كتب الأسير وليد دقة من سجنه ..

الأبوة في الزمن الموازي

48CA2194-4651-46B4-8615-02EBBE79C984.jpeg

كتب الرفيق الأسير وليد دقة المعتقل منذ اكثر من 35 عام من سجنه لطفلته ميلاد والتي تم إنجابها عن طريق النطف المهربة : 

" الأبوة في الزمن الموازي

"للأطفال معتقدات ورب غير معتقدات ورب الكبار، وهم عباد غير كل العباد، ينظرون إلى أعلى فيجدون الوالدين فيعتقدون بأنهم القادرون على كل شيء، فهم من وضعوا النظام الكوني ورتبوا الكواكب وجعلوا الكون على ما هو عليه، ومع ذلك يطالبونهم دون رحمة بالإجابة على كل الأسئلة التي لا يسألها إلا مؤمن تسلل إلى قلبه الشك، متمردون مشاكسون لربهم الرؤوف الرحيم. هذه العلاقة المؤسسة على أن الوالدين كليي القدرة هي مصدر السعادة.
ميلاد.. ميلاد مؤمنة بأمها إيماناً مطلقاً، لكنها متشككة غير واثقة بما تدعوها إليه أمها من دين جديد، فهي لا تستجيب لأمها حين تقول لها " ميلاد.. ميلاد تعالي ماما إحكي مع أبوك.." ترفض رفضاً قاطعاً وتقول: "بديش بوكي.." مع التشديد على أحرف "بديش".
أنا رب أسرة يحاول جاهداً التقرب من معبودته.. أعوي كالذئب وأقلد لها كل أنواع الحيوانات والطيور.. تعلمت الغناء في عمر الواحد والستين لكن عبثاً، فعقلها مصرّ على أن الواقع الإفتراضي في اليوتيوب هو أكثر واقعية من بابا.
بقي للزيارة بضعة أيام، فهي الدقائق القليلة التي أتجسد خلالها بأبعادي الثلاث، أتقرب بها من طفلتي.. تقبّلني من وراء الزجاج الفاصل لأن بابا ما زال ممنوعا من اللمس، تُريني حذاءها الجديد وتُسمعني كلماتها الجديدة التي تعلمتها. أفرح بها وتفرح هي أكثر حين تسمع جرس إنتهاء الزيارة. تصفق بكفيها الصغيرين وتصرخ "عالدار.. عالدار.." تلوّح لي وترسل قبلاتها.. أعود إلى زنزانتي أنتظر الزيارة القادمة وأفكر بوسائل جديدة تقرّبني من طفلتي🌿 "