بقلم الأسير ثائر حنني

الصليب وزيارات العائلة

الصليب الأحمر
المصدر / ثائر حنيني – منظمة فرع الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال

لم أتفاجئ عند سماعي خبر تقليص الزيارة، ذلك القرار الذي تم اتخاذه من قبل الصليب الأحمر الذي من المفترض أن يلعب دوراً مهماً وأساساً في حياتنا كأسرى، حيث من واجباته كونه جهة ومنظمة دولية محايدة ومستقلة أن تؤدي مهمة إنسانية بحتة، وأن تقوم بحماية أرواح وكرامة ضحايا الحروب والاحتلال، وكذلك بتنفيذ أحكام القانون الإنسانية وغيره من المهمات الإنسانية.

ونحن كأسرى وعائلاتهم كذلك نعتمد على الصليب الأحمر ليقوم بدوره الإنساني تجاهنا كأسرى حرب، إلا أنه وبدلاً أن يقوم بممارسة هذا الدور، يضغط أكثر لكي لا نتمكن من زيارة أهلنا، فها هو يقف مع عدونا متحيزاً له ليتطابق الموقفين (الصليب الأحمر وإدارة مصلحة السجون- الذراع التنفيذي لحكومة الاحتلال) بتقليص الزيارات. الصليب يعلم جيداً أننا كحركة أسيرة خضنا معارك وإضرابات حتى نحصل على زيارتين كل شهر، متناسين كل الآلام والعذابات الأسرى للحصول على هذا الإنجاز.

أقول ذلك من حكم تجربتي الشخصية مع الصليب الأحمر حيث أنني أسير منذ 12 عاماً، وفي موضوع الزيارات لي لم أسمع أن الصليب زار بيتنا أو اتصل هاتفياً بي على الأقل ليطمئنني، علماً أن أهلي متواجدين بالأردن؛ بل على العكس من ذلك كنا عندما نتواصل معهم كانوا يردون ( نعمل على ذلك – أو دعونا نفحص) !!!، وغيره من الإجابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهنا سوف أعرض بعض الحقائق التي حدثت معي طول فترة سجني خلال 12 عاماً:

  1. بداية، كان يسمح لي بالزيارة كل ستة شهور مرة لأقارب من الدرجة الأولى طبعاً، باستثناء أبي على اعتبار أنه ليس من الدرجة الأولى!! ولم يحرك الصليب ساكناً.
  2. يتواجد أهلي حتى هذه اللحظة في الأردن، ولم أسمع صوت الصليب، بل على العكس طُلب منه أكثر من مرة أن يقوم بدوره الإنساني ليقوم بتوفير بعض الاحتياجات مثل الملابس، الصور، المراسلات وغيره ولم يتحرك.
  3. عند وفاة والدتي جاءت المفاجأة بأن الصليب لم يقول لي بأن هناك تصريح لأمك مدته سنة، وفي هذا أقول " شر البلية ما يضحك".
  4. حتى الآن زارني أبي مرتين واخواني نضال وجهاد كل منهما مرتين فقط، والصليب لم يعلق شيء على هذه المعاناة.

كل ذلك وأكثر ليعود الصليب بقرار أنه سيقوم بتقليص الزيارات -لا أعلم عن أي زيارات يتحدث -علماً أن هناك الكثير الكثير الذين يعانون من قلة الزيارات، وأنا واحد من هؤلاء الأسرى الذين ما زالوا يعانون من قلتها. طالما أن الصليب لم يعلم بدوره ومهمته الأساسية، بل على العكس من ذلك يتواطأ مع الاحتلال فيها. فهناك حاجة وحاجة ماسة لكي يفهم الصليب دوره الإنساني الذي يجب أن يقوم به تجاه الأسرى، أو ليرحل من أرضنا حتى نبحث عن وسائل تمكننا من التواصل مع أهلنا، هذه المشكلة التي تتعلق بالزيارات من وجهة نظري، ولو سؤل كل أسير من آلاف الأسرى حول هذا الموضوع لوجدنا أن هنالك آلاف الحكايات والقصص التي يظهر فيها تقصير الصليب في هذا الجانب الإنساني، إن لم يكن تآمرهم مع الاحتلال.

ومن الجدير ذكره أن رحلة المعاناة التي يعانيها أهلنا من يوم الزيارة متواصلة دون تدخل من الصليب، من تفتيش والانتظار على الحواجز والتأخير وغيره من المعاناة والمخاطر.

أخيراً، هذا ما يتعلق بمشكلة تقليص الزيارات التي هي واجب يجب أن يقوم الصليب به، ناهيك عن عدد من المشاكل العديدة الموجودة لدينا كأسرى حرب، وسببها المباشر هو تقصير الصليب، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ( عدم ادخال الكتب الثقافية والعلمية، الأدوات الرياضية، الرسائل، معاناة الأسرى المرضى، الملف الطبي بشكل عام) وغيره من الواجبات التي يتوجب على الصليب القيام بها.