بقلم الأسير صلاح حسين

الشهيد قوة مثال

المصدر / مركز حنظلة للأسرى والمحررين

إن التواجد على هذه الأرض يعتبر صمود أمام المغريات التي نقدم من جهة ومن جهة أخرى الضغوطات التي تفرض بأشكالها وألوانها من أجل إفقاد الأمل حتى بأبسط مقومات الحياة فقد ملأ الأرض بالجدران وفرضوا  الحصار ونشروا اليأس والإحباط الذي فعل الجريمة أفقد الأمل والأمان وتوجت المسيرة بالانقسام الذي فرض أعباء جديدة واستحقاقات جديدة ما كانت بالحسبان الأمر الذي دفع بأعداد هائلة من الشباب إلى الهجرة ولو بالعودة وكان التواجد على هذه الأرض ما ارتبط برغد العيش وليس بالكرامة التي بات يمارسها الاحتلال وأعوانه دون النظر أو الاعتبار لأي كيانات بشرية.

 فالإحباط واليأس سببه مجرد سلاح يستخدمه العدو كأي سلاح آخر من الفولاذ ولكن فاتورته تكمن في كونه يضرب العمق في الوعي إن لم نقف امامة الفرد بكل جدية واستمرار وفهم عدا أنه سلاح من ضمن قائمة طويلة من الأسلحة النفسية التي يمارسها العدو ضد أي حالة ثورية يمكن لها أن تهز كيانه فأشكال التحدي والصمود سلسلة من الكفاح تتماها في مقدار تصاعدها بمقدار عمق الوعي الذي يتحلى به المناضل لقضيته ولا مستوى الاستحقاق المطلوب منه في سياق عملية الصراع المحتدم بالواقع فالوعي بضرورة الصراع يشكل قاعدة أساسية لدى كل مناضل ترتقي به بأعلى مستوى من العمل والتضحية تغادره الذات نحو الجماعة فيصبح حتى مستوى التضحية وشكلها يشكل ضرورة السير نحوه بخطى ثابتة ووعي متشبع بحتمية النصر فالصامد في أرضه يحرض على الصمود والمعتقل يفعل جدوه النضال للتحريض عليه بالمستوى الآخر والجريح يشكل مستوى آخر من التضحية يسير على قدميه أو على كرسي متحرك ينشر الوعي بمستوى يليق به وبمستوى تضحياته وأما الشهيد فهو مستوى الأكثر تقدما وارتقاء في الوعي والممارسة الذي يجسد عمليا على أرض الواقع والذي يشكل قوة المثال الحقيقية والتي يمكن أن يتخذها المناضلين فقوة المثال يجب أن ترتبط مبدئيا بالفكرة التي يقوم عليها التنظيمية والسياسية.

 فالفكر يجب أن يشكل الأساس الأول للمنظومة الثقافية والقيمية والأخلاقية التي يستهدف المناضل نشرها وتكريسها والتي يستوحي منها الأساليب التي تستهدف بناء مجتمع مستقبلي على أساسه ، فالفكر ليس مجرد لغو أو ثرثرة بقدر ما هو الأساس الذي يقام عليه الهيكل في رؤية ظواهر وكيفية وجودها وتطورها والموقف من كل حيثية من حيثيات الثورة والحياة والإنسان والاستشهاد والتعبير المكثف عن عمق القناعة والممارسة وبروز الرؤية الفكرية والذي يدخل ضمن المنظومة الثقافية التي تدخل لتكريس الممارسة والقناعة لأرقى أشكالها الاستشهاد كحزب محكوم عليه بالفكرة والاستشهاد بالخوف الذي أفرزه وفق القناعة والممارسة والذي يجب تكريسها (العامة) فقط عليه تحقيق الأهداف وعليه الظروف الاستشهادية التي تحلى بها المقاتلين تعتبر قاعدة للتقييم وقبول العضو في الجهاز الكفاحي لأنه ربما يكون هذا التكثيف للقناعة والممارسة .

 وتصبح العملية النضالية فارغة من مضمونها الأساسي الاستشهاد وليس المقصود هنا الحل في جزئية النهاية بقدر ما هي الروح المندفعة مع القناعة الجوهرية لسلامة وصحة النظرية التي انبثقت منها رؤيته وكلما انخفض مستوى الرابط الإنساني بين الفكر والممارسة تتفتح الرؤية ويكون بها بكونهما يشكلان حالة جذرية ويكون قول بحيث تتدخل الأنا الحيوانية الدنيا على حساب الرؤية وبهذا ينحرف الاتجاه ويصبح النضال إما من أجل المال أو الجاه أو الحماية والجنس وهذا من الأشياء الخطيرة والقاتلة على إمكانية توغلها في بحرها الرئيسي (الجماهير ) فالجماهير تمثل مركز الاستهداف التي تمارس عليها الأخطار فحين تكون خاضعة لنمط رأسمالي فهي تمارس منظومتها الثقافية وتتلقى عنفه وأثرة السياسي فلا يصح للحزب الثوري أن يستغل ممارسات الرأسمالية بقدر ما يمارس أرقى ما لدية من ممارسة ثورية وهي التعامل بالروح الاستشهادية كقوة تقوم على الفكر والممارسة والأخلاق والمفاهيم والمسلكيات الثورية المناقضة والمناهضة للممارسة والفكر والرأسمالي .

والخلاصة الشهداء هم الذين يعبرون بالشكل الأرقى عن إيمانهم بفكرهم وبمخرجاته الرؤيوية في تحديد المواقف من كافة الظواهر الطبيعية والاجتماعية وذلك ليس خاضعة للتفكير بعينة بقدر ما هو حالة تعبير عامة عن عمق القناعة بالفكر والممارسة فالفكر والممارسة جذرية يعبر عنها الشهداء بأرقى أشكال التجسيد ويبقى بشكل دائم بتاريخية وبثقافة الاستشهاد معنويا وفيزيائيا بكونها بأكثر الطرق للوصول لتحقيق الأهداف

 

عاش يوم الشهيد الجبهاوي