معركة الأمعاء الخاوية

معركة لا بد منها بقلم الأسير شادي الشرفا

المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

ينهمك الاسرى في السجون الصهيونية في جدال ساخن حول مشروع الاضراب عن الطعام في نيسان القادم ما بين مؤيد ومعارض ومشكك في امكانية قدرة الحركة الاسيرة على اعادة ترتيب صفوفها بعد سنوات من الشرذمة والانقسام وخوض معركة الاضراب عن الطعام احتجاجاً على تردي الأوضاع داخل السجون وبهدف استعادة الحقوق التي سلبتها مصلحة السجون، مستغلة ظروف الحركة الأسيرة المؤذية، والحقيقة وبصرف النظر عن المطالب المشروعة التي من المفترض ان تقوم الحركة الاسيرة باضرابها من اجل انجازها إلا ان الاضراب يأتي هذه المرة تحدياً لمصلحة السجون ورد اعتبار للحركة الاسيرة ودفاعاً عن كرامتها والتي تعرضت للاختراق في السنوات الأخيرة، وقبل ان نلقي الضوء على صورة هذا التردي وسوء الأحوال نقول باختصار إن الحركة الأسيرة اليوم على مفترق طرق وأمام خيارين لا ثالث لهما إما أن ينتصر مشروع مصلحة السجون القائم على الشرذمة والإنقسام وإفراغ الحركة الأسيرة من محتواها الوطني والنضالي والإنساني وإبقائها رهينة للتفكك وارتباط القلة القليلة من ابنائها بمصالحها الفئوية والشخصية الضعيفة وإما أن تنتصر الحركة الأسيرة بكرامتها وتبقى وفية لتاريخها وتراثها وقيمها والأهم من ذلك لدورها الوطني وإبقاء صورتها كنموذج ظل ملهماً لشعبنا وقواه الحية طوال العقود.

كون ميدان الأسر هو ميدان صراع تتجلى فيه إرادة الأسير المعبر عن المقاومة والتمسك بالحقوق الوطنية وإرادة مصلحة السجون المعبرة عن سلطة الإحتلال الهادفة إلى قتل الروح النضالية والوطنية من خلال خلق بيئة لنمو وازدهار أدوات مهزومة ومرتهنة لمصالحها الرخيصة وتكبيل الأسرى بقيود هذه الأدوات التي ارتضت لنفسها أن تكون ألعوبة بيد ضباط استخبارات السجون واستمرار الذل والخنوع والتسليم بالأمر الواقع وهذا نموذج أرادت أن تكرسه استخبارات مصلحة السجون كنموذج بهدف اذلال الاسير الفلسطيني وافراغه من قيمته وتحويله الى سلعة رخيصة من الواقعية والتعايش والاحترام المتبادل بين السجين والسجان وللفت النظر انها الأزمات المعروفة في ساحات الأسر بضحالة فكرها وثقافتها وضيق أفقها والبعض منهم يفتقد للخبرة والتجربة والتاريخ النضالي ومعروفون بكونهم تجار هواتف ومتآمرون على الحركة الأسيرة ونضالها ولن اضيف لهم توصيفات أخرى يفهمها القارئ جيدا وتحت عباءتهم ضاعت الحقوق وتبددت.

* الحركة الأسيرة التي ملأت تاريخها بالدم والتضحيات والشهداء ومثلت الوجه المشرق لشعبنا ونضاله وزودت ساحات الوطن بالكادر الوطني المتمرس والمثقف وبقي شعبنا يستمد عزيمته وثباته وصموده في مقاومة الإحتلال من صمود الاسرى واستلهام صورهم وتضحياتهم رغم الحالة المتردية للحركة الأسيرة.

* بالعقد الأخير قادت بعض الفصائل إضرابات عن الطعام شكلت تحدياً بارزاً لسياسة مصلحة السجون وأبرزها إضراب الجبهة الشعبية عام 2011 والإضراب العظيم الذي خاضته معظم الفصائل في الساحة الإعتقالية عام 2012 وإضراب الجبهة الشعبية في صيف 2016  تضامناً مع المناضل بلال كايد وإضراب الأسرى الإداريين صيف 2014 وصيف العام 2015 فضلاً عن سلسلة من الإضرابات الفردية التي استمرت لفترات طويلة أبرزها اضرابات الأسرى خضر عدنان وهناء الشلبي وسامر العيساوي ومحمد القيق ومحمد علان وبلال كايد  وآخرون من الاسرى الذين جسدوا ملاحم بطولية وانتزعوا حريتهم رغما عن السجان ومثلت اضراباتهم الاسطورية اهم النماذج المشرقة من الحركة الاسيرة  لشعبنا ولكافة احرار العالم.

 لقد  استعدت مصلحة السجون حين تناهت على مسامعها على اضراب الاسرى الموحد لانها تعي جيدا ان اضرابا تخوضه حركة الاسيرة الموحدة من شأنه ان يسقط مشروعها كما من شأنه ان يعيد للحركة الاسيرة قوتها وقدرتها على ان تلعب دورها الوطني  ومجابهة سياسة مصلحة السجون لذا نشطت مصلحة السجون منذ اشهر بهدف اجهاض الاضراب ووئد المجهودات المبذولة من خلال تشكيل اللجان وتقييم الدعوات وتعزيز دور اصحاب الدكاكين و المصالح وتقديم الرشاوي الصغيرة، وتعمل استخبارات السجون بكل ما في وسعها لإجهاض  الاضراب وافشاله قبل ان يبدأ انطلاقه، يعني عمليا سقوط مراهنات ضباط الاستخبارات على انصاف الحركة الاسيرة وتركيبتها ستفشل مصلحة السجون وسيفشل مشروعها وتسقط الدكاكين وسيكون لهذه المعركة دلالاتها المعنوية والاستراتيجية ليست للحركة الاسيرة فحسب انما لشعبها المقاوم، وستتهاوى احلام بعض ضباط استخبارات السجون الذين بنوا امجادهم ورتبهم واسمائهم على ضعف الحركة الاسيرة من خلال تبجحاتهم  بترويض الحركة الاسيرة وتحويل السجون الي مختبرات تجارب بقتل الروح المناضلة الفلسطينية وتحطيم ارادته وتفتيت وحدته وفصله عن قضية الوطنية وتفتيت الحركة الاسيرة وتحويل السجون الي اقطاعات خاصة.

 ان الحركة الاسيرة تقاتل اليوم من اجل كرامتها ورمزية دورها وتدافع عن حضورها وثقافتها وتاريخها وتراثها بهدف الانتصار في هذه المعركة التي ستجسد وحدة كافة الاحرار مع الحركة الاسيرة ويسقط مشروع استخبارات السجون وستسقط الحقوق المسلوبة والانجازات التى تبددت منذ سنوات رغم التفاؤل بامكانية انطلاق هذه المعركة في نيسان القادم لازالت تعترض سبلها في مجموعة من العقوبات اهمها مصلحة السجون التي ستقاتل من اجل افشال الاضراب حفاظا على هيبتها وانقاذها لمشروعها وسيقاتل أيضاً اصحاب الدكاكين والمصالح الصغيرة واصحاب النفوس الواهنة، كما ان الكثير من المناضلين الشرفاء يشككون في امكانية وقدرة الحركة الاسيرة على خوض هذه المعركة وتخوف البعض من نهوض دور بعض الانتهازية الذين سيركبون الموجة وقطف ثمار المعركة سواء قبل ان تنضج او بعد نضوجها وثمة من يتخوف على مستقبل الحركة الاسيرة في حالة فشل اضراب مستحضرا تجربة اضراب عام  2004  

ان هذه اللوحة تلخص المواقف المتناقضة من هذه الحركة ونحن الاسرى لسنا مجتمع من الملائكة كما يتصور البعض واذا كان البعض يعتبرها مغامرة فلتكن هذه المغامرة التي لابد من خوض غمارها فنحن في نهاية المطاف نحضر شيئا وعلى شعبنا وعلى قواه الحية ان تدعم هذه المعركة قبل انطلاقها وبعدها وحتما ستنتصر الحركة الاسيرة في معركتها المصيرية التي من شأنها ان تعيد بناء الجسم الاعتقالي الوطني وتعيد الحقوق المسلوبة وستضع حدا لفردية وتبجحات استخبارات السجون فلا بد من هزيمة مصلحة السجون الصهيونية وعند اذن ستستعاد الكرامة وبعدها سيتحقق الاسري حريتهم المأمولة..