تعذيب الأسرى جسديا ونفسيا.. معاناة تبدأ بالاعتقال ولا تقف عند التحرر

1427026756-1
المصدر / فلسطين المحتلة_وكالات

تبدأ معاناة الأسير في سجون الاحتلال منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، حيث توضع القيود في اليدين وتعصب الاعين ويعتدى على الأسير بالضرب والشتم أمام عائلته وذويه، ومن ثم تبدأ المرحلة الثانية في غرف التحقيق.

عيونٌ مختبئة خلف أكياس رائحتها نتنة ولا مجال لأي حركة، ربط لليدين والرجلين والرأس معا، أو الجلوس على كرسي لا يصلح لابن ثلاث سنوات والكثير من الأساليب الجسدية والنفسية التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية للضغط على الأسير.

عن اللحظات الأولى من الاعتقال قال الأسير السابق والباحث في شؤون الأسرى ثامر سباعنة، “قسوة الاعتقال تبدأ من أول ساعات اعتقال، خاصة في ظل لجوء الاحتلال الى الاعتقالات الليلية واستخدامهم لأساليب ترهيب وقسوة وتهديد، كانت ساعة الاعتقال الأولى من أصعب المواقف التي مررت بها في حياتي”.

“صحيح أن هذه المرة الخامسة لي في الاعتقال لكنها بنظري كانت الأصعب نفسيا لأن الضغط الجسدي والتعذيب الذي تعرضت له عام 1998 أو 2000 كان أسهل عندي من الضغط النفسي والتهديد باعتقال الزوجة، كذلك وجود أبناء لي تركتهم خلفي لا ادري حالهم”، أضاف سباعنة.

وانتهجت سلطات الاحتلال قبل أكثر من عقد من الزمن أسلوب التعذيب النفسي بشكل أكبر من التعذيب الجسدي، وقد كشفت جهات حقوقية عن أساليب تعذيب نفسية مختلفة منها إصدار أصوات مزعجة، وكذلك المنع من شرب الماء أو التوجه لدورات المياه، أو صراخ مجموعة من المحققين مع بعضهم في أذن الأسير، أو وضعه في زنازين انفرادية وتركه لوقت طويل دون أي جلسة تحقيق.

المسؤول الإعلامي في هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه يذكر أن الاحتلال يعتمد بشكل كبير على التعذيب والضغط النفسي والابتزاز بإحضار الزوجة أو الأم أو الأخت والتلويح بهدم المنزل أو الإبعاد وما إلى ذلك من وسائل للضغط على المعتقلين، ويؤكد أن الاحتلال بات يستخدم أساليب نفسية إضافة إلى الجسدية جديدة لإجبار الأسير على الاعتراف.

وأضاف عبد ربه، ان التعذيب النفسي هو أحد وسائل التي يمارسها المحقق الإسرائيلي اليوم بحق المعتقلين مما يؤثر على الأسير نفسيا، من خلال وضعه في أجواء من الضغط التي لا يحتملها انسان، والدليل على ذلك فيديو الطفل أحمد مناصرة الذي لم يتجاوز 14 عاما.

الأسير السابق عماد أبو الحسن قال، “سجنت في حياتي مرتين المرة الأولى كانت في بداية التسعينيات حيث أن التعذيب كان يركز على الأساليب الجسدية أكثر من النفسية، مثل الشبح والضرب على الوجه والأطراف والأماكن الحساسة، أما الثانية فكانت بعد معركة المخيم أي في 2003 لاحظت تغير ملموس في طرق التعذيب، من خلال تركيزهم على التعذيب النفسي لكن دون إهمال الجانب الجسدي”.

وأضاف ابو الحسن، “ما يميز التحقيق في الفترتين أيضا هو طول مدة التحقيق، حيث أن مدته كانت في السابق من 40 يوما إلى شهرين، لكنها اليوم أصبحت تتجاوز ثلاثة شهور، وهذا يتعب الأسير نفسيا وليس جسديا فقط، فيشعر بأن التحقيق لن تنتهي كما أنه ينقطع عن العالم”.

وعن أسباب تركيز الاحتلال اليوم على التعذيب النفسي أكثر من الجسدي قال الاسير ثامر، “إن التعذيب الجسدي في نظري هو تحدٍ بين الأسير والسجان، وبالتالي يكون هناك روح التحدي والصمود والعناد لكن التحقيق النفسي يؤثر على نفسية ومعنويات الأسير ويدخله في متاهات”.

أما عن استخدام أساليب التعذيب النفسية والجسدية معا حدثنا عماد أبو الحسن عما يعرف بـ “عصافير التعذيب” أو الجواسيس، حيث أخبرنا أنه يتم نقل السجين بعد مرحلة التحقيق إلى غرفة العصافير، أولئك الذين يساعدون الشاباك، من خلال الخداع حينا والتهديد المباشر حينا آخر.

وقال، “لقد عشت ذلك في شهر كانون الأول من سنة 1990 حيث وضعوني في غرفة العصافير لمدة ثلاث أيام، كانوا يزيدون عن 16 عصفور، شبحوني بين سريرين، أذكر ان الكثير اعترف بعد رؤيتي في تلك الحالة دون أن يبالوا أين يذهبون بعد ذلك، لقد كانت أساليبهم أشد قسوة من الشاباك أنفسهم”.

وعن الأثر النفسي للأسرى قال الطبيب النفسي ومدرس الطب النفسي في جامعة الأزهر بغزة فضل عاشور، “كل ما يحدث في عمليات التحقيق من ضغط جسدي ونفسي يهدف لإيصال الفرد والجهاز العصبي لحالة من الارهاق والوهن الشديد، بحيث يصل الإنسان لحالة من الانهيار والسعي للخلاص من الوضع القائم  والإدلاء بالمعلومات  التي يبحثوا عنها”.

وأضاف، “يتم عزل الأسير وتعريض حواسه للضغوطات الشديدة ومنعه من النوم وإطعامه فقط لإبقائه حيا، والصراخ والتوبيخ والإهانة طوال الوقت مع ابقاء طاقة نجاة له، لينتهي كل ذلك من خلال التعاون بإعطاء المعلومات للسجان”.

أما التأثيرات النفسية للأسير بعد خروجه من السجن فقال عاشور، “قد تظل التأثيرات النفسية محصورة عند الاغلبية في لحظات الضغط عليه من خوف وتوتر وإرهاق وتنتهي لاحقا وعند البعض قد تحدث تغيرات في الشخصية كنتائج لذلك وتعرف بقلق ما بعد الصدمة  ويستمر مع الفرد طويلا وربما بقية العمر”.