حنظلة النافذة وفكرة السجن

نافذة في سجون الاحتلال.jpg

مركز حنظلة_غزة

 

(أ)

الدعوة عامة

تمتاز المرحلة الحالية في واقع السجون في قدرة الأسرى على فتح ثغرة في جدار سجنهم كنافذة، تسمح لهم بالإطلالات السريعة والخاطفة على العالم، الذي يرونه يدور بسرعة مقارنةً مع رتابة وقتهم وعالمهم السجين، نافذة وحيز يخرجهم زمنيًا كفقاعة زمنية تذهب بهم بعيدًا إلى هناك، حيث أنتم، يتصفحونكم ويصافحونكم أحيانًا ويلقون التحية، ويقرأونكم، ويتمنون أن تقرأونهم وتكونوا حناجرهم. وصدى صوتهم؛ لتعيدوا لهم جزءًا يسيرًا من ذلك العالم المفقود، الذين يحاولون القبض عليه ولو يسيرًا عبر النوافذ الافتراضية التي خلقتها تكنولوجيا العالم الجديد.

يودون أن يكتبوا فتقرأونهم، وأن تقرؤهم فتكاتبوهم.. أن يشعروا بتلك اللمسة أو الملامسة الإنسانية التي يمكن أن تقرأهم، وتكتبهم وتكاتبهم.. تحييهم.. ترشدهم.. تنصحهم... توجههم.. نستفتيهم.. تسألهم.. ويكونوا للحظاتٍ يدركوا معها أنهم هناك معكم، أو يشغلون حيزًا من تفكيركم ووقتكم واهتمامكم، فيتحرشون بأفكاركم، ببعض الكلمات التي ينثرونها في هذا الفضاء شعراً ونثراً ومقالةً، بل وكل ما يمكن أن يبدعوا به، متأملين أن يسمعوا صدى صوتهم يعود لهم، يحييهم، عبر النافذة أو الكوة المؤقتة المفتوحة والتي يُؤمنّها موقع أو صفحة حنظلة الإعلامية، والتي حتماً ستكسر فكرة السجن القائم على العزل والإهمال والنسيان.

النسيان والذاكرة هو عنوان النقاش الذي دار بالأمس في الزنزانة بين الأسرى الذين ملّوا الرتابة، ومتابعة ما تَيسر من التلفاز، والقراءة، كلًا في طاقته التي يذهب إليها، ليكتشف أسيرًا قصاصةً من رسالةٍ قديمةٍ كان أسيرًا سابقًا قد أفرج عنه بعد أن أمضى أكثر من عشرين عامًا قد كتبها، ووجدها منزوية في صفحاتِ كتابٍ مهملةٍ ومنسية، فيها بعضاً من أفكاره وأحاسيسه ووجدانه، ومخطوطة حب لامرأة أو فتاة أشار إليها بالأحرف الأولى، وسهمًا وقلبًا صغيرًا، قد أكد مرة تلو الأخرى على طوافه بقلمه حتى حفره على الورقة، وغار الخط بعيدًا.

قرأها الأسير، فتأثر بها، وانهمرت دموعه، ذلك أن عالمًا انفتح أمامه وانهمرت أتربة النسيان عن حكاية، عن إنسان فقرر أن يفتح الحكاية من جديد فيرسل قصاصة الورق لصاحبها برسالةٍ مكتوبةٍ، رسالةٍ كلاسيكية تعيده لزمن الرسالة، وتعيد صاحبها إلى فيافي الذاكرة ورفض تصويرها لعله يقرأ سطورنا هنا ويتذكر، لعله هذه يفترضها النافذة حنظلة التي ستوصل ما يدور بخلدنا إليهم من بقايا الذاكرة لتعيد ترميمها لتكتمل الصورة لديكم.. كانت الخلاصة أن عالم الرسائل الكلاسيكي أكثر موثوقية.. فها نحن نرسل آلاف الرسائل دون أن ترتد إلينا كصدى صوت من متابع أو مرسل، أو صحفي أو إعلامي كاتب، روائي.. الخ يخبرنا أننا هناك، نرقد فوق فوهة الشمس نحرسها لكم حتى موعد الحرية، أو يخبرنا عنا لهفة مشاعرنا التي تتطاير نحو الشمس، ونحو المعرفة، التي نود أن تبرقوها لنا عبر النافذة حتى نهزأ من جدران السجن، كذلك الأسير الذي هرب من السجن عبر قصاصةٍ ورقية أزالت السجن، عبر حروف، حب، وقلم، وقصصة وأفكاره ومشاعره.

نعلم أنكم لا تمتلكون شرف القلم والقصاصة، وربما ترف المشاعر والأحاسيس، ولكن تمتلكون ذات النافذة، حنظلة حتى تبرقوا لنا ما تيسر أو لعله ما فاض عن حاجتكم، كي نعود، فالعودة تعني الحرية المشتهاة، البهية، أو الحرية المنتظرة، التي يمكن أن تهربوها لنا.

هذه الدعوة نبرقها علّها حروفًا صغيرة تصلنا كنقراتٍ على هامش الوقت الافتراضي المتاح لكم فَتُعلِمونا وتَعلَموننا.

إدارة مركز حنظلة