيل الديمغرافيا الفلسطينية الاعتقال كوسيلة"

وليد دقة
المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

لا يوجد دولة أو مجتمع في العالم  مهووس  في التعداد السكاني كـ "إسرائيل"،  فهي على الدوام مُنشغلة بإحصاء عدد المواطنين اليهود، ونسبة تكاثرهم قياساً بعدد المواطنين الأصليين للبلاد، ونسبة تكاثرهم ما بين النهر والبحر.

 لقد شكّل هذا الهوّس الديمغرافي الذي دفع المسؤولين الإسرائيليين لإجراء (عدد شبه يومي لسكان كما يجري للأسرى في السجون) نبدأه صهيونياً ناظماً للسياسات والمَواطن، فلا فرق بين يمين و(يسار) في أهمية المبدأ واستخدامه في بلورة الخطط الاقتصادية والأمنيّة وبناء المدن وتخطيطها، والبنى التحتيّة وغيرها من القضايا بما فيها ضرورة أو عدم ضرورة الانسحاب من الأراضي المحتلة، ورغم أنه مبدأ عنصري ينطلق من أهمية نقاء العِرق إلاّ أن الاتجاهات العالميّة الإسرائيلية استخدمته تاريخياً وما زالت باسم المواقف (اليسارية) أم موقفها بضرورة الانسحاب من الأراضي المحتلة التي تُهدد ديمغرافيا يهودية الدولة.

 لقد شكّل الكم العربي ومواجهته إشكالية مركزية بالنظرية الامنية الاسرائيلية وقد كتب زئيف جابوتنسكي في ( الجدار الحديدي في عشرينيّات القرن الماضي حول سُبل مواجهة هذا الكم) وتناوله بن غوريون  مفصلاً في وثيقته  الأمنية (1952) باعتباره خطراً أمنيّاً بما يؤكد في إطار رؤيته الأمنيّة على ضرورة تشجيع المرأة اليهودية على الإنجاب عبر تقديم الدعم المالي، وكأنّه قد حوّل المرأة اليهودية لأداة حرب ورحمها سلاح لمواجهة رحم المرأة العربيّة بصفته ( قنبلة موقوتة) ! ولمّا كنّا نرفض مبدئياً هذه العنصرية وتحويل المرأة على الإطلاق بصفتها مانحة للحياة لا أداة حرب لسلب الحياة من الآخر يبقى من حقّنا أن نسأل في ظل  حضور الهوس الديمغرافي الديمغرافي المكثّف في الخطاب الإسرائيلي الرسمي والشعبي إلى أيّ مدى تُشكّل الديمغرافيا  عاملاً من العوامل المركزيّة التي تُحدّد سياسة الاعتقال الواسعة في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وحتى اليوم؟ بمعنى هل تحاول "اسرائيل"  تعطيل التكاثر الطبيعي للسكان الفلسطينيين من خلال الاعتقال، لاسيّما وأنّ الاعتقال بات يفوق حاجاتها الأمنيّة المباشرة.

 لقد اعتقلت "إسرائيل" منذ عام 67 كل فلسطيني ثالث لمُدد متفاوتة في سن الفاعليّة والاخصاب، فكم عطلت التطوّر الطبيعي للفلسطيني. إن مئات الآلاف دخلوا السجون، فهل تأخر تعداد الشعب الفلسطيني بنفس المقدار إنّنا  نُسجّل هذه التساؤلات أمام الجامعات ومراكز الأبحاث  من الفلسطينيين والعرب، وندعوهم لدراسة الموضوع دراسة أكاديمية من كافة جوانبها القانونية والاقتصادية والديمغرافية وآثارها الاستراتيجية بعيدة المدى.