درب آلام الأسرى

اللجنة الإعلامية للأسرى: الأسير علّام الهمص على طريق الآلام

الأسرى "حنظلة"
المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

أن تكون مُعتقل تقضي سنين عمرك وراء القضبان ثمناً للبطولة والفداء، واثقاً بأنّ الحريّة قريبة.. هذا شأن، ولكن أن يغتالك المرض في سجون الفاشيّة الصهيونيّة دون مُغيث.. فهذا يعني أنّ الاحتلال لم يكتفي باعتقالك بل يسعى لتسليمك للموت وأن يصل جثمانك للقبر قبل موعد الحريّة، وهذا حال العشرات من الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الصهيوني، الذي تسببت به سياسة الإهمال الطبي التي يُمارسها الأطباء الفاشيّون ضمن ما تُسمّى بمصلحة السجون الصهيونية ، سياسة وحشيّة راح ضحيّتها بعض الأسرى شهداء.

الأسير علّام إبراهيم الهمص ابن غزة الصامدة  حياته في الأسر مليئة بالمعاناة والصبر والجلَد في درب الآلام الحديدية، يبلغ الأسير الهمص من العمر الآن 43 عاماً، ومحكوم بالسجن الظالم لمدة 29عاماً، ويقبع داخل سجون الاحتلال منذ تسعة أعوام.

بدأت رحلة الأسير الهمص مع الأمراض في عام 2012 عندما أصيب بمرض السل، حيث جرى تشخيص المرض بعد سلسلة إجراءات اتسمت بالتعنّت والتأجيل والأدوية المسكّنة من قِبل عيادة السجن، وبالرغم من التشخيص المتأخر للمرض و الذي يتطلّب علاج فعّال، إلاّ أنّ ما يُسمّى بطبيب السجن لم يمنحه سوى علاج مسكن، لا يكفي للتخلّص من المرض بل التخفيف من حدّته وأعراضه ما أدى إلى التسبب بأضرار في الرئتين على مدار خمسة أعوام منذ نشأة المرض.

ما زاد من فداحة المعاناة والألم هي المضاعفات السلبيّة التي أخذت بالنشوء فترة سيطرة مرض السل في جسد الأسير الهمص، حيث أصيب أثناء فترة العلاج بفتق في المعدة بالإضافة إلى أضرار في الجهاز التناسلي، ما أدى إلى التبوّل اللاإرادي، والذي توّصل له أطباء الاحتلال كما يقول الأسير الهمص لا يوجد علاج له بالإضافة إلى حدوث مضاعفات خطيرة  تمثلّت في التهابات حادة في الأمعاء ونزيف مستمر أثناء التبوّل والإخراج وهذا نتيجة إهمال عيادة السجن واقتصار العلاج على المُسكّنات أو المضادات الحيوية.

إن معاناة الاسير الهمص مع الأمراض لم تقف عند مرض السل فقط، إذ يُعاني الأسير الهمص في الآونة الاخيرة من ورم في منطقة الصدر، ويخوض الأسير معركته من أجل إجراء صورة أشعة  لتشخيص الورم ، ومنذ عام وهو على لائحة الانتظار،  يُضاف إلى ذلك تورّم في الحنجرة يتطلّب إجراء صورة أشعة  CT من أجل تحديد طبيعة التورّم وتشخيصه.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تم اكتشاف ضرر ثالث في عصب العين اليُسرى بنسبة 70 بالمائة لدى الأسير الهمص، ويدّعي الأطباء أنه لا يوجد علاج فعّال قادر على التخلّص من المرض.

أمراض  عديدة تُحاصر الأسير الهمص وتغتال جسده ببطء، ولا يمتلك من أمره شيء سوى صموده وإحدى عشر نوعاً مختلفاً من الأدوية المضادة والمُسكّنة التي لا تُشفي علّته.

في مقابلة أجراها "مركز حنظلة" مع الأسير علّام الهمص من سجن "ريمون" الصحراوي، بدا قويّاً بمعنويّاته العالية التي تُجابه السجن والسجّان في ظل أحلك الظروف التي يمر بها، أوضح أنّ هناك مماطلة مقصودة وإهمال طبي واضح وصريح في عملية العلاج، حيث إن جلسات العلاج الخاصة لا يستمر إجراءها في عيادة السجن بل في ما يُسمّى بمشفى سجن الرملة، ما يتطلّب الذهاب إليها من خلال "البوسطة" وهي وسيلة مواصلات وحشية يتم فيها نقل الأسرى بين السجون وإلى مشفى الرملة ضمن إجراءات مدروسة تستهدف معنويات الأسير وتدميره نفسياً وجسدياً.

حول متابعة الملف الطبي للأسير الهمص من قِبل المستشفيات المختصة في الخارج، أفاد الأسير الهمص أنه لا يوجد متابعة جادة على هذا الصعيد والمحاولة الوحيدة التي جرت كانت من قِبل مؤسسة "حريّات" المختصة بحقوق الإنسان، حيث سعت المؤسسة لإدخال أطباء مختصين إلّا أنّ تلك المحاولة باءت بالفشل بسبب رفض إدارة مصلحة السجون لهذا الطلب لدواعي أمنيّة واهية.

فيما توّجه الأسير الهمص إلى عدة مؤسسات أخرى للمطالبة بإدخال أطباء لمتابعة ملفه الطبي ومنهم "أطباء بلا حدود" و"أطباء العالم" وكذلك "هيئة شؤون الأسرى"، إلّا أنّه لم تصله حتى اللحظة أي ردود أو نتائج ملموسة، ورغم تفاقم الألم الذي يُعاني منه وتطوّر حالته وزيادة الخطورة على حياته أكثر فأكثر من الأمراض التي تُدمّر جسده، إلّا أنّه لم يفقد الأمل يوماً في أن تعمل المقاومة الباسلة في غزة على إيلاء الأهميّة لملف الأسرى المرضى واعتباره على سلّم أولوياتها في أي صفقة تبادل قادمة مع الاحتلال الصهيوني. وعلى الرغم من كل هذه الأمراض بغدرها ووحشيّتها وسجل الإهمال الطبي والإهمال الوطني والإنساني من قِبل المؤسسات المدنيّة والرسميِة، إلّا أنّ الأسير الهمص يؤكد على صموده ومعنوياته المرتفعة وإيمانه العميق بدوره النضالي والكفاحي بابتسامة سرقها رغم معاناته وآلامه، ابتسامة أمل وصمود وتحدي.