الأسير الأديب والشاعر كميل أبو حنيش من قلب زنزانته يكتب

حكومة "نتنياهو - غانتس" والانتخابات القادمة، بقلم الأسير الاديب كميل أبو حنيش

حكومة نتنياهو - غانتس والانتخابات القادمة، بقلم الأسير كميل أبو حنيش

أخيرًا تمخضت إسرائيل وولدت حكومة جديدة، اصطلح على تسميتها بحكومة الطوارئ أو حكومة الكورونا، وذلك بعد ثلاث جولات انتخابية صعبة، ومفاوضات ماروثونية مستعصية بين نتنياهو وبين جانتس زعيم حزب أزرق أبيض، الذي تفكك مؤخرًا، وأفضى إلى انتصار كبير لنتنياهو على كافة خصومه السياسيين، هو ما سيسمح له أن يواصل قيادة الدولة لعام ونصف على الأقل.
لقد جاء تفشي فيروس كورونا في العالم بشكل عام وفي إسرائيل على نحو خاص ليخدم نتنياهو، ويخلّصه من ضائقته السياسية، حيث أحسن استخدام تفشي الوباء، ويحوله بطريقة هستيرية بارعة إلى قضية وجودية تهدد مستقبل الدولة، ما لم يسارع الفرقاء السياسيين، لتشكيل حكومة طارئة، لإنقاذ الدولة من الانهيار، وهو ما ساهم في انقسام المعسكر الذي كان يقوده بني غانتس، وأدى في نهاية المطاف إلى تشقق داخل حزب أزرق أبيض، وانهيار معسكر الوسط واليسار، بشكل كامل، وبهذا نجح نتنياهو نجاحًا كبيرًا، في إزاحة وتفكيك هذا المعسكر الذي كان يشكل خطرًا حقيقيًا على مستقبله السياسي وعلى معسكر اليمين الملتف من حوله.
وبعد أن تفكك هذا المعسكر ووقع جانتس في مصيدة نتنياهو، صار بوسعه أن يملي شروطه على جانتس الذي بدا متلهفًا للمشاركة في الحكومة على حساب الشعارات التي بثها في أول انتخابات خاضها قبل عام، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة على مستقبله السياسي، وعلى إمكانية وفاء نتنياهو لالتزاماته الموقعة معه.
وسيحاول نتنياهو تحت غطاء هذه الحكومة واستفحال أزمة تفشي كورونا، كسب المزيد من الوقت للتفرغ لمعالجة قضية محاكمته، واستكمال تمزيق المعسكر المناوئ والحيلولة دون وقوف هذا المعسكر ثانية على قدميه، أو بروز حزب أو معسكر من شأنه أن يهدد بقاءه السياسي، وكسب المزيد من الحلفاء إلى معسكره.
أما وباء الكورونا المتفشي في دولة الاحتلال، فإنه لا يشكل ذلك الضغط الكبير على الحكومة، قياسًا مع دول أخرى، حيث أدارت إسرائيل هذه الأزمة بكفاءة، وبأرقام معقولة في أعداد المصابين والوفيات والخسائر الاقتصادية، إذ أحسن نتنياهو استخدام هذه الأزمة في الضغط على خصومه السياسيين وحجب قضية محاكمته عن الأجندة السياسية والقضائية والإعلامية والجماهيرية ولو إلى حين.

وستتركز جهود نتنياهو في ظل هذه الحكومة على مايلي:
1- كسب الوقت، ومحاولة الإفلات من المحاكمة، من خلال عدد من الإجراءات والتعيينات الخاصة بالمستشار القضائي الجديد، وتعيين القضاة الذين سيتولون محاكمته، ومحاولته المناصرة والضغط لسن قانون في الكنيست يفضي إلى نيله الحصانة، وفي حال لم ينجح سيلجأ إلى فض الحكومة والذهاب إلى انتخابات جديدة خلال عام أو أقل.
2- ضمان توسيع شقة التباعد والخلاف بين غانتس وحلفاءه السابقين في حزب أزرق أبيض والحيلولة دون إعادة هذا التحالف، وضمان عدم تبلور معسكر جديد على أنقاض المعسكر السابق.
3- تعزيز هيمنة حزب الليكود في السلطة، وتدعيم التحالف اليميني القائم والسعي لفوز هذا المعسكر في الانتخابات القادمة من دون اللجوء إلى أحزاب أخرى لتشكيل الإئتلاف الحكومي.
4- السعي لإضعاف حزب إسرائيل بيتنا الذي يقوده ليبرمان، واختراق القاعدة الروسية التي تؤيد الحزب، ومحاولة الضغط لتشكيل حزب جديد ينافس حزب ليبرمان على أصوات اليهود الروس.
5- على صعيد صفقة القرن، سيسعى نتنياهو لضم الأغوار والكتل الاستيطانية وفرض المزيد من الحقائق على الأرض.
6- يسعى نتنياهو بكل إصرار على أن تخرج إسرائيل بأقل الخسائر البشرية والاقتصادية بسبب أزمة الكورونا، وبهذا سيكون لديه ما يقدمه في الانتخابات المقبلة،
وتشير كافة التوقعات إلى أن هذه الحكومة لن تستمر طويلًا وعلى الأغلب ستصمد مدة عام، تكون كافية لنتنياهو لترتيب أوراقه جيدًا، قبل افتعال أية قضية من شأنها أن تقود إلى انتخابات جديدة وحرمان غانتس من تولي رئاسة الحكومة بعد عام ونصف من تولي نتنياهو لرئاستها حسب الاتفاق الأخير.

لقد نجح نتنياهو من دون شك في إضعاف وتفكيك خصومه السياسيين، وأثبت قدرة فائقة في فن البقاء السياسي رغم ما أحاط به من اتهامات وملابسات، وعلى الأرجح فإنه سيتمكن مم الإفلات من المحاكمة، وسيضمن لنفسه حكم إسرائيل لسنوات طويلة، بعد أن نجا من أخطر مرحلة سياسية تعترض طريقه وتهدد بقائه في الحكم.

بقلم الأسير الاديب والشاعر الرفيق: كميل أبو حنيش
سجن ريمون