أدب السجون.. فلسطين والتجربة الابداعية

أدب السجون.jpg

مركز حنظلة_غزة

(ب)

الدعوة عامة

مرةً أخرى يثور النقاش محتدماً حول فكرة الأدب في السجون الصهيونية، والتجربة الإبداعية المستمرة للأسرى منذ عقود، فيعلو أصحاب الرأي الذين يعتقدون أن الكتابة متنفس للأسير، وهم محقون بذلك، إذا كانت الكتابة بحد ذاتها مجردة، والكتابة من أجل الكتابة، ولا تحمل فوق رأس القلم قضية من أضخم القضايا وأعمقها؛ فالكتابة هنا تصبح رسالة تحمل في طياتها أنبل قضية معاصرة، لتختبئ خلف كلِ حرفٍ دمعة وآه، وابتسامة، وأمل، وحرية، وانكسار، ويأس، ليصبح كل حرف بمثابة رسالة وقصة ورواية، وملحمة، فيعلو تارة الرأي القائل أن أدب السجون في فلسطين عليه أن يحمل تجربة غنية لا تمتلكها الشعوب الأخرى، تجربة الحركة الفلسطينية الأسيرة عموماً، وأسراها الأفراد خصوصاً، وتنقلها إلى العالم، بمعنى أن أدب السجون في فلسطين عليه أن يكون بمستوى الأدب العالمي، لا أقل من ذلك بحرف حتى نستطيع نقل التجربة والرسالة متعددة الأهداف.

هذا الأدب المأمول بحاجة لنقدٍ من مستوى رفيع وراقٍ وقاسٍ، لا نقد مجاملة، ونقد الدعم والتأييد، مهمة النقد الأدبي لأدب السجون، هي ترقية هذا الأدب لتقديمه إلى العالم، لا أقل. وإخراجه من دائرة الاحتفاليات لتقديمه إلى العالم، فنحن لا نستهدف تقديم تجربتنا (الشعب الفلسطيني) الذي يعتبر شعب أسير، أمضى حياته أسيراً، أكثر من مليون فلسطيني أسير من بينهم 26 ألف امرأة وفتاة، ومئات الأطفال والطفلات، وفي بعض الحالات عائلات كأن يكون أب وابنائه الأربعة يقطنون زنزانة واحدة!

فالأدب الأسير، إذن هو رسالة تحتاج أن تصل إلى آذان ومسامع وعيون العالم عبر المنافسة في الأداء الراقي والرفيع أولاً، والذي نعيد التأكيد أنه يحتاج لورشات من البحث والنقد والتوجيه والتصويب، وثانياً إلى ورشة من النشر والترجمة. وهذا لا يتحقق إلا عبر التواصل أو التراسل بين الأسرى والأدباء والكُتاّب والنقاد والمبدعين الفلسطينيين والعرب والعالم، لتتلاقح أفكارهم وأقلامهم وأحرفهم عبر المزيد من ضخ الكتب للسجون، وتوجيه القراءات، وعبر المزيد من النقد والتواصل. كل ذلك بحاجة لبعض الجهد من الُكتّاب والنقاد لأن يأخذوا على عاتقهم هذه الفكرة، وهنالك بالحقيقة النافذة مركز حنظلة التي يمكن أن تصل ولو مؤقتاً إلى الأسرى، فاستغلالها واجب. 

وضرورة أن يقوم المهتمين بإخضاع الأسرى للنقد؛ فإيصال النقد لأصحابه أمر مهم وممكن، وهو متاح عبر التجربة الإعلامية للأسرى أنفسهم، وعبر مركز موقع حنظلة الذي يدار من داخل السجون، وتصل عبره الرسائل، وهو متاح لكل مبادر، فالأسرى لا يألون جهداً في محاولاتهم الإبداعية، الرواية، الشعر، القصة والأدب كما في مجال المقالة، والبحث في السياسة والأدب والتحليل، والرأي، وفي الإعلام وفي كافة المجالات، وعلى ذلك أصبح لزاماً أن تُرد المبادرة عبر الكُتاّب والأدباء والشعراء والإعلاميين... الخ، بقراءةٍ ونقدٍ وتوجيهٍ وتثمينٍ، ومحاججة الأسرى بكتاباتهم حتى يرتقوا بأدائهم إلى المستوى المطلوب.

وختاماً، نحن لا نقلل جهد العديد من الُكتاّب والمهتمين والمبدعين الذين يقدمون المساعدة بل وينشدونها، كالعديد من دور النشر والمهمتين من أمثال المحامي حسن عبادي، والروائية أسماء أبو عياش، والناقد رائد الحواري، وفراس الحاج محمد، والكثير من الكُتاّب والأدباء والإعلاميين العرب والمتخصصين في شؤون الأسرى كالباحث عبد الناصر فروانة وغيره أو الناشطين في جمعيات ومؤسسات الأسرى المختلفة، ولكننا بحاجة لأن تصبح هذه الجهود ظاهرة، ذلك أن تعزيز أدب السجون هو الأساس، بل هو مخزون الرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الصهيونية.

إدارة مركز حنظلة