نماذج عن البطولة الفلسطينية في 2022: العائد من الموت إلى وحدة الساحات

الميادين.png
المصدر / قناة الميادين

مركز حنظلة_فلسطين المحتلة

نودع عام 2022 بين وحدة الساحات ونماذج المقاومة، والعجز الذي يضعنا في صمت أمام نضال الأسرى خلف قضبان السجون..

"أنا بودع شعب بطل عظيم حتى التحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم" الشهيد الأسير ناصر أبو حميد.

بهذه الكلمات ودع الأسير ناصر أبو حميد حلمه بالحرية والحياة، حيث كان يرقد في عيادة سجن الرملة بعد تفشي مرض السرطان في جسده.

تحررت روحه بعد 20 عامًا من الاعتقال، وظل جثمانه محتجزًا في ثلاجات الاحتلال، لا أحد يعلم هل سيدفن ناصر في مقابر الأرقام حتى تنتهي السبع مؤبدات، وهي فترة محكوميته، أم سوف يعانق تراب الوطن.

نودع عام 2022 بين وحدة الساحات ونماذج المقاومة، والعجز الذي يضعنا في صمت أمام نضال الأسرى خلف قضبان السجون.

الناصر ورفاقه الشهداء

التحق ناصر أبو حميد برفاقه الشهداء، في 20 سبتمبر، حيث وصل عدد الأسرى الذين تحتجز سلطات الاحتلال جثامينهم إلى (11 شهيد)، وأقدمهم الأسير الشهيد أنيس دولة المحتجز منذ عام 1980، فيما بلغ عدد الأسرى الذي ارتقوا داخل سجون الاحتلال إلى (5 شهداء) خلال عام 2022، وهم: الشهيد داود زبيدي (40 عامًا) شقيق الأسير زكريا زبيدي من مخيم جنين، ارتقى بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار باتجاهه، ثم جرى اعتقاله واستشهد لاحقًا.

والشهيد محمد عبد حامد (16 عامًا)، من سلود  قضاء رام الله، وقد أطلقت قوات الاحتلال النار صوبه بهدف قتله، واعتقل جريحًا، ثم أعلن عن استشهاده في اليوم التالي، والشهيدة سعدية سالم فرج الله مطر (65 عامًا) من أذنا الخليل، استشهدت في سجن الدامون للنساء نتيجة الإهمال الطبي، والشهيد رفيق رياض غنام (20 عامًا) من بلدة جبع في جنين، اعتقل بعد تعرضه لإطلاق النار ثم أعلن عن استشهاده، والشهيد محمد ماهر العيد "غوادره" (17 عامًا)، استشهد نتيجة إطلاق النار تجاهه، ثم جرى اعتقاله والاعلان عن استشهاده.

وما زالت "إسرائيل" تحتجز 118 شهيدًا، بحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء. وفي ذات السياق، ارتفعت وتيرة المسيرات والوقفات في مدن الضفة المحتلة، للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء، في محاولةٍ لتحريك المياه الراكدة.

سياسة الإهمال الطبي داخل سجون الاحتلال

إن قصة الشهيد ناصر أبو حميد، تلتقي مع قصص الأسرى الذين يعانون من سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال، وخلال عام 2022، وصل عدد الأسرى المرضى مع نهاية آيار إلى (500) أسير، من بينهم 70 حالة مرضية مستعصية بحاجة للعلاج الدائم والمتابعة والرعاية الصحية، لا سيما الأسرى المصابين بمرض السرطان والأورام وعددهم (22) أسير، في حين بلغ عدد الأسرى الذين يعانون من أمراض الكلى (11) أسيرًا، إلى جانب (38) أسيراً من ذوي الإعاقة الجسدية والنفسية والبصرية، منهم 8 أسرى يعانون من شلل نصفي أو إعاقات حركية.

"الفدائي طبعه الفداء.. حتى النخاع"

في 18 كانون الأول، أعلنت سناء دقة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن إصابة زوجها الأسير وليد دقة بمرض التليف النقوس وهو سرطان نادر ويصيب العظم، في الوقت الذي تنتظر فيه فلسطين تحرر من حررّ القلم والورقة ونشرّ الوعي بين الأسرى، ونقل وجعهم إلى العالم الخارجي، صدم الخبر محبي دقة بشكل شخصي والشعب الفلسطيني، ومن المفترض أن يرى دقة الحرية بعد 3 أشهر، وبذلك يكون قد أنهى 35 عامًا داخل قضبان المعتقل وبمحصلة 4 كتب فكرية، كان آخرها حكاية سر السيف.

وقد وصف الدكتور في جامعة بيرزيت عبد الرحيم الشيخ، صديق الأسيرين وليد دقة وزكريا زبيدي، تقدم الأسير زكريا طلبًا مستعجلًا من إدارة مصلحة السجون بالتبرع بنخاعه الشوكي للأسير وليد، قائلًا: "الفدائي طبعه الفداء.. حتى النخاع".

يعتبر السجن سياسة عقاب وردع بحق الفلسطينيين، ومشهديه للتعذيب النفسي والجسدي، تحاول "إسرائيل" تعميمها أمام الشعب الفلسطيني، ولكن بالرغم من سياسات الموت البطيء داخل سجون الاحتلال، إلا أن الفلسطيني يقاوم، وفي كل مرحلة وتظهر آليات وسبل للمقاومة جديدة، كما نموذج مجموعة عرين الأسود.

حارة الياسمين وعرين الأسود

ظهرت مجموعة عرين الأسود لأول مرة بتاريخ 2 أيلول/ سبتمبر من عام 2022، بعد 40 يومًا من اغتيال الشهيدين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح ومؤسسا مجموعة عرين الأسود، وخلال تأبين الشهيدين العزيزي وصبح، أعلن العرين عن الانطلاقة من حارة الياسمين في البلدة القديمة في نابلس عبر بيان يعبر عن توجهاتهم السياسية والوطنية، ويؤكد على المقاومة والتمسك بالبندقية، وهو ما بدا ظاهرًا من خلال عمليات المجموعة التي استهدفت مواقع عسكرية "إسرائيلية" وحواجز ونقاطًا محيطة في مدينة نابلس.

نموذج عرين الأسود ضمّ شبان من مختلف الفصائل الفلسطينية، تحت مبدأ المقاومة المسلحة، وأعاد زمن الانتفاضة الفلسطينية المسلحة، ولامست وعي الشباب الفلسطيني، الذي ولد بعد "أوسلو" والاتفاقيات التي حاولت كسر روح النضال لدى الشعب الفلسطيني، فالجيل الذي ضمه عرين الأسود كأمثال الشهيد إبراهيم النابلسي ابن الثامنة عشر ربيعًا أكد على فشل المسار السياسي والمفاوضات مع الاحتلال.

راهنت "إسرائيل" بالقضاء على عرين الأسود، وشرعت باغتيال أبرز قادتهم، وهم: محمد الدخيل، ادهم مبروكة، أشرف المبسلط، تامر الكيلاني، وديع الحوح، إبراهيم النابلسي، سائد الكوني، مشغل بغدادي، محمد حرز الله.

أبرز العمليات الفدائية والفردية خلال عام 2022

نشرت صحيفة" إسرائيل تايمز" نقلًا عن جيش الاحتلال، بأن عدد القتلى "الإسرائيليين" خلال عام 2022 بلغ 32، وهو الرقم الأعلى نسبيًا منذ عام 2005، ولكن تتحفظ "إسرائيل" بعد كل عملية للمقاومة بنشر الأرقام الصحيحة فيما يتعلق بعدد القتلى "الإسرائيليين".

كما ورد في ذات الصحيفة، بأن جيش الاحتلال شنَّ حملة اعتقالات واسعة في الضفة المحتلة، تزامنًا مع حالة المقاوم الذي بثتها عرين الأسود ومعركة وحدة الساحات، فيما وصل عدد المعتقلين إلى 2500 معتقل منذ أواخر أذار/ مارس، وأضافت الصحيفة بأن عدد العمليات الفدائية المتوقعة، والتي لم تحدث، وصلت إلى 281 عملية فدائية.

فيما يلي، أبرز العمليات البطولية والفردية خلال عام 2022:

  • عملية "ديزنغوف"، وأدت إلى مقتل 3 "إسرائيليين"، ومنفذها الشهيد رعد حازم (29 ربيعًا) من جنين.
  • عملية "بن براك"، وأدت إلى مقتل 5 "إسرائيليين"، ومنفذها الشهيد ضياء حمارشة (25 عامًا) من بلدة يعبد جنوب جنين.
  • عملية "الخضيرة"، وقتل فيها "إسرائيليّين"، ونفذها الشهيدين ابراهيم وأيمن اغبارية من بلدة أم الفحم.
  • عملية "بئر السبع"، وأسفرت عن مقتل 3 "إسرائيليين"، ونفذها الشهيد محمد أبو القيعان (24 عامًا) من بلدة حورة النقب.
  • عملية "حاجز شعفاط"، وأسفرت عن مقتل مجندة "إسرائيلية"، ومنفذها الشهيد عدي التميمي (23 عامًا) من مخيم شعفاط.

عدي التميمي: العائد من الموت

طارد الشهيد عدي التميمي ابن الـ 23 ربيعًا، منظومة الاحتلال على مدار 12 يومًا، وكسر اسطورة الأمن "الإسرائيلية"، تسلح التميمي بالوعي الأمني، بعد أن نفذ عملية إطلاق نار عند حاجز شعفاط في القدس، والتي أدت إلى مقتل مستوطنة "إسرائيلية"، وبناءً عليه نشر الاحتلال قواته وضخ ميزانيته في البحث عنه، وفرض حصارًا مدته 5 أيام على منطقة مخيم شعفاط، التي ينتمي لها الشهيد، بالإضافة إلى بلدة عناتا المجاورة لمخيم شعفاط. وفي ذات الوقت، ظهر الإسناد والتضامن مع المطارد التميمي من قِبل شبان مدينة القدس، بعد أن قام الاحتلال بنشر صوره، حيث بدأ الشبان بحلق شعرهم لتمويه الاحتلال وتضليل البحث عن المطارد.

ظهر عدي التميمي للمرة الثانية، باشتباك مسلح عند حاجز "معاليه أدوميم" ليرتقي شهيدًا في التاسع عشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 2022.

شيرين أبو عاقلة: صوت فلسطين

"ليس سهلًا ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم"، الصحفية شيرين أبو عاقلة.

ارتقت الصحفية شيرين أبو عاقلة في الحادي عشر من أيار/مايو، بعد أن أصابها جنود الاحتلال بعيارٍ ناري بشكل مباشر، أثناء تغطيتها لاقتحام مخيم جنين، وكانت الشهيدة أبو عاقلة قد أمضت 25 عامًا في مجال الإعلام، وعرفت بصوتها واسمها الذي كان حاضرًا في كل بيت فلسطيني خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

إن نماذج المقاومة الفلسطينية، لا تُمحى، بل يخلدها التاريخ، وتستند عليها الأجيال الفلسطينية في النضال المستمر ضد الاحتلال، بأساليب ذات فاعلية أكثر وأنجع، وتؤكد على خيار المقاومة المسلحة.